على "شاطئ السلام" في محافظة قابس جنوب شرقي تونس ومنذ أكثر من 50 عاما، يلقي الُمركب الكيمياوي في قابس ما يقارب ستة عشر طنا من الفسفوجيبس مباشرة في البحر، وقد حوّل محافظة قابس ومنطقة شط السلام بالخصوص من جنة على وجه الأرض إلى كابوس لا يفارقهم. مخلفات ذلك المجمع كارثية على الإنسان والبيئة بعدما زرع فيهم شبح الموت البطيء، حيث لوثت الغازات المنبعثة على مدار اليوم من المجمع، الهواء وأصابت المواطنين بمختلف أعمارهم بالاختناق والأمراض، وهي المسؤولة عن انتشار أمراض تصيب الجهاز التنفسي لسكان الأحياء المحيطة بهذا الموقع.
فريق "مهمة خاصة" انتقل إلى منطقة شط السلام وتقصّى عن أسباب تحوّل منطقة كانت مُصنّفة حتى وقت قريب من قبل منظمة "اليونيسكو" كتراث طبيعي عالمي إلى منطقة ملوّثة. سبّب المجمع أمراضا سرطانية قاتلة انتشرت بين العائلات وحولت حياتهم إلى جحيم، كذلك تزايدت أمراض العقم، وضيق التنفس، إضافة إلى التلوث البيئي الخطير الذي خلفها.
فبعدما كانت تعرف واحات قابس بجودة المنتجات الزراعية كالرمان وأشجار الحناء والواحات المطلة على البحر، بدأت هذه الأشجار بالاندثار تدريجا، منذ تركيز المجمع الكيميائي على أطرافها وفقدت الجزء الأكبر من خصوصيتها.
لم تتوقف مخاطر وكوارث المجمع عند هذا الحد فقد امتد تأثيره إلى أعماق البحار حيث هاجرت مئات الأنواع من الأسماك وتم القضاء على المتبقي منها في خليج قابس وغيّر طبيعة الحياة البيولوجية للثروة السمكية هناك، لتتحول الكارثة من محلية الى كارثة عالمية، تلفظ عشرات السلاحف البحرية أنفاسها، وتنتشر أصدافها على الرمال لتشهد على الموت البطيء الذي تتعرض له الحياة البحرية في خليج يشكل أكبر مصدر للثروات البحرية في البلاد.
