استفتاء تونس: سعيّد يعلن بداية "مرحلة جديدة" والمعارضة تلمح لوقوع "خروقات وعمليات تزوير"


إعلان

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد في خطاب ألقاه الإثنين ليلا أمام مؤيديه في وسط العاصمة، إن البلاد دخلت "مرحلة جديدة" بعد الموافقة شبه المؤكدة على الدستور الذي طرحه على الاستفتاء والذي يعزز صلاحياته ويعمق المخاوف حيال مصير الديمقراطية.

وأضاف سعيّد بأن "ما قام به الشعب درس، أبدع التونسيون في توجيهه للعالم"، مضيفا: "اليوم عبرنا من ضفة إلى أخرى.. من ضفة اليأس والإحباط إلى ضفة الأمل والعمل. وسنحقق هذا بفضل إرادة الشعب والتشريعات التي ستوضع لخدمته". ضمن هذا الشأن، قال سعيّد غداة الاقتراع، إن أول قرار بعد الاستفتاء سيكون وضع قانون انتخابي سيغير شكل الانتخابات القديمة، على حد قوله.

هل تعمد سعيدّ "توجيه الناخبين إلى التصويت بنعم على مشروع دستوره"؟

لكن، ورغم تفاؤل الرئيس التونسي وأنصاره، فقد شهد الاستفتاء من جهة مقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية، التي تخشى عودة البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بالذي كان قائما قبل ثورة 2011. ومن جهة ثانية ارتفاع العزوف الانتخابي مع نسبة مشاركة بلغت 27,54 بالمئة من أصل 9.3 مليون ناخب مسجل وفقا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

كما اتهمت أحزاب معارضة الرئيس التونسي بخرق الصمت الانتخابي على خلفية التصريح الذي أدلى به بعد إدلائه بصوته في الاستفتاء، حسب مراسل فرانس24 في تونس نور الدين مباركي، الذي لفت إلى بيان حركة النهضة التي قالت إن سعيدّ تعمد "توجيه الناخبين إلى التصويت بنعم على مشروع دستوره الذي أطال في مدحه، مقابل تهجمه على معارضيه". واعتبر الحزب الإسلامي ذلك "خرقا واضحا لفترة الصمت الانتخابي".

من جهتها، قالت أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري وحزب العمال والقطب في بيان مشترك إن سعيّد توجه "في انتهاك صارخ للصمت الانتخابي" بكلمة دعائية لصالح مشروعه على الاستفتاء، وقد تم بث هذه الكلمة المطولة في القناة الرسمية.

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستدرس كل "ما يمثل خرقا أو مخالفة أو جريمة"

وألمح الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي إلى حدوث " تزوير" خلال الاستفتاء. وقال الشواشي في فيس بوك مساء الإثنين: "بالرغم من التزوير والخزعبلات والدجل وتوظيف وسائل الدولة والإعلام العمومي 75٪ من التونسيات والتونسيين قاطعوا الاستفتاء وقالوا لا لدستور سعيّد".

في المقابل، أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على لسان المتحدث الرسمي باسمها محمد التليلي منصري أن مجلس الهيئة "سيدرس كل التصريحات ويتابعها ويبت فيها." مضيفا: "هناك نوع للخروقات وفي مجلس الهيئة ليس لنا أي إشكال لنقول أنه يمثل خرقا أو مخالفة أو جريمة.. سندرس كل شيء".

فكيف يمكن قراءة ضعف نسبة المشاركة؟ لماذا يريد سعيّد وضع قانون انتخابي جديد؟ ما أهمية الاتهامات الصادرة عن أحزاب معارضة بحدوث "تزوير" وماذا عن اتهام سعيّد بخرق الصمت الانتخابي وما رد هيئة الانتخابات؟ فرانس24 اتصلت بأستاذة القانون العام هناء بن عبدة، ورئيس التحرير المساعد بصحيفة المغرب التونسية حسان العيادي، وأيضا المحلل السياسي والباحث الجامعي في القضايا الاستراتيجية علية العلاني، ورصدت أجوبتهم في ما يلي:

  • ما هي أسباب ضعف نسبة المشاركة؟

أشار حسان العيادي، وهو رئيس تحرير مساعد بصحيفة المغرب إلى أن المقاطعين لهذا الاستفتاء هم أشخاص تبنوا موقفا سياسيا يرفض هذا المسار برمته. وقال ههنا: "يمكن أن نتحدث عن نسبة مشاركة ضعيفة أيضا محرجة للرئيس الذي يقول إنه جاء لينفذ إرادة الشعب، لكن تبين أن هذا الشعب أصبح ثلاثة شعوب أو حتى أكثر: شعب الرئيس الذي صوت بنعم، وشعب المقاطعين. ليس هناك انقسام داخلي لكن وضع سياسي مختلف لا يمكن للرئيس أن يتحدث الآن بنفس نبرة القوة والثقة كالسابق".

من جهتها، قالت هناء بن عبدة أستاذة القانون العام: "اختار رئيس الجمهورية التسجيل الآلي لجميع المواطنين الذين يملكون بطاقة وطنية (بطاقة الهوية)، بدلا عن التسجيل الطوعي كما في السابق، وهو ما أدى إلى أن السجل الانتخابي شهد زيادة بمليوني ناخب. منذ 2011 إلى 2019 لم تقل نسبة المشاركة في الانتخابات سواء التشريعية والرئاسية والبلدية عن 42 و41 بالمئة، حتى إنها بلغت حوالي 60 بالمئة خلال انتخابات المجلس التأسيسي الذي قام بوضع الدستور الجديد عام 2014.

وتابعت: "كانت أقل نسبة في 2019 إذ كان المشهد السياسي متأزما وبلغت 41 بالمئة.. ما حصل مع هذا الاستفتاء هو أن هناك مجموعة من المقاطعين تسمى المقاطعة النشيطة من الأحزاب السياسية وتقدر تقريبا بحوالي 21 بالمئة. هناك أيضا العزوف الذي بلغ 54 بالمئة والذي نعهده في كل الانتخابات. فزيادة عن العزوف الانتخابي نجد المقاطعة، وبالتالي نفسر تدني نسبة المشاركة أولا بقضية السجل الانتخابي الذي أُضيف له مليونا ناخب وهذا أدى بالضرورة إلى قلة نسبة المشاركة مقارنة مع السابق. أما بخصوص العزوف، هناك المقاطعة النشيطة للأحزاب التي لم تقم بالحملة الانتخابية وقررت عدم المشاركة في الاستفتاء".

ولفتت بن عبدة: "وفقا للقانون التونسي لا تُقبل نتائج الاستفتاء المحلي إلا إذا بلغت نسبة المشاركة فيه 30 بالمئة، بينما في الاستفتاء الوطني لا توجد أي نسبة دنيا للمشاركة لقبول نتائجه. فمن الناحية القانونية ستشكل هذه الوثيقة دستورا جديدا للجمهورية. لكن من الناحية المشروعية، هل حصل الرئيس على ما يريده من خلال هذا الاستفتاء؟ لا أظن ذلك لأن تقريبا 2.4 مليونا شاركوا في هذا الاستفتاء، منهم 8 بالمئة قالوا ‘لا‘ و22 بالمئة قالوا ‘نعم‘، هذا لا يتجاوز ما حصل عليه هو نفسه في الانتخابات الرئاسية الماضية 2.8 مليونا من التونسيين، بالتالي من الناحية المشروعية لا أظن الاستفتاء حقق ما يريده الرئيس. فهو ما يفسر قوله لأنصاره بعد الاستفتاء ألا يهتموا بالأرقام، وأنه لو كان تم تنظيم الاستفتاء على يومين لكانت نسبة المشاركة أعلى".

في المقابل، قال المحلل السياسي د.علية العلاني إن سبب ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء ليست حكرا على تونس، ومرده "العامل المناخي المتزامن مع ارتفاع شديد للحرارة، والعامل الاقتصادي حيث جعل غلاء الأسعار وارتفاع نسبة التضخم والبطالة شريحة هامة من الشباب لا تتحمس للذهاب للإدلاء بصوتها. لكن مشاركة 2.5 مليون ناخب في ظل هذه الأوضاع المتأزمة تؤكد أنه ما زال هناك تمسك بالآليات الديمقراطية، مع العلم بأن أكثر من 90 بالمئة ممن صوت بنعم لصالح الدستور هو رسالة واضحة للرئيس سعيّد للإسراع بإجراءات اقتصادية مستعجلة وأيضا لمحاربة الفساد بأكثر نجاعة واسترجاع ولو لجزء من الأموال المنهوبة. فإذا نجح الرئيس في ذلك فإن أسهمه ستكون مرتفعة في الانتخابات التشريعية المقبلة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 وكذلك في الانتخابات الرئاسية التي لم يحدد موعدها بعد".

  • لماذا يريد سعيّد وضع قانون انتخابي جديد؟

قال حسان العيادي إن "الرئيس يريد وضع قانون انتخابي جديد لأن لديه تصور محدد والقانون الانتخابي هو الأداة التي يراهن عليها إضافة إلى الدستور حتى يتمكن من حسم الأمر في معركته مع الأحزاب وإنهائها كليا".

وأشارت هناء بن عبدة إلى أن "القانون الانتخابي هو الآلية الحقيقية للحكم وليس فقط الدستور"، وأضافت: "النص التطبيقي لمشروع رئيس الجمهورية هو القانون الانتخابي، وهو يريد قانون انتخاب على الأشخاص، الأفراد، من خلال دوائر صغيرة جدا.. وأهم شيء بالنسبة له من أجل تمرير مشروعه هو القانون الانتخابي، حيث سنتحول من نظام الاقتراع على القائمات إلى نظام الاقتراع على الأفراد، وهذا لديه عواقب وخيمة على مشاركة عدة فئات مثل النساء والشباب، وأيضا مشكلة المال السياسي الذي يميز التصويت على الأفراد، والوجاهة الجهوية في المناطق وهي مالية وقبلية".

من جهته، يرى د. علية العلاني أن "الرئيس سعيّد يريد قانونا جديدا للانتخابات لثلاثة أسباب، أولها أن القانون الانتخابي هو أهم ركيزة للديمقراطية، ويرى سعيّد أن النظام الحالي لا يؤسس لديمقراطية حقيقية، بل يخدم فقط اللوبيات المالية والحزبية، ويسمح القانون الحالي بالسياحة الحزبية أي لمن يدفع أكثر وليس لمن يقدم القوانين التشريعية. السبب الثاني: المرجح أن يعرض الرئيس قانونا جديدا يقوم على الانتخاب على الأفراد في دورتين، بما يجعل التمثيل حقيقي ويقطع مع السياحة الحزبية ويجبر النائب على الالتصاق بدائرته وبهمومها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. السبب الثالث: إمكانية محاسبة مبكرة للنائب البرلماني قبل الانتخابات الموالية ما يؤدي إلى سحب الثقة منه إذا ما أخل بالتزاماته تجاه دائرته الانتخابية. مع الملاحظة أن النائب البرلماني في الدستور الجديد مطالب بالتفرغ لعمله البرلماني وعدم تقلد وظائف أخرى".

  • ماذا عن الاتهامات بحصول "تزوير" وخرق الصمت الانتخابي؟

أوضح حسان العيادي رئيس التحرير المساعد بصحيفة المغرب بأنه وفيما يخص المعارضين الذين قالوا إن الاقتراع شابه التزوير ونددوا أيضا بـ "خروقات" سعيّد خلال الاستفتاء، فإن "هذه التصريحات هدفها فقط الضغط على الرئيس. فاليوم وعلى الأرض تحاول المعارضة أن تزيد الضغط عليه لإخراجه من مجال الرفاهية التي كان يتمتع بها والتي كانت تظهره كرجل قوي".

من جهتها، نوهت أستاذة القانون العام هناء بن عبدة: "لم تكشف المنظمات التي راقبت الاستفتاء عن أي دليل على حدوث تزوير، ويجب التفريق بين التزوير الذي يعتبر من الجرائم الانتخابية وبين الخروقات. أما التصريحات التي قالت إن هناك تزوير فهي سياسية فقط. ما حدث هو أن هناك خرق انتخابي حين مرر التلفزيون الوطني خطاب الرئيس لأن هيئة السمعي البصري قامت بالتنبيه واعتبرت أن بث الخطاب مباشرة كان خرقا للصمت الانتخابي. أما على مستوى هيئة الانتخابات فلا بد أن نعلم أن رئيس الجمهورية ليس طرفا في الحملة، لكن يمكن تأويل النص الحالي بالقول إن ما قام به يؤثر على التصويت وبالتالي يعتبر مخالفة. يمكن أن يعاقب أي شخص في حال خرق الصمت الانتخابي، والذي تتراوح عقوبته ما بين ثلاثة آلاف و20 ألف دينار، وهناك مسار آخر في حال كان الخرق الانتخابي قد أثر على النتائج وهذا يخضع إلى السلطة التقديرية للهيئة".

لكن الباحث في القضايا الإستراتيجية د. علية العلاني يرى بأن "الاتهامات بالتزوير والخروقات موجودة ولكنها لحد الآن في رأي هيئة الانتخابات لا ترتقي للخروقات الجسيمة، لكن لا بد من أخذ العبرة منها".

أمين زرواطي

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

Download_on_the_App_Store_Badge_AR_RGB_blk_102417
تاريخ الخبر: 2022-07-26 21:16:20
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 96%

آخر الأخبار حول العالم

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية