ومتلازمة المحتال تظهر حينما يصف شخص نفسه بأنه لا يستحقّ نجاحه، أو أنه حصل عليه من قبيل الصدفة، ويعتوره دائماً شعور بعدم الاستحقاق، وغالباً ما يشكّك في نفسه رغم إنجازاته الواضحة. في تلك الحالة يكون مصاباً بمتلازمة المحتال.

ويعاني "المحتال" الشك الذاتي المزمن والشعور بالاحتيال الفكري الذي يتجاوز أي شعور بالنجاح أو إثبات خارجي لكفاءتهم، وتراودهم مجموعة من مشاعر عدم الكفاءة التي تستمر على الرغم من النجاح.

وليس لديهم القدرة على الاعتقاد بأن نجاحهم مستحَقّ نتيجة لعملهم الجادّ وأنهم يمتلكون مهارات وقدرات وخبرات متميزة. بدلاً من ذلك يميلون إلى الاعتقاد بأن ما وصلوا إليه من نجاحات كان نتيجة وسائل أخرى مثل الحظ أو مساعدة الأخرين.

خصائص متلازمة المحتال

لتحديد العلامات التي تدل على إصابة شخص ما بمتلازمة المحتال بعض الخصائص المشتركة، منها: عدم الثقة بالنفس، وعدم القدرة على تقييم الكفاءة والمهارة الشخصية واقعيّاً، وإسناد النجاح الشخصي إلى عوامل خارجية أو أشخاص آخرين، والخوف من عدم الارتقاء إلى مستوى التوقعات، وتخريب النجاح. وأخيراً، تحديد أهداف صعبة للغاية والشعور بخيبة الأمل عند التقصير

لماذا تُعَدّ هذه المتلازمة أكثر انتشاراً بين النساء؟

لم يُصَغْ مصطلح "متلازمة المحتال" حتى عام 1978 إذ صاغه عالِما النفس الأمريكيان بولين كلانس وسوزان إيمز، وطُبّق أساساً على النساء ذوات الإنجازات العالية، حتى أصبح من الطبيعي افتراض أن النساء يشعرن به دائماً على عكس الرجال.

إذ يميل البعض في بيئات العمل إلى الحكم على أداء النساء بأنه أسوأ مما هو عليه في الواقع، بينما يحكم الرجال على أدائهم بأنه أفضل، حتى أصبحت النساء أنفسهن يحكمن على أدائهن بأنه سيئ.

ويرى الخبراء أن النساء يعانين متلازمة المحتال لعدم وجود عديد من الأمثلة من نساء أخريات ينجحن بوضوح في مجالات محددة.

وتصبح الإصابة بمتلازمة المحتال أكثر وضوحاً عند فئات محددة من النساء المنتميات إلى خلفيات اجتماعية أو عرقية أو دينية تتعرض دائماً للاضطهاد المنهجي أو تُخبَر بشكل مباشر أو غير مباشر طوال حياتها بأنها أقلّ من النجاح، حينها تقلّل نجاحها وتشكّك في نفسها حتى عندما تفعل كل الأشياء الصحيحة.

أجور أقلّ وعمل أكثر

يؤثّر الشعور بهذه المتلازمة في المرأة، فتعتقد أنها لا تستحق النجاح ولا تستحق الفرص المتاحة لها، فتعطّل نفسها في السلم الوظيفي من خلال الابتعاد عن دائرة الضوء أو الامتناع عن التطوع في المشاريع عالية المخاطر أو رفض الاعتراف بإنجازاتها في العمل.

يدفعهن ذلك أيضاً إلى القبول بأجور أقلّ من الرجال رغم أدائهن نفس الوظائف، ولا يتفاوضن أبداً على أجورهن خوفاً من الرفض أو التسريح من العمل.

تؤثّر متلازمة المحتال أيضاً في النساء بشكل آخر، إذ يسعين إلى الكمال وإنجاز كل شيء بأنفسهن، وفي خلال رحلتهن للبحث عن الكمال يتحولن إلى مدمنات عمل، نادراً ما يأخذن عطلة أو حتى يفكرن في الراحة والاسترخاء.

وعندما لا تتحقق الأهداف، أو لا تزال المرأة تشعر بأنها لا تستحق، يمكن أن يتحول ذلك إلى حلقة من الشك الذاتي، والمراقبة الذاتية المستمرة، ومقارنة نفسها كثيراً بزملاء العمل، الأمر الذي يضر بالصحة العقلية والنفسية لها، حتى إن العلامات التحذيرية للاكتئاب التي تشمل الشعور بانعدام القيمة، وفقدان الاهتمام والمتعة من الهوايات، وصعوبة التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات يمكن أن يرتبط بشكل ما بمتلازمة المحتال.

طرق التغلب على متلازمة المحتال

تعاني 75% من النساء في المناصب القيادية من متلازمة المحتال خلال رحلاتهن المهنية، ويتضخّم هذا الشعور إذا كانت المرأة من عرق أو دين أو خلفية اجتماعية أقل.

للتغلب على ذلك الشعور عدد من الطرق، منها: أولاً الاعتراف بالمشاعر التي غالبا ما تتشكل بفعل عوامل خارجية وداخلية، بخاصة أن الشخص يكون أسوأ منتقدي نفسه، ويتعامل بقسوة مع نفسه بلا داعٍ، ويؤثر في تقديره لذاته.

ثانياً ضرورة تدوين المنجزات، والابتعاد عن التركيز على السلبيات. ستساعد تلك الإنجازات في الفترات التي تشعر فيها المرأة بعدم الثقة. وهنا حين تعود لقراءة تلك الإنجازات ستدفعك إلى الأمام.

ثالثاً ضرورة التخلي عن عقلية الكمال، وإدراك أن الأخطاء جزء من الطبيعة البشرية، وأن الشخص يتعلم ويتعثر، والجميع يرتكب الأخطاء.

الخطوة الرابعة إنشاء نظام دعم، سواء في العمل أو في الخارج، لتوفير مساحة آمنة. فمن المهمّ جدّاً وجود مجموعة دعم يمكنها المساعدة خلال اللحظات الصعبة.



TRT عربي