روشتة الاختيار فى مهرجانات المسرح

مع كل دورة من دورات المهرجان القومى للمسرح يُثار جدل واسع حول اختيار اللجان الفنية، والعروض المشاركة والفائزة، إلى جانب المُكرّمين.

وفى كل مرة يُثار فيها هذا التساؤل تتعدد وتتباين الآراء، ويتولد جدل لا يفضى إلى شىء فى النهاية، لذلك توجهت «الدستور» إلى عدد من المتخصصين لمعرفة المعايير والضوابط العامة التى يمكن أن يستعين بها كل المهرجانات فى هذا الاختيار، وذلك بهدف تأسيس دليل إرشادى يساعد مسئولى المهرجانات المحلية والدولية فى عملهم.

 معايير اللجان

لتحديد معايير اختيار اللجان الفنية كان علينا فى البداية أن نطرح سؤالًا حول آلية تشكيل تلك اللجان، مثل لجان اختيار العروض، ولجان التحكيم، ولجان الندوات، فهل هناك معايير يجرى بموجبها اختيار أعضاء تلك اللجان؟

عن ذلك تقول المخرجة والممثلة عبير لطفى، رئيسة مهرجان إيزيس الدولى لمسرح المرأة، إن «معايير اختيار اللجان الفنية فى المهرجانات، من وجهة نظرى، هى أن يكون أعضاؤها أشخاصًا عاملين فى المجال الفنى الذى ينتمى له المهرجان، وأن تكون تخصصاتهم متنوعة».

وأضافت: «يراعى كذلك البعد الجغرافى، فإذا كان المهرجان محليًا يكون كل أعضاء اللجنة من بلد المهرجان، وإن كان دوليًا يكون الأعضاء من بلدان عدة، وفى مهرجانات الثقافة الجماهيرية يكون الأعضاء من مختلف المحافظات».

وشددت على ضرورة أن يكون الأعضاء على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة والثقافة والاطلاع، كل فى تخصصه، ويجب أن يكونوا مواكبين التطور فى الحركة الفنية التى ينتمون إليها، ومشهودًا لهم بالنزاهة والبعد عن الأهواء الشخصية.

وعن ذات العنصر، قالت الدكتورة دينا أمين، رئيس قسم المسرح بالجامعة الأمريكية المدير الأسبق للمهرجان التجريبى، إن التخصص العلمى ضرورى، وكذلك التمثيل المتنوع للجيل والجندر والنوع الفنى وجهات الإنتاج، مع ضرورة إدماج المتخصصين من خارج مؤسسات الدولة. 

تكريم من يستحق

عن معايير اختيار المكرّمين، عرّفت الدراماتورج والمخرجة عبير على، مدير مهرجان إيزيس، التكريم بأنه الاحتفاء بالمبدع بعد رصد ومتابعة وتقييم مسيرته الإبداعية وتأثيرها الجمالى.

وأوضحت أن «أهم المعايير الخاصة باختيار المكرّمين هى كم الإنتاج الذى قدمه المكرّم، ومحتوى المنتج الفنى، وحجم متابعة الحركة النقدية له، ومدى تأثير منتجه على المجتمع، جماليًا وفكريًا».

وحول إمكانية تكريم مبدعين لديهم منتج مميز وغزير، ولكن تجربتهم ليست ممتدة، قالت عبير على: «لكل قاعدة استثناء، ومن الممكن أن يكون المبدع قد قدم منتجًا غزيرًا ومسيرته الإبداعية قصيرة، ولكنه حقق فى تلك المسيرة نقلات استثنائية، وفى هذه الحالة فهو يستحق التكريم، وفى مرحلة التصفية لاختيار المكرمين قد يكون عدد المكرمين كبيرًا وأكثر من المطلوب، ونحتاج لاختيار مكرم واحد، وفى هذه الحالة يكون العنصر الحاسم هو متوسط درجات المعايير».

ورأى الناقد أحمد خميس الحكيم أنه «حينما نكرّم شخصًا ما فى مجاله، فنحن نعترف له بالريادة والعطاء والإخلاص، ونعرف تمامًا منجزه الذى أثرى به المجال ونفهم حدود عمله، هكذا أفهم التكريم».

وأضاف «الحكيم»: «فى أحد الاحتفالات التى يقيمها المسئولون عن المسرح المصرى، وقفت ممثلة لها تاريخ طيب وأكدت أنها كُرّمت من نفس المكان أكثر من مرة، وتعتز بذلك التكريم، الأمر الذى صدم الحضور وسبّب حرجًا كبيرًا للمسئولين، إذ تبين أنهم لم يهتموا بمراجعة جداول التكريم ليعرفوا أين يقفون ومن يجب تكريمه ولماذا».

وواصل: «فى مرة قريبة، تبين أن المهرجان القومى كرّم ممثلة كبيرة لا تنتمى للمسرح أصلًا، وفى العام التالى كرّم ممثلة أخرى لها تاريخ عريض وتعد من الرائدات فى مجال المسرح، وهو ما يعنى أننا لا نفكر بالمنطق التاريخى الذى يحترم فكرة الجيل ويراجع من يجب تكريمه قبل من، وإنما فقط نهتم باسم المكرم، وما يجذبه الاسم من هالة إعلامية قد تفيد المهرجان فى الترويج».

وأكمل: «لا مانع عندنا بالطبع من الاهتمام بالهالة الإعلامية واستغلالها بالشكل اللائق، ولكن ليس على حساب الأصول، وبالنسبة للمهرجانات المختلفة، فلنراجع فلسفة التكريم التى تناسب هوية المهرجان (قومى- شباب- تجريبى- جامعى- حر- هواة- أقاليم)».

وأوضح أنه «فى المهرجان القومى نلاحظ مثلًا أن هناك اهتمامًا كبيرًا بالممثلين على حساب العناصر الأخرى، والتى لا تقل أهمية عن دور الممثل فى الإنتاج المسرحى، ففى الدورة التى سميت باسم المؤلف كان هناك مؤلف واحد من ضمن المكرمين، وكان معظم من جرى تكريمهم ممثلين».

ووجّه نصيحة مهمة، وهى عدم وضع التكريم فى ثوب عشوائى يفقده أهميته ودوره، وهو أمر ضرورى للأجيال الجديدة، التى علينا أن نكون لها دليل صحة واحترام وليس دليلًا عشوائيًا.

جودة العروض هى الأساس

عن معايير اختيار العروض المشاركة فى المهرجانات، قال الناقد يسرى حسان، عضو لجنة المشاهدة فى المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته الخامسة عشرة، إن المعيار الأول والأهم أن نكون أمام عرض مسرحى متكامل العناصر، ويمثل إضافة للنوع الذى يتعامل معه، وتكون هذه العناصر قادرة على المنافسة فى المهرجان.

وأضاف: «بالتأكيد أيضًا هوية المهرجان نفسها تفرض بعض الاشتراطات، بمعنى أنه عندما يكون هناك مهرجان للمسرح التجريبى، المعيار الأساسى هو مدى تجريبية هذا العرض من عدمه، وهل هذا التجريب يمثل إضافة أم مجرد استنساخ؟».

وواصل: «لكن عندما أتحدث عن مهرجان قومى للمسرح المصرى لا بأس أن يكون هناك تنوع بين عروض راقصة وعروض حكى وغيرهما من الأنواع، المهم أنه عرض مصرى إنتاج جهة مصرية، وبالتالى يحق له المشاركة فى المهرجان، ولا تجب المصادرة على أى نوع فنى، وأن نقيس وفقًا لشروط فنية وموضوعية».

ورأى أنه «من الغريب رفض البعض مشاركة عروض الرقص أو الحكى فى المهرجان القومى للمسرح، بوصفها ليست عروضًا مسرحية بالمعنى التقليدى للمسرح، ولهؤلاء أقول أنتم لا تعرفون المسرح، إذا كان عرض مصرى يتناول قضية مصرية وتمس الناس اليوم هنا والآن، واعتمد على الحكى مدبرًا إياه بالتشخيص والغناء، لا يحق لأى من كان أن يدّعى أن هذا لا يناسب المهرجان القومى للمسرح».

وشدد «حسان» على أنه ضد معيار «الكوتة»، معتبرًا أنه يضر بالمستوى الفنى لأنه حين يُخصص عدة عروض محددة لكل جهة من جهات الإنتاج، ولا تقدم هذه الجهات العروض التى تكفى «الكوتة»، يضطر عضو اللجنة إلى اختيار المتوفر بصرف النظر عن المستوى الفنى.

وأوضح أنه مثلًا «الكوتة» المخصصة لمسرح القطاع الخاص هما عرضان فقط، فإذا تقدم عرض واحد فى هذه الدورة سيتم قبوله بغض النظر عن جودته الفنية، وعلى مستوى آخر، فإن «كوتة» الجامعات المصرية التى تقدم عشرات العروض المسرحية التى أستطيع بكل ثقة أن أقول إنها تنافس عروض المحترفين، لا تحصل إلا على عرضين فقط من وسط كل هذا الكم الكبير.

وأضاف: «لذا فأنا أرى إلغاء الكوتة وجعل المشاركة مفتوحة على الجميع بفرص متساوية، حتى لو استلزم ذلك بذل المزيد من الجهد من المسئولين ولجان المشاهدة، المهم أن تكون المشاركة عادلة».

ورأى الناقد أحمد زيدان أن معيار الجودة لا خلاف عليه، إلى جانب المعايير النوعية الخاصة بطبيعة كل مهرجان، وتتنوع بين معايير إجرائية مثل زمن العرض، والتيمة ونوع العرض، كما أن هناك مهرجانات تحدد عدد المشاركين فى العرض بحد أقصى للعروض الدولية، وهذا على سبيل المثال المعيار الإجرائى الذى يحدد قبول أو عدم قبول العرض، إضافة لمعيار الجودة، لأنه من غير المعقول اختيار عرض مهما كانت جودته لا تتناسب مع الشروط الإجرائية للائحة المهرجان التى تكون معلنة للجميع.

وأضاف «زيدان»: «إذا كان مهرجان بانورامى يفتح الباب للتنوع، إضافة لزمن المهرجان وطاقته الاستيعابية للعروض والضيوف، فهذا يعمل على مفاضلة أخرى فوق الجودة والشرط الإجرائى».

واعتبر أن «وضوح الفلسفة والشروط يجعل هناك أريحية أكبر فى الاختيار، إلا إذا كان هناك تدخل من إدارة المهرجان للمحاباة أو الرفض، وهنا تكون لجنة الاختيار فى مأزق، لكن الحل دائمًا هو الشفافية وإعلان تقارير اللجان، وإن كانت الغالبية العظمى من المهرجانات تكتفى بنشر قائمة العروض المختارة فقط، أما التفتيش فى الضمائر لأسباب اختيار العروض وعدمها فهذا يستهلك الطاقة وظاهرة غير صحية تمامًا، ويفسد أى عمل عام».

وعن آلية الاختيار بالمهرجان الدولى للمسرح التجريبى، قال الدكتور جمال ياقوت، رئيس مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، إن العروض لها معياران، الأول هو أن تحتوى على عناصر تجريبية واضحة، والثانى هو جودة التجريب، والتناسب مع شروط المهرجان، لافتًا إلى أن آلية الاختيار تكون كالتالى: يرى عضو اللجنة العرض ويقيّم ويضع درجات، ثم يجتمع أعضاء اللجنة للمناقشة وتقريب وجهات النظر حتى نصل إلى القائمة القصيرة.

وأضاف «ياقوت»: «استمارة التقديم هى نفسها تعكس عناصر التجريب التى لا بد من توافرها فى العرض المشارك، وكل عضو من أعضاء لجنة المشاهدة بخبرته يكتشف العناصر التجريبية للعرض».

الفوز فى انتظار المدهش

وصل الحديث إلى آلية عمل لجان التحكيم، ومعايير اختيار العروض الفائزة فى المهرجانات، والتى قال عنها الناقد أحمد هاشم: «فى أى مسابقة مسرحية من المفترض أن تنظر لجنة التحكيم إلى العرض ككيان مكتمل العناصر، وهذه العناصر تتفاعل وتتكامل لتكون هذا العرض المسرحى».

وشرح: «العمل المسرحى من حيث كونه كيانًا وكائنًا، يتكون من عناصر مختلفة كالنص والديكور والممثل والمخرج... إلخ، وكل له دور فى خلق هذا الكيان، وعليه يفكك أعضاء لجنة التحكيم العناصر ويعيدون تركيبها، ويرون مدى أداء كل عنصر دوره فى هذا الكيان المسرحى».

وأضاف: «إذن الحكم والمعيار يكون علميًا بالدرجة الأولى، وما ذكرته ينفى تمامًا المقولة الشائعة بأن الفن وجهات نظر، ففى رأيى أن الفن علم قائم على عناصر وأسس علمية، ومسألة وجهات النظر تكون فى التلقى أو التفسير أو التأويل، وبتفكيك عناصر العمل وردها إلى أصلها، ثم يتم تقييمها على هذا النحو».

أما المخرج ناصر عبدالمنعم، رئيس المهرجان القومى للمسرح الأسبق، فرأى أن اختيار العروض الفائزة يخضع إلى معيارين، هما الجودة والتجديد، فالجودة معيار أساسى، أما التجديد فيعنى تضمن العمل شيئًا جديدًا ومتفردًا ويثير الدهشة فى المسرح، فالعمل الفنى لا يجب أن يكون نسخة مكررة، ويجب أن يكون جيد الصنع، ومُقدمًا بحرفية ومهارة شديدة، متابعًا: «هذه أهم معايير اختيار العروض الفائزة، وقد تكون هناك معايير أخرى، لكن هذه من وجهة نظرى أهم المعايير».

وبينت الناقدة والكاتبة الصحفية مى سليم، أن المعايير الخاصة باختيار العروض الفائزة تختلف من لجنة إلى أخرى، فكل لجنة تضع تصورها وتحكيم معاييرها الخاصة فى اختيار العروض، خاصة أن لكل عضو فى لجنة التحكيم وجهة نظر، لكن بعد النقاشات يتوافقون على رؤية واحدة.

ورأت أن أهم المعايير الخاصة بالعروض الفائزة هى: أولًا ماذا يقدم العرض على مستوى الأفكار؟، ثم يأتى التناول الجديد على مستوى النص والإخراج والأداء، فعلى سبيل المثال من الممكن أن أشاهد عرضًا من الكلاسيكيات، ولكن يتناوله المخرج بشكل جديد ومختلف به إبداع على مستوى الأداء وإتقان اللغة وجماليات العرض.

 

تاريخ الخبر: 2022-07-31 21:21:19
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. مؤتمر “الاستقلال” يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:08:34
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 76%

سعر الدولار اليوم الأحد 28-4-2024 مقابل الجنيه في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:20:46
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:23:39
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

طقس الأحد.. ثلوج وأمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:08:32
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 75%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية