تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الفرنسى الشهير جى دو موباسان، الذي ولد في الخامس من أغسطس عام 1850 بقصر والده فى باريس، وتوفي عام 1893.

وبين تاريخي الميلاد والوفاة 43 عامًا فقط، تبدو الرحلة قصيرة لكنها مليئة بالشجن الذي انعكس على أعمال موباسان الأدبية، كان "موباسان" يبحث عن الحكمة فمات مجنونًا في إحدى المصحات النفسية. 

ولد موباسان في قصر ميرونمسنل لأب من سلالة أرستقراطية، يهوى النساء فضيع كل ما يملك ومات مفلسًا، مما كان له أثر نفسي على حياة موباسان، ولولا أن أمه كانت امرأة صالحة لما عرف العالم شيئًا عن هذا الكاتب الكبير الذي أثرى المكتبة العالمية بالعديد من الروايات والقصص البديعة.

- موباسان أبو القصة القصيرة 

يعد موباسان واحدًا من آباء القصة القصيرة، حيث جعل لها قالبًا محددًا، يعتمد على الشخوص والزمان والمكان ومنطقية الأحداث، كما جعل لها مسوغات خاصة ترتكز على التكثيف والتشويق والتطور الدرامى والنهاية المفتوحة أو المفاجئة.

وكان "موباسان" عبوسًا فى كتاباته مثلما كان كافكا، لا يميل إلى البهجة والفرحة، وظهر ذلك فى جل كتاباته، ونذكر هنا أربعة أمثلة تدل على العبوس والقنوط فى قصصه كما يلي.

 - قصة الانتقام 

فى قصة الانتقام يرصد لنا "موباسان" حال الأرملة التى ربت ابنها اليتيم منزوية به فى بيت قديم على طرف القرية، حتى أضحى صبيًا يافعًا، وعلى حين غفلة مات الصبي على يد صاحبه، فقررت العجوز الانتقام لابنها فقامت بتدريب كلبها كى ينهش ما تأمره بنهشه وانتقمت لابنها من قاتله.

- قصة السوداء 

تحكي القصة عن شاب أبيض أحب فتاة زنجية، ثم ذهب بها إلى قريته، فلما رأها والده ووالدته أصيبا بالحزن والكدر، فخرج بفتاته الطيبة إلى الحقل فسخر منها الفلاحون فعادت أدراجها وهى محملة بالحزن والوجع. 

- قصة المولود 

تحكي القصة عن شاب كان عازفًا عن الزواج بعد أن فارقته حبيبته، ثم أحب فتاة أخرى وفى يوم زواجه منها وصله خطاب من أحد المستشفيات، فوجد حبيبته الأولى تحتضر وبجوارها طفل أخبرته أنه ابنه ثم ماتت فحمل الطفل وعاد إلى بيته وطلب من زوجته أن تقوم على  تربيته. 

- قصة مذكرات مجنون 

في هذه القصة الحزينة يحكى لنا "موباسان" عن قاضٍ شهير كان يحبه القاصي والداني لعدله وحكمته، ثم فوجئ الناس بعد موته بمذكرات كتب فيها القاضى قصة حياته المغايرة تمامًا لما يعرفه الناس عنه، حيث كان القاضى يتلذذ بالقتل، ليس بإعدام المتهمين الأبرياء فقط، بل كان هو يقتل بنفسه ويعتبر القتل سنة من سنن الحياة. 

في هذه القصص الأربع وفى غيرها كان "موباسان" يميل إلى الحزن فى كتاباته، وإذا تعمقنا في شخصيته سنجد هذا الكدر نابعًا من داخله وكأن عقله الباطن هو الذى يكتب.

 - موباسان بين الحكمة والجنون 

يقولون إنه بين العبقرية والجنون قيد أنملة، وهى عبارة مجازية غير أنها واقعية تمامًا بالنسبة للكاتب الفرنسي الشهير موباسان، الذي ظل يبحث عن الحكمة حتى مات مجنونًا في إحدى المصحات النفسية وهو في الثالثة والأربعين.