يقول الشيف بول ميتاي الذي استقر بتركيا منذ عام 2009، والذي يعرّف اليوم معجناته بكونها كلاسيكية وبسيطة وأنيقة، إنه قرر أن يصبح طاهياً للمعجنات، في سن الرابعة عندما اصطحبه جده إلى متجر حلويات في بواتييه بفرنسا.

وطول حياته المهنية، عمل ميتاي في إنجلترا والنرويج وجمهورية التشيك وروسيا وبولندا والأردن والكويت والإمارات العربية المتحدة وجمهورية شمال قبرص التركية، لينتهي به المطاف أخيراً في تركيا حيث قرر الاستقرار.

ويتحدث ميتاي في هذا التقرير عن تجربته في تركيا من خلال مقارنة فنّي الطهي الفرنسي والتركي.

تركيا: قصة حب وصداقة

يكشف ميتاي أن كرم وتعاطف الشعب التركي كانا الدافعيْن الرئيسييْن وراء اختياره تركيا من بين عديد من البلدان التي عمل فيها سابقاً.

ويقول الشيف الفرنسي: "تركيا قصة حب وصداقة.. جذبتني العلاقات الإنسانية هنا بشكل خاص. الأتراك ودودون ومرحبون، وكرم ضيافتهم بالنسبة إليهم مهم جداً.. إذا قدمت شيئاً للأتراك​​، فسيردون إليك حتماً أكثر من ذلك.. هنا أيضاً مناخ لطيف للغاية، ففي بعض المواسم لا أمطار غزيرة، وكثير من أشعة الشمس. وهذه أشياء تغريني".

فنّا طهي يهتمان بالمذاق، ولكن بنكهات مختلفة

في مقارنة فنّي الطهي التركي والفرنسي يدافع ميتاي عن أن كليهما يهتم بالمذاق، ولكنهما في الوقت ذاته يهتمان بفكرة المذاقات المختلفة، بنكهات ومنتجات مختلفة.

ويوضح الشيف: "في تركيا، نستخدم كثيراً الباذنجان والفستق في المعجنات. أما في فرنسا نحب الليمون ونحب نكهات مختلفة تماماً. فطيرة الليمون في تركيا لن تباع، كما ستجد كعكة الفستق في فرنسا صعوبة في البيع".

وتابع "توجد اختلافات ولكن يوجد اهتمام كبير بنكهة البلاد وهذا ما يجمع البلدين معاً".

وأضاف: "لدينا أيضاً طرق مختلفة للعمل مع النكهات. فالفرنسيون منهجيون للغاية وبدقة كبيرة في التقنيات المستخدمة. أما الأتراك فيميلون إلى التجربة، والتذوق والتغيير. في فرنسا الأمر أكثر صرامة من حيث الوصفات، وإلا فإننا سنجد منتجات قد تكون متشابهة. في جنوب تركيا نجد نفس منتجات جنوب فرنسا، الحمضيات والخوخ والمشمش. هذه هي المنتجات على مستوى فن الطهي والمعجنات، تقرب بعضنا من بعض".

المطبخ العثماني يعود إلى الموضة

يصر بول ميتاي على تنوع الأطباق العثمانية، معبراً عن ميله إلى التخصصات التركية مثل "جيركيز تافوغو cerkez tavugu"، والدجاج المطبوخ بالمكسرات، و "كوزو إنجيك kuzu incik"، لحم الضأن مع الكرز.

وفي هذا السياق يقول "إذا نظرنا إلى المطبخ العثماني، اختفى تنوع كبير للأسف إلى حد ما. قليل منه اليوم في فن الطهي، إذ عاد المطبخ العثماني إلى الموضة من جديد. فالناس اليوم يبحثون عن الكتب والوصفات القديمة لاكتشاف النكهات. كان تراث تذوق الطعام العثماني متنوعاً للغاية، وكانت فيه ثروة كاملة من النكهات بدأت تعود قليلاً".

مطبخ لطيف

وصف بول ميتاي المطبخ التركي بأنه "لطيف" يوحي بأن النكهات التركية ليست غريبة على الأذواق الفرنسية. ويوضح "بصرف النظر عن الجانب الحار قليلًا الذي يمكنك تناوله في أطباق معينة، فإن جميع الأذواق ليست مفاجئة بالنسبة إلى الفرنسي، فهي لذيذة جداً. المعجنات طرية جداً، حلوة جداً، مما جعلني مندهشاً بعض الشيء وأنا لست من أشد المعجبين بالمعجنات الحلوة بشكل مفرط".

غازي عنتاب: قلب المعجنات التركية

وحسب الشيف الفرنسي، من حيث المعجنات فإن المنطقة الأكثر إثارة للاهتمام هي منطقة غازي عنتاب ومنطقة هاتاي بأكملها "التي تحتوي على فطيرة تركية ولكنها قريبة أيضا من الفطائر السورية".

وأشار إلى أن "الكاتمر katmer" والمعجنات بالفستق من المعجنات المفضلة لديه. وكشف أن لديهم في فرنسا فطيرة يحبها تشبه "الكاتمر".

"إلكبهار ilkbahar" معجنات ذات مذاق تركي وتقنية فرنسية

ابتكر بول ميتاي، معجنات تسمى "ilkbahar" (الربيع) بالطعم التركي القائم أساساً على الكرز والفستق، وباستخدام التقنيات الفرنسية.

وقال ميتاي: "لقد صنعت هذه المعجنات لإرضاء ذوق الأتراك الذين يحبون الكرز الحامض والفستق. سعيت لصنع كعكة تستخدم التقنيات الفرنسية وتحافظ على المذاق التركي."

وتابع" يشير التعبير التركي" fıstık gibi " (الذي يعني الرائع) إلى محبة الأتراك الخاصة للفستق. لقد لاحظت أن جميع الكعكات تحتوي على الفستق أو حتى على رشة قليلة منه بالفستق. وتباع هذه المعجنات أكثر من غيرها".

أسرار النجاح: الجدية والنظافة والجودة

وتأكيداً على أن إرضاء العملاء هو جوهر عمله، كشف الشيف ميتاي عن أسرار النجاح في المطبخ قائلاً: "يكمن سر الطهي والمعجنات في الجدية الكبيرة والنظافة الرائعة والاهتمام بجودة المنتج مع مراعاة رضاء العملاء دائماً. ما يحفزني هو إسعاد العميل، أن تصنع للعميل لحظة من الفرح، لحظة من السعادة.. أفضل جودة لطاهي المعجنات هي صرامته وانضباطه ونظافته".

TRT عربي - وكالات