الأسبوع الثقافي من «فاطمة الزهراء»: التكافل المجتمعي من أرقى وأسمى القيم الإنسانية

انطلقت فعاليات اليوم الثاني على التوالي في الأسبوع الثقافي الرابع من مسجد فاطمة الزهراء بمدينة نصر القاهرة اليوم الأحد 14 أغسطس 2022م، تحت عنوان: "التكافل المجتمعي" بحضور الشيخ محمود الأبيدي إمام وخطيب المسجد.

وحاضر فيها الدكتور ياسر المرسي أستاذ التفسير بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، والدكتور أسامة فخري الجندي – مدير عام المساجد بديوان عام الوزارة، وكان فيها قارئًا القارئ الشيخ إسماعيل طه عويان، ومبتهلًا المبتهل الشيخ محمد أكمل ، بحضور الدكتور سعيد حامد مبروك مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة، والشيخ عبدالباسط عمارة مدير إدارة شرق مدينة نصر بالقاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.

وفي كلمته أوضح الدكتور ياسر المرسي، أن الهدف الأسمى من خلق الإنسان هو العبادة  والعبادات والشرائع لها غاية وهي القيم الأخلاقية، مؤكدًا أن رسالة الإسلام رسالة إنسانية، وبر، ورحمة، ورُقِيّ، تهدف إلى أن يحيا الناس حياة كريمة في ظل مجتمع متعاون متكافل، على أساس من المواساة والشعور بالآخرين، والبعد عن مظاهر الأنانية والأثرة والجشع، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهوَ يَعْلَمُ بِهِ ".

وبين أن قضاء حوائج الناس أمر حض عليه الإسلام وأنه منحة ربانية جديرة بأن يؤدي الإنسان شكرها حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ للهِ عندَ أقوامٍ نعمًا أقرَّهَا عندَهُم؛ ما كانوا في حَوائجِ المسلمينَ ما لَم يَمَلُّوهُم، فإذا مَلُّوهُم نقلَها إلى غيرِهِم"، موضحًا أن ديننا دين التكافل المعنوي والمادي، وقد ضرب لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة في التكافل المعنوي والمادي في لين اللفظ، وإنفاق المال.

وأكد على أن التكافل المجتمعي  مبدأ أساسي من مبادئ التشريع الإسلامي، ولازم أكيد من لوازم الأخوة الإيمانية، ترتقي من خلاله المشاعر الإيمانية، ليقوم أفراد المجتمع بواجباتهم تجاه بعضهم بعضا، مختتمًا حديثه بأن الصحابة من أهل المدينة ضربوا لنا أروع الأمثلة عندما هاجر إليهم إخوانهم المسلمون من أهل مكة فما كان من الأنصار رضي الله عنهم إلا أن شاطروهم ديارهم وأموالهم، وحققوا أروع صور التكافل فيما بينهم، حيث يقول الحق سبحانه: “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".

وفي كلمته أكد  الدكتور أسامة فخري الجندي أن من أرقى وأسمى القيم الإنسانية والثقافات الاجتماعية التكافل المجتمعي هذه القيمة التي تؤسس لثقافة المواساة وتبرز فقه الشعور بالآخر، وتحقق مجموعة من القيم النبيلة التي تتعلق بالتراحم والتكامل والتعاون وحب الآخر ورفع الحرج وإزالة المشقة، كما أنها دليل على نفس زكية تتسم بالبذل والعطاء والسخاء والجود والكرم إلى غير ذلك كثير، وهو ما يجب أن نقوم بتنشئة الأجيال عليه.

وأوضح أنه مما ينبغي أن يكون عليه المسلم عمومًا التكافل والتراحم مع الفقراء، فيراعي غيره ممن هم في حاجةٍ وضيق، وهذا كان خُلُق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) ‏قَالَ:( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ ‏الْمُرْسَلَةِ.

ويلاحظ هنا في هذا التشبيه الرائع لإنفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوده بأنه كالريح المرسلة ((أمورٌ ثلاثة)): فالريح المرسلة ( متعاقبة – تشمل الكل – السرعة)، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم في إنفاقه وجوده، أن يكون سريعًا لا يبطئ، أن يكون في نفقته شاملًا لمن يستحق نفقته، أن تتعاقب النفقات فلا تتوقف، وأن يكون في ذلك كلِّه مبتغيًا به وجه الله عز وجل، محققًا أسمى معاني الجسد الواحد للأمة.

وأشار إلى  أن في الإنفاق والصدقة دواءً وشفاءً للأمراض والأدواء البدنية، ولها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء، فإنّ الله تعالى يدفع بها أنواعًا من البلاء، وذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم, فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم):(دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاَءِ الدُّعَاءَ), فالصدقة لها أثر عجيب في مداواة الأمراض, قال علي بن الحسن بن شقيق، سمعت ابن المبارك، وسأله رجل عن قرحة خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجتها بأنواع العلاج فلم أنتفع به، فقال له: اذهب فاحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين، ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرأ. يقول ابن القيم: فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء, فإنّ الله تعالى يدفع بها أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند النّاس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض مقرون به لأنّهم قد جربوه.

ورحم الله شيخنا الشعراوي بخواطره الرائعة حول قوله تعالى : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، حيث قال: إن كل شيء لله، وأنت مجرد مضارب لا تملك شيئا وما دمت مضاربًا أيها العبد، فأعط لله حقه، وحق الله لا يأخذه هو؛ فهو أغنى الأغنياء، إن حق الله يأخذه أخوك غير القادر الذي لا يستطيع أن يتفاعل مع المادة، ولا تظن أيها العبد أن الله حين طلب منك النفقة مما تحب أنه - جل شأنه - قد استكثر عليك ما طلب منك أن تنفقه، إنه ساعة يأخذ منك لأخيك وأنت قادر، إنما يطمئنك أنك إن عجزت فسيأخذ لك من القادرين ذلك هو التأمين في يد الله ، ومن هنا لابد وأن ندرك ((ثقافة المواساة وصناعة المعروف))؛ لنيل أعظم الثواب من الله (عز وجل)

وفي ختام كلمته بين  أن من ثقافة المواساة وصناعة المعروف والتكافل المجتمعي: إغاثة المرضى، ومساعدة الفقراء والمساكين وأصحاب الأعمال المؤقتة وغير المنتظمة أو العاملين بالأجور اليومية، وما يتعلق بالمستشفيات من توفير الأدوات والمستلزمات الطبية وأدوات الوقاية، والمساعدات الفورية للعلاج ولحفظ الإنسان وصيانته ووقايته من هذا المرض، ومن ثمّ فإن الصدقات هي من أقوى وجوه الإنفاق لا سيما في الأوقات  التي تشتد فيها حاجة هؤلاء إلى المعونة العاجلة، وهو واجب الوقت الذي يتعين أداؤه، فكن من أهل المواساة، بمعنى أن تتفقد أهلك وجيرانك وزملاءك وأصدقاءك .وتبحث عمن هم في احتياجا، وكيفية مساعدتهم على قدر استطاعتك  ،فكل إنسان منا يستطيع أن يحقق ثقافة المواساة حسب طاقاته وقدراته وإمكاناته من مال وإطعام، ومساعدات عينية لا سيما في هذا الزمان الذي نعيشه الآن، وإذا كان ثواب الصَّدقة والإنفاق عظيمًا، فإن ثوابها في وقت الأزمات أعظم، فحين سُئل (صلى الله عليه وسلم) : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟  قَال: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى.." أي: أنَّ أعظم الصَّدقات أجرًا مالٌ يُخرجه الإنسان وهو يخشى أن يُصيبَه مِن الفَقرِ ما أصابَ غيره.

وصناعة المعروف سببٌ لنَيْل رضا الله سُبحانه، ولتنزُّل رحمته (عز وجل)، وأصل أصيل في الحفظ من سيئ الابتلاءات، والأمراض، وضمان – بإذن الله تعالى-  لحسن الخواتيم؛ فقد قال (صلى الله عليه وسلم): "صنائِعُ المعروفِ تَقِي مصارعَ السُّوءِ، والصدَقةُ خِفْيًا تطفئ غضبَ الرَّبِّ".

تاريخ الخبر: 2022-08-15 00:21:31
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

الروسي روبليف يجرد ألكاراز من لقب مدريد للأساتذة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:07:34
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 92%

‏ إسقاط 12 مسيرة أوكرانية فوق 5 مقاطعات روسية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:07:33
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 99%

ترامب يقارن متظاهري الجامعات مع مقتحمي الكابيتول

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:07:30
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:07:35
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 90%

وفاة غامضة ثانية لمسؤول كشف العيوب في طائرات "بوينغ"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:07:29
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 89%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية