- طالب تعرض للنصب: المادة بـ1000 جنيه والوسيط حصل على المبلغ واختفى

- النصاب طلب «عربون مقدم» وأخبرنا بأن التسلم فى محطة مترو «المنيب»

- تعديل الدرجات يتم خلال يومين من الاتفاق

بمجرد إعلان وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى عن نتائج الثانوية العامة، انطلقت صفحات ومجموعات عدة على منصات التواصل الاجتماعى المختلفة تدّعى قدرتها على تغيير نتائج الطلاب خلال التظلمات المسموح بها من قبل الوزارة، مقابل مبالغ مالية معينة لإتمام الصفقة المشبوهة.

وفور ظهور هذه الصفحات والمجموعات على الساحة، سارع عدد من الطلبة لـ«الاستفادة من هذه الخدمة»، مقتنعين بقدرة مسئوليها على «تعديل» نتائجهم فى الثانوية العامة، من أجل الوصول إلى المجموع الذى يبتغونه والالتحاق بكليات القمة.

ولم يكن الطلبة فقط هم ضحايا عمليات النصب الإلكترونى هذه، فقد كان لأولياء الأمور نصيب فى الوقوع بالفخ ذاته، وهو ما جعل «الدستور» تخوض مغامرة للبحث عن تلك الشبكات السرية، وعقد اتفاقات مسجلة معهم على «تغيير نتائج الثانوية العامة».

«التعليم»: «باركود» سرى لتأمين الدرجات ضد أى عملية تلاعب

تصدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى للادعاءات، وأغلقت الباب أمام أى محاولة للتلاعب فى درجات شهادة الثانوية العامة هذا العام، معلنة، قبل أيام قلية، عن أنها تطبع شهادات الطلاب بطريقة مؤمّنة ومميكنة، منعًا لحدوث أى تزوير أو تلاعب فى الدرجات.

وأكدت الوزارة، أيضًا، أنها استخدمت «باركود» سريًا يمنع التلاعب فى درجات الثانوية العامة، من خلال إدخاله على أى جهاز حاسب آلى، لتظهر بعد ذلك جميع بيانات الطالب، مثل الاسم ورقم الجلوس واللجنة والمدرسة والنتيجة.

أصحابها على «تليجرام» يصطادون الطلاب وأسرهم بحيلة «نعرف مسئول فى الوزارة»

بالسؤال والتقصى عن «مجموعات تغيير نتائج الثانوية العامة»، تبين أن غالبيتها على تطبيق «تليجرام»، حيث تُعقد بداخلها اتفاقات مشبوهة حول «تغيير النتائج» مقابل مبالغ مالية تختلف من مجموعة لأخرى.

«بنعلن عن بدء تجميع بيانات الطلاب اللى عاوزين يغيروا نتيجتهم فى التظلمات الجاية».. بتلك الكلمات بدأ مسئولو إحدى المجموعات عبر تطبيق «تليجرام» فى اصطياد ضحاياهم من طلاب الثانوية العامة وأسرهم، مستعينين بصور مفبركة لتعديل بعض الدرجات.

حملت المجموعة اسم «تعديل درجات الثانوية العامة»، وضمت قرابة ٣٣ ألف عضو، واختار مسئولوها «تليجرام» تحديدًا ليكونوا بعيدين عن أعين الجهات المعنية، بسبب صعوبة اختراق هذا التطبيق.

وادّعى مسئولو المجموعة أنهم «على صلة بأحد المسئولين فى وزارة التربية والتعليم»، وأنهم الوحيدون القادرون على فعل ذلك، بشرط أن يكون التعامل مع أولياء الأمور فقط وليس الطلاب، ما دفع أولياء الأمور للدخول كطرف فى تلك العملية المشبوهة. ومما روجت به المجموعة لنفسها، ما كتبته عن صلاتها بهذا المسئول المزعوم فى وزارة التربية والتعليم: «الراجل بيرفع الدرجات بسهولة، وطبعًا تعديل الدرجات بيختلف من شخص للتانى، يعنى اللى مجموعه ٥٠٪ مش زى اللى مجموعه ٨٠٪».

وزعم مسئولو المجموعة أنهم مجرد وسطاء بين «مسئول التربية والتعليم» وأولياء الأمور، ومهمتهم الوحيدة هى تجميع الطلبة وتسلم المبالغ المالية المتفق عليها.

وعن البيانات المطلوبة لإجراء التعديل على النتيجة، أبلغ مسئولو المجموعة أولياء الأمور بحاجتهم إلى رقم الجلوس وصورتى البطاقتين الشخصيتين للطالب وولى الأمر، إلى جانب صورة شهادة ميلاد الطالب، وعنوانى المنزل والمدرسة.

وشددوا على ضرورة إرسال «عربون»، وهو عبارة عن نصف المبلغ المتفق عليه سرًا مع الأهالى، عبر التواصل مع واحد من مسئولى المجموعة شخصيًا عبر الحساب الخاص به.

حاولنا كثيرًا التواصل مع المسئول عن المجموعة عبر الحساب الخاص به، كما أعلن؛ لإجراء اتفاق معه على «تعديل درجات الثانوية العامة»، لكننا لم نتلقَ منه أى رد. 

أثناء السؤال داخل المجموعات عن إمكانية «تغيير نتائج الثانوية» لأقاربنا من الطلاب، تواصلت معنا فتاة تحذرنا من التعرض للنصب، مثلما حدث مع أحد أقاربها.

وقالت الفتاة: «ابن خالى تعرض للنصب، وصاحب الجروب أول ما تسلم منه الفلوس اختفى تمامًا»، فطلبنا منها التواصل مع قريبها هذا لتوضيح الأمر بشكل أكبر، فأرسلت إلينا حسابه الشخصى على «تليجرام»، وتواصلنا معه ليخبرنا بتفاصيل الواقعة.

وقال طالب الثانوية الذى تعرض للنصب: «دفعت ٥٠٠٠ جنيه للشخص المذكور، وفقدت التواصل معه نهائيًا فور وصول المبلغ إليه، فبدأت البحث عن شخص آخر يستطيع تعديل درجاتى».

وكشف عن أنه كان راسبًا فى ٥ مواد، ودفع ١٠٠٠ جنيه عن كل مادة، مشيرًا إلى أن هذا «الوسيط» المزعوم كان يجمع بيانات ٥٠ طالبًا من كل محافظة، وبمجرد اكتمال العدد لا يستقبل طلبة آخرين، لكنه اكتشف بعد ذلك أن جميعهم وقعوا فى فخ النصب.

دلنا الطالب على شخص ادّعى قدرته على «تعديل درجات الثانوية العامة»، فتواصلنا معه بالفعل، وطلبنا «تعديل» درجات ٣ طلاب مدّعين أنهم من أقاربنا، وكل منهم له مجموعه الخاص الذى نرغب فى تعديله حتى يستطيعوا الالتحاق بكلية الطب. ووفقًا لما قاله لنا هذا الشخص، تختلف أسعار هذه الخدمة وفقًا للمجموع المراد تعديله، فالمجموع الذى طلبنا تعديله من ٨٢٪ إلى ٩٨٪ بلغ سعره ٤٥٠٠ جنيه، والمجموع الثانى ٨٦٪ بـ٤١٠٠ جنيه، والأخير ٩١٪ بـ٣ آلاف جنيه.

واشترط «الوسيط» المزعوم تسلم نصف المبلغ المطلوب للطلاب الثلاثة، قبل إجراء أى «تعديل على الدرجات»، على أن يكون مكان التسلم بالقرب من محطة مترو «المنيب»، ثم يعود للتواصل معنا مجددًا بعد إعلان نتائج التظلمات والتأكد من «تعديل النتيجة»، ليتسلم باقى المبلغ المتفق عليه.

وأصر «الوسيط» على سرعة التسجيل ودفع المبلغ سريعًا، بسبب «التزاحم الشديد على إجراء التعديلات من قبل طلاب الثانوية العامة، والعدد المحدد الملزم به فى تجميع الطلبات، وتعديل شهاداتهم»، وفق ما قاله لنا، مشددًا على أنه «مجرد وسيط يتعامل مع مسئولين فى كنترول الثانوية العامة، ومهمته الوحيدة هى تجميع بيانات الطلبة وتسلم المبالغ المالية منهم».

هانى ملاك: طلبوا 800 جنيه لتعديل درجات المادة الواحدة

قال هانى ملاك، أحد أولياء الأمور، إنه تواصل مع أحد الأشخاص الذين يدّعون قدرتهم على تعديل مجموع طلاب الثانوية العامة بمقابل مادى، بعد أن طلب مساعدة معارف له للوصول إلى هذه الدوائر.

وأضاف: «تواصلت مع أكثر من شخص إلى أن وصلت إلى إحدى مجموعات الدردشة على موقع (تليجرام) التى تدّعى قدرتها على تعديل مجموع أى طالب من طلاب الثانوية العامة».

وأوضح: «ابنى علمى رياضة، وصرفت كل مدخراتى على الدروس الخصوصية طوال فترة تعليمه، وبالطبع أرغب فى إلحاقه بإحدى كليات القمة، ولذلك فكرت فى الإقدام على هذه الخطوة».

وتابع: «أعرف أن هناك احتمالية أن تكون تلك المجموعات تحترف النصب وتستغل حاجة أولياء الأمور ورغبتهم فى تحسين فرص أبنائهم بالالتحاق بكليات قمة، لكن مقارنة بما تكبدنا من مصروفات سابقة، سيكون أى مبلغ نخسره فى سبيل المحاولة أمرًا هينًا، ولعلهم يكونون صادقين ويحققون لنا أمنياتنا».

أما عن الأشخاص الذين تواصل معهم «هانى»، فيقول إنها فتاة تدعى «آية»، وقد اتفقت معها على إرسال مبلغ ٨٠٠ جنيه لتعديل درجات المادة الواحدة، كما أنه لا مجال للفصال أو تقليل المبلغ تحت أى ظرف من الظروف، على أن يرسل لها المبلغ عن طريق إرسال أرقام كروت شحن الهواتف المحمولة.

قانونى: المؤبد عقوبة الموظف المتلاعب بالدرجات 

قال المستشار القانونى أيمن محفوظ، إن هناك العديد من الضباع المسعورة التى تحاول أن تنهش فى جسد الأسر المصرية، من خلال خداعها بإمكانية التعديل فى درجات الثانوية العامة، رغم الأساليب التكنولوجية الحديثة التى تستخدمها الوزارة لتأمين درجات الطلاب.

وأضاف أن جميع الادعاءات المروجة بشأن ادّعاء بعض الجهات قدرتها على التلاعب وتعديل درجات شهادة الثانوية العامة ليس لها أى أساس من الصحة، وأنها مزاعم يروجها محتالون بهدف الاستيلاء على أموال الطلاب وذويهم.

وواصل: «ذلك الفعل الإجرامى يمثل جريمة النصب المنصوص عليها فى نص المادة (٣٣٦ عقوبات)، وتصل العقوبة إلى ٣ سنوات، بشروط استخدام الطرق الاحتيالية والكذب المشروع أو الربح الوهمى».

واستكمل: «عقوبة الشخص غير الموظف تكون طبقًا لما تنص عليه المادة (١٠٦ عقوبات) بأن كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو قَبِل أو أخذ وعدًا أو عطية بغير علم مخدومه ورضائه لأداء عمل من الأعمال المكلف بها، أو للامتناع عنه، يعتبر مرتشيًا، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، والغرامة، أو إحداهما». وتابع: «أما إذا كان من يدّعى هذا النفوذ بقدرته على تعديل درجات طلاب الثانوية وكان بالفعل موظفًا عامًا، سواء كان ذلك الأمر من اختصاص وظيفته أو كان ادعاء نفوذ مزعوم، فإن العقوبة تصل إلى السجن المؤبد، طبقًا لنص المادة (١٠٤ عقوبات)». 

واختتم «محفوظ» حديثه موجهًا رسالة تحذير لمن يصدقون تلك الأكاذيب التى يروجها النصابون الذين يسعون للاستيلاء على أموال الضحايا فقط، مشددًا على أن تعديل درجات الطلاب يكون بالتظلم القانونى وفق شروط معلنة ومحددة وبرسوم ثابتة، ولا بد من التعامل مع هذا الأمر من خلال الجهة الوحيدة التى تنظمه، وهى الوزارة دون غيرها.

«شاومينج 2022»: تغيير النتيجة على الموقع الرسمى

أجرى محرر «الدستور» اتفاقًا آخر مع الصفحة الرسمية التى أطلقت على نفسها اسم «شاومينج ٢٠٢٢»، وتواصل معنا أحد المسئولين عن إدارتها، وأكد لنا أن بإمكانه تعديل نتيجة أى طالب، وأنه لا يوجد أى احتمالات للفشل.

وأضاف أن تعديل النتيجة على الموقع الرسمى يحدث فى اليوم الأول عقب إتمام الاتفاق، وفى اليوم التالى يتم تعديل النتيجة فى الورقى والكنترول، ويتم إرسال بيان بذلك للمدرسة بشهادة الطالب الورقية، بدعوى أنه حدث خطأ فى جمع درجات الطالب. وتابع: «المدرسة قبل ما بتسلمك البيان الجديد، بتدخل على موقع الوزارة وتتأكد من تعديل الدرجات، ثم تسلمك البيان بالنتيجة الجديدة».

وفيما يخص تفاصيل الاتفاق، فقد عرض علينا مسئول الصفحة أن تعديل المادة الواحدة ثمنه ٦٠٠ جنيه.

أما بشأن تعديل المجموع الكلى للطالب، فهناك قائمة تضمنت أسعارًا مختلفة لكل فئة من فئات المجموع، وهى كالتالى: «١٥٠٠ جنيه لتعديل درجات الطالب الذى حصد نسبة ٧٠٪ فأكثر، و١٨٠٠ لـ٨٠٪ فأكثر، و٢٢٠٠ لـ٩٠٪ فأكثر».

وأوضح المسئول الذى يجرى الاتفاق أن هناك شروطًا، وهى أن يتم إرسال المبلغ المتفق عليه أولًا وقبل كل شىء، مع التفاصيل الخاصة بالطالب، وهى إرسال رقم الجلوس، والاسم الرباعى، واسم الشعبة، والمحافظة، واسم المدرسة.

وشدد المسئول على أن التعديل يتم خلال يومين من الاتفاق، قائلًا: «أتابع مع كل حالة، لحين وصول بيان الدرجات الجديد وتسلّمه من المدرسة».