سؤال يتكرر في كل تجمّع اجتماعي، أو سياسي، أو حوار خاص بين طرفين لتحليل الساحة والمرحلة المقبلة، ماذا بعد الحل؟! هل سيكون هناك استقرار سياسي؟ وهل ستتحقق التنمية والتطور وسنواكب الدول السباقة في الخليج؟ وتأتي الإجابة بأننا مللنا من التكرار للمشهد والفساد، وأن الضحية الأولى للخلاف بين الأقطاب الكبار باستخدام نواب ليكونوا أدوات المواطن المسكين، الذي يدفع ثمن التخلّف والتردي السياسي والفوضى في القوانين والخدمات المتدنية المتاحة، التي لا تليق بتطور الدول المحيطة.
المرحلة المفصلية المقبلة ستكون الوجهة للتطور السياسي، أو تكرار الرجوع إلى الخلف، فمن الواضح أن الكرة وُضعَت لتكون في ملعب الشعب الكويتي بتولي تصحيح الخلل، الذي أفضى إلى استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، وما ينعكس من تردي الخطاب الانتخابي السياسي لأغلبية المرشحين، وانقسام الساحة الانتخابية إلى قسمين، إما موالياً للرئيس، وإما أداة لما تسمى معارضة وهمية، فأولويات المواطن بعيدة كل البعد عن الساحة والثأر والانتقامات السياسية، وما هو متوقع أن الانتخابات ستكون انتخابات شكلية، وباطنها تشاوريات قروبات واتس أب، أو خدمية من دون وجه حق أو تيارات عرقية مذهبية عائلية وتكتلات تطلق على نفسها سياسية، والشعب عليه أن يدرك مسؤولياته الكبيرة في اختيار من يمثله داخل المجلس، ومهم أن يعلم أن بعض النواب من أعضاء البرلمان لا يستحقون أن يكونوا داخل المجلس، وغير مؤهلين، وتنقصهم الخبرات السياسية وكيفية الدفاع عن مصالح الوطن والشعب، وأن الكويت لكل الكويتيين وليست لطائفة أو لتكتل سياسي يفوز النائب من خلاله، ويسعى فقط إلى مصلحة الفئة التي نجّحته ويدين لها، ويتعارض مع مصالح الوطن، والدولة يجب أن تسير تحت مظلة الشرعية والدستور والقانون والمسؤولية المشتركة.
الأمل أيضاً في نظام ذاتي إلزامي لتسجيل المشاركة في الانتخابات لتصليح الاعوجاج في القيود الانتخابية، التي أصبح فيها لعب وتسجيل تلاعب في أماكن سكن غير سليمة، فالتسجيل وفق مكان السكن وربطه بنظام إلكتروني مع مراكز الخدمة، كالمراجعات الطبية والجمعيات التعاونية، التي ممكن أن تكشف عن التلاعب في القيود، فهل يصعب على وزارة الداخلية التحقق من صحة سكن المواطن؟ وهل من المعقول أن الجمعيات التعاونية لديها القدرة على توزيع التموين والسلال الرمضانية وتتحقق من تسجيل المواطن نفسه، وتعجز وزارة الداخلية عن التحقق من العناوين للتصويت؟! فالمواطن المستقل الذي لا يملك الانضمام إلى تيارات أو تكتلات سيغفل عن تاريخ التسجيل في القيود، وممكن أن يفقد المشاركة في عملية التصويت لأسباب تراجعية في عملية التسجيل، فلو تبنّت الدولة وسجلت جميع المواطنين ممن بلغوا سن الـ21 من الجنسين وفق بطاقاتهم المدنية وأماكن سكنهم الحقيقية في القيود الانتخابية، لتمّ الإصلاح في المخرجات، بعكس التيارات والتكتلات التي تعد تنظيم دولة في دولة، ولديها كشوفاتها الخاصة للتسجيل والتزكية والتحضير كالجيش للعملية الانتخابية والفوز بالمقاعد البرلمانية.
أسهل ما يكون التسجيل الذاتي من الدولة، كما حصل في تجربة 2005 الناجحة، بتسجيل النساء وإعطائهن حق المشاركة السياسية وتنظيم التسجيل من جهة رسمية ترتب الفوضى القائمة، فذلك يساعد على الاستقلالية السياسية وضخ دماء جديدة تنعش الحياة السياسية الكويتية في مختلف جوانبها، والمرحلة المقبلة تتطلب مزيداً من العمل الجاد والمسؤول للخروج من أزمة الاحتقان والتقاتل والمشكلات، التي تحول دون الاستمرار في التنمية والتقدم.
ودمتم سالمين،،،
* نقلا عن "القبس"
