هل تعيد ورشة الإطار الدستوري ترتيب المشهد السياسي السوداني


على الرغم من محاولات التشويش التي شنتها جماعات تابعة للنظام البائد على ورشة الإطار الدستوري التي نظمتها اللجنة التسيرية لنقابة المحامين بمشاركة سياسية ومدنية واسعة، إلا أنها وصلت إلى ختام أعمالها وشرعت بالفعل في صياغة مسودة مطلع الأسبوع الحالي، اعتبرها الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، شريف محمد عثمان، بمثابة اتفاقا سياسيا بين المكونات التي شاركت بالنقاش والمداولة في الورشة.

التغيير: أمل محمد الحسن

وتعكف لجنة الصياغة وفق مصادر تحدثت لـ”التغيير” على كتابة مسودة توافقية، بدأت أعمالها مطلع الأسبوع الحالي وستستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل.

الناطق باسم المجلس المركزي: سنعرض الإطار الدستوري على جميع المكونات التي لم تشارك في الورشة

 

دستور جديد

 

وقال الناطق باسم المجلس المركزي لـ”التغيير” إن لجنة الصياغة ستخرج بمسودة متوافق حولها للفترة الانتقالية.

 وأضاف: “الاختلاف بين الإطار الدستوري والمبادرات المطروحة في الساحة السياسية أنها ذات مخرجات مضبوطة”.

وكشف عن نية طرح الإعلان الدستوري على كافة القوى السياسية الأخرى التي لم تكن جزءاً من الورشة للإطلاع والتعليق عليه.

 وخرجت ورشة الإطار الدستوري بعدد من التوصيات أهمها؛ تأسيس إعلان دستوري جديد يقضي بخروج المؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والمشاركة في السلطة في الفترة الانتقالية.

وشملت توصيات الورشة العديد من النقاط التي تتناول إصلاحات متعلقة بالمؤسسة العسكرية وتوصيف مهامها ومراجعة أنشطتها الاقتصادية، مع مقترح تمثيل الأجهزة العسكرية والأمنية في مجلس خاص بالأمن والدفاع.

ويبدو أن الحرية والتغيير تسعى لوضع المؤسسة العسكرية التي صرح قائدها مرارا بعدم رغبتهم في المشاركة السياسية واستعدادهم الكامل للخروج من العملية السياسية حال توافق القوى السياسية، أمام الأمر الواقع.

القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير شريف محمد عثمان

أزمة إدارة لا دستور

 

إلا أن الخبير القانوني نبيل أديب يعترض على فكرة عمل وثيقة دستورية جديدة، ” المطلوب العودة للوثيقة الدستورية وليس تكوين أي دستور جديد” .

ودافع أديب عن الوثيقة قائلاً إن المشكلة لم تكمن فيها أساسا، بل في عدم إكمال هياكل السلطة الانتقالية حتى حدوث انقلاب 25 اكتوبر.

وقال الخبير القانوني لـ”التغيير” جميع الأجهزة العدلية لم يتم تكوينها، مشيرا إلى عدم وجود محكمة دستورية، وإلى حادثة عزل رئيسة القضاء.

وأضاف: “الوثيقة الدستورية حددت 90 يوما لتشكيل المجلس التشريعي الأمر الذي لم يحدث طوال الفترة الانتقالية”.

واعترف أديب بوجود بعض البنود التي تحتاج لمعالجة في الوثيقة الدستورية القديمة، مثل بند حق الحرية والتغيير في اختيار رئيس وزراء، مشيرا إلى توسع قاعدة التحالف السياسي الذي شارك في ورشة الإطار الدستوري حالياً.

المحامي نبيل أديب – رئيس اللجنة المستقلة للتحقيق في “مجزرة فض اعتصام القيادة العامة”

اتفق مع أديب الخبير في الانتقال السياسي، عثمان برسي، الذي أكد ما ذهب إليه أديب بأن المشكلة لم تكمن في الوثقة الدستورية. 

“كان هناك خللاً في الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمكون الذي أدار الوثيقة الدستورية”.

وأضاف أما عيب الوثيقة الدستورية يكمن في أن عملية الانتقال بدأت بصورة عكسية”، ومضى شارحاً: مكونات الشراكة لم تدرك من أين تبدأ ديناميات التغيير، فبدأت بالتغيير السياسي وهذا خطأ كان لابد أن يبدأ التغيير الاقتصادية أولا ثم الاجتماعي وفي آخر الأمر يحدث التغيير السياسي.

واتهم برسي الحرية والتغيير بأنها صاحبة عقل سياسي “صفري”، لم يتمكن من خلق مؤسسات ديناميكية جديدة أو يتمكن من التفكيك المنطقي والعقلاني للمؤسسات الاجتماعية القديمة.

 

حاضنة سياسية جديدة

 

وكان من الملفت أن تقوم الحرية والتغيير بمشاركة مكونات سياسية كانت تعتبرها جزءاً من النظام الذي اسقطته ثورة ديسمبر، مثل الحزب الاتحادي الأصل الذي كان مشاركا في آخر حكومة للمعزول البشير وحزب المؤتمر الشعبي الذي كان مؤسسه هو عراب حزب المؤتمر الوطني الذي ثار عليه الشعب بعد أن حكم ٣٠ عاما بالحديد والنار.

ويبدو أن الحاضنة السياسية للحكومة المنقلب عليها، وضعت يدها في يد تلك المكونات السياسية من أجل تكوين أكبر قاعدة سياسية وشعبية ضد الانقلاب، في ماراثون المبادرات التي يرعاها العسكر ويسندها فلول النظام المباد.

 

رفض ناعم

 

الناطق الرسمي باسم لجان مقاومة صالحة المركزية: لم نكن جزءاً من ورشة الاطار الدستوري 

 

“على الرغم من كوننا لسنا جزءاً من الإطار الدستوري، إلا أننا نتمنى أن يحدث اختراقا سياسيا” هذا ما أكده المتحدث باسم لجان مقاومة صالحة المركزية، فيصل السعيد.

وانقسمت مكونات لجان المقاومة بين مشارك في ورشة الإطار الدستوري ومقاطع لها بسبب ضمها لكيانات محسوبة على النظام البائد.

وقال السعيد لـ”التغيير” إنهم يتفهمون تنوع أشكال الفعل السياسي الذي تقوم به الأحزاب السياسية، مشيرا الى دعمهم لكل ما من شأنه اسقاط الانقلاب.

“نحن في لجان صالحة المركزية لم نكن جزءاً من الورشة لكننا في الوقت نفسه لا نملك الحق في أن نمنع من يريد المشاركة”.

السبب الذي جعل بعض مكونات لجان المقاومة تقاطع ورشة الاطار الدستوري، من وجهة نظر اديب هو أفضل ما حدث فيها.

“أفلحت الورشة في ضم مكونات لم تكن تجلس مع بعضها البعض في السابق، من الجيد أن يتحدثوا عن إدارة الفترة الانتقالية وتشكيل هياكل الحكم، هذا التجمع للقوى السياسية يشكل حركة للأمام”.

 

مكونات أزمة

 

الخبير في الانتقال السياسي الذي اتفق مع أديب سابقاً حول الوثيقة الدستورية، خالفه الرأي بشدة واصفا القوى السياسية التي اجتمعت في ورشة الإطار الدستوري بـ”مكونات أزمة”، قاطعا بأنها لا يمكن أن تتمكن من ايجاد حلول.

“التحالفات التي تضم الأحزاب الطائفية والقوى المدنية تعبر عن التوازن السياسي القديم، ولا تمثل الحاضر ولا المستقبل”.

وأشار إلى أن التنافر الذي بداخله لن يسمح له بالتقدم خطوة للأمام في وضع حلول للأزمات الاقتصادية في بلاد وصلت نسبة الفقر فيها الى 85%.

“كأنك وضعت كونتينر على ظهر نملة” القوى السياسية التي تتجمع الآن وزنها خفيف مقارنة مع التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة في البلاد، وعقلها السياسي صفري أمام حل الأزمات.

وواصل برسي الهجوم على القوى السياسية التي وصفها بالفشل في ادارة المرحلة الانتقالية مشيرا إلى ما توفر لها من اجماع شعبي كبير خلقته ثورة ديسمبر، وكان استثنائيا في التاريخ السياسي السوداني.

وقال خبير الانتقال السياسي عثمان برسي: في العام 2020 مضى قرن من الزمان على شكل القوى السياسية القديمة التي قبرت وانتهت، والمسرح السياسي الان يحتاج الى قوى سياسية جديدة.

 

ماراثون المبادرات

 

ورشة الإطار الدستوري لم تكن المبادرة الوحيدة المطروحة على الساحة السياسية، ويمكن أن تكون مبادرة الطيب الجد من أكبر المبادرات التي تقف في الجانب المضاد لها الا أن ظهور عناصر النظام المباد في صفوف المنتمين اليها مع اعلان عدد من قيادات التحالفات السياسية عدم انتمائهم لها ربما يحدث هزة كبيرة فيها.

وتوقع مراقبون أن الهدف الاساسي خلفها والذي يريد أن يمهد الطريق امام الانتخابات المبكرة سيتم اعاقته بورشة الاطار الدستوري التي وسعت دائرة المشاركة السياسية عبر ضم الاتحادي الاصل والمؤتمر الشعبي.

وينتظر الجميع ما ستفضي اليه مخرجات الورشة التي من المتوقع ان يتم تسليم توصياتها للقوى السياسية، في نهايات اغسطس الجاري.

تنخرط حاليا كافة القوى السياسية التي شاركت في ورشة الاطار الدستوري، وفق مصادر مطلعة، في لقاءات سياسية مكثفة تهدف عبرها تقريب وجهات النظر ونقاش تفاصيل مطلوبات الفترة الانتقالية، ويبقى السؤال الجوهري هل يتنازل العسكر عن السلطة حال توصلت القوى السياسية لاتفاق سياسي متماسك؟

خبير سياسي: المجموعات التي شاركت في ورشة الإطار الدستوري “مكونات أزمة”

تاريخ الخبر: 2022-08-16 21:22:48
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية