عبد الحق الخيام.. رحيل كفاءة وطنية من أزمنة الحرب على الإرهاب


الدار/ بورتريه

في أعقاب السياق الإرهابي الذي عصف بالعالم منذ 2001 لم يسلم المغرب كدولة مستقرة من ضربات التطرف عندما اهتزت مدينة الدار البيضاء في 16 ماي 2003 على وقع تفجيرات غاشمة استهدفت أمن وطمأنينة المغاربة وأودت بحياة العشرات من الأبرياء. ووسط هذه الأيام العصيبة التي استهدفت بلادنا كان للمرحلة رجالاتها الذين واجهوا بكل ما يمتلكون من خبرة وكفاءة عواصف الترهيب التي كانت تبحث عن انتصار يزعزع استقرار المغرب والمغاربة. ومن قلب هذا الامتحان برز الإطار الأمني الوطني عبد الحق الخيام، ابن حي الإدريسية الشعبي بالدار البيضاء، ليرأس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية سنة 2004.

على رأس هذه الفرقة الأمنية برزت كفاءة هذا الرجل، المعروف بدماثة خلقه وارتباطه الوثيق بعائلته، ليعبر بالمغرب مرحلة أمنية حساسة جدا، كان فيها نموذجا للمسؤول المتفاني الذي يعمل بوقود نكران الذات والعطاء اللامحدود. عبد الحق الخيام الذي غادرنا وهو في الرابعة والستين من العمر نجح خلال فترة عمله على رأس هذه الفرقة الذي دام حتى 2015 في إبراز قدرات كبيرة على مستوى تطوير الأداء الأمني وتعزيز دور هذه الفرقة في حل العديد من القضايا والملفات الأمنية الشائكة التي شملت التعامل مع قضايا الشبكات الدولية وملفات التهريب وغيرها من القضايا التي شغلت الرأي العام.

لكن أهمية شخصية الخيام لا ينبع فقط من كونه رجلا معطاء على مستوى تدبير هيئة أمنية وطنية مهمة، وإنما في كونه ينتمي إلى هذا الجيل الجديد والمختلف من المسؤولين الأمنيين الذين تميزوا بالإضافة إلى تميزّهم على مستوى الأداء الأمني، بخاصية أخرى لا تقل أهمية، وهي تلك القدرة الكبيرة على التواصل مع المجتمع ووسائل الإعلام، ودفع المؤسسة الأمنية نحو المزيد من الانفتاح على محيطها وعلى الرأي العام الوطني. وهكذا ومنذ مساهمته المؤثرة في تأسيس وهيكلة المكتب المركزي للبحوث القضائية المعروف اختصارا بـ”البسيج” لم يتوقف المرحوم عبد الحق الخيام عن التواصل مع كافة المتدخلين ومع وسائل الإعلام الوطنية والدولية، ليشرح للرأي العام الوطني الكثير من المعطيات بخصوص عمل المكتب أو عمل الفرق الأمنية الوطنية في مواجهة الظواهر الأمنية المهددة وعلى رأسها الظاهرة الإرهابية.

لقد أعطت هذه القدرات التواصلية لعبد الحق خيام سمعة دولية أيضا باعتباره كان واحدا من المسؤولين الأمنيين القلائل الذين امتلكوا كفاءة دبلوماسية أيضا في إطار تفعيل الشراكات الأمنية للمغرب مع شركاء دوليين ومؤسسات أمنية عالمية شهيرة. وخلال الفترة التي ترأس فيها مكتب البسيج ما بين 2015 و2020 كان أداء هذه المؤسسة الأمنية على مستوى تفكيك الخلايا الإرهابية بشكل استباقي أداء غير مسبوق. لقد تم خلال هذه الفترة وحدها إحباط العشرات من العمليات الإرهابية التي كان مخططا لها واستطاعت بلادنا الحفاظ على استقرارها وحماية الأرواح والممتلكات بفضل حنكة رجالاتها ومن بينهم عبد الحق الخيام.

وإذا كان عبد الحق الخيام الذي تم تعيينه سنة 2020 مستشارا للمدير العام للإدارة العامة للأمن الوطني قد رحل عن دنيانا بعد أن قدم الكثير من العطاءات في مجال مسؤولياته، فإنه سيظل رمزا لعملية التجديد والتشبيب التي عرفها الجهاز الأمني ببلادنا وأفرز العديد من القيادات الأمنية المميزة والمشهود لها بالكفاءة وطنيا ودوليا، وكان من أبرزها أيضا المدير العام لإدارة الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف الحموشي. وفي هذا السياق فإننا لن ننسى أبدا أن الآلام التي صاحبت العمليات الإرهابية التي عصفت ببلادنا في أواسط العقد الأول من الألفية الثالثة كانت مناسبة في الوقت نفسه لتقديم أفضل رجالات الأمن الوطني وتصعيدهم إلى الواجهة.

تاريخ الخبر: 2022-08-23 21:24:04
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

إسبانيا لمواطنيها: "تندوف منطقة خطيرة وجب تجنبها"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:29
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية