النائبة والروائية ضحى عاصى لـ«الدستور»: «الإخوان» كانت تجر مصر إلى مصير «الاتحاد السوفيتى»

الجماعة فعلت مثلما فعل الغرب مع الروس وأوهمت الشعب بأن «كله لازم يتهد»

التنظيم الإرهابى نشر الإحباط وكُره النفس والتشكيك فى القيمة والقدرة بين الشباب

«الإسلام السياسى» قائم على «صناعة الإحباط» والزعم بأن النجاة لديه وحده

30 يونيو جاءت بعد مراجعة المصريين .. والجماعة أرادت قتل أحلامهم

التاريخ ليس هدفى فى كتابة الروايات وأعمالى تسعى لعودة الطبقة الوسطى

«صباح 19 أغسطس» أكثر رواية أرهقتنى ومتورطة فيها عاطفيًا بسبب حياتى فى روسيا 

أقترح إطلاق جائزة كبرى باسم مصر على غرار «البوكر» للحفاظ على ريادتنا الثقافية

عُرفت الأديبة والروائية ضحى عاصى بكتاباتها المتميزة، وكتبت العديد من الروايات التى صنفها البعض بأنها «تاريخية»، وتركت بصمة لدى القارئ العربى، وتميزت بالانصهار التام مع شخصياتها، حتى تظن أنها واحدة من أبطال كل رواية.

عاشت وتأثرت وتميزت بالأدب الروسى، وكتبت فيه واحدة من أهم الروايات، نظرًا للفترة التى عاشتها فى روسيا، كما أنها ابنة الشيخ مصطفى عاصى، أحد رموز التيار اليسارى المصرى ومؤسسى حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى.

صدر لها عدد من الدراسات والكتب، لعل أبرزها كتاب: «محاكمة مبارك بشهادة السيدة نفيسة»، الذى اعتُبر بمثابة دراسة للشعب المصرى وطلباته عام ٢٠١٢ وما قبلها، إلى جانب روايات: «١٠٤ القاهرة»، و«غيوم فرنسية»، و«سعادة السوبر ماركت»، و«صباح ١٩ أغسطس»، وتمت ترجمة العديد من أعمالها إلى اللغات الأجنبية، كما أنها خاضت انتخابات مجلس النواب عام ٢٠٢٠، ضمن تحالف الكتلة الوطنية من أجل مصر، الذى يضم ١٢ حزبًا، وهى ترفع شعار «الثقافة حق للجميع».

«الدستور» أجرت حوارًا معها للاطلاع على آخر أعمالها الأدبية، ومناقشة العديد من القضايا المطروحة على الساحة الثقافية حاليًا، ومعرفة آرائها حول المشهد الثقافى الآن، ورؤيتها للنهوض به.

■ هل تحبين فكرة «الرواية التاريخية»؟ وما نظرتك للتاريخ فى الكتابة؟ وهل هى مقصودة عندك؟

- فى الحقيقة لم أقصد الكتابة التاريخية ولست مشغولة بالتاريخ بعينه، لكن بالأحداث التى يمكن أن تكون أثرت فى رؤيتنا للعالم وأسهمت فى تغيير مساراتنا اليوم.

فى راوية «١٠٤ القاهرة» مثلًا، كانت البطلة من مواليد ١٩٥٢ وتوفيت فى أواخر ٢٠١٠، وبالتالى يحدث رصد للشخصيات الاجتماعية والسياسية فى المجتمع خلال هذه الفترة، كما أننا نرجع إلى قبل الخمسينيات من خلال الأم والجدة، وبالتالى هذا غير مقصود.

وعندما كتبت الرواية كانت الفكرة الأولى التى سيطرت على عقلى هى النظرة للطبقات الشعبية، والمتوسطة، فهى «عضم المجتمع»، وأشير إلى تغير نظرة المجتمع لمنظومة القيم، وأن من معه المال أو النفوذ أصبح هو الأهم، فضلًا عن خفوت صوت هذه الطبقة فى الدراما والكتابة.

حين كنت أكتب اكتشفت أننى أجرى رصدًا لما يحدث فى المجتمع، خاصة للطبقات الشعبية، رصدًا اجتماعيًا وثقافيًا ونفسيًا للمجتمع، عبر تحولاته فى الإيمان والزى والمنظومة الثقافية، كيف كان يتصرف وكيف أصبح يتصرف؟ كما كان هناك رصد لتأثير التغيرات السياسية.

كذلك عندما جئت أكتب «غيوم فرنسية» لم يكن هدفى التاريخ، ولو كنت سميتها «يعقوب» أو ركزت على شخصية «المعلم يعقوب» تحديدًا، سيكون ذلك أفضل من الناحية التجارية، لكن هدفى كان أعم وأشمل، فـ«يعقوب» هو نموذج لـ١٥ «حاجة» داخل الرواية، خلال فترة يتغير فيها العالم بشكل كبير، هى فترة الثورة الفرنسية.

هذه الثورة أثرت فى العالم كله، فلماذا لا نفترض أن المصريين تأثروا بأفكارها النبيلة، بدلًا من وصف من يفعل ذلك بـ«الخيانة»؟ فمن الوارد جدًا أن «يعقوب» هذا نموذج للأقليات تأثر بأفكار العدالة والمساواة، والأقلية المضطهدة عندما يأتى نظام جديد تتصور أنه ينصفها، ومن الطبيعى لو حاكم يعاملنى بشكل سيئ لن أحبه، بعيدًا عن الأيديولوجيات والكلام الكبير، فنحن بشر فى النهاية.

وفكرة «التخوين» ليست منطقية فى الرواية، لأن مصر كانت جزءًا من إمبراطورية أخرى، بلد مستعمرة وجاء احتلال آخر يستعمرها، وهنا فى الرواية نفاضل بين شكلين من أشكال الاستعمار، لذا من الطبيعى أن يختار كل جانب الشكل الذى يتصور من وجهة نظره أنه مريح أو مناسب له.

وهناك فى الرواية أيضًا «جرجس الجوهرى»، الذى اتحد مع العثمانيين للدفاع عن أرض الوطن، وكان يمثل الكنيسة الرسمية، ومن المفاجآت أن الكنيسة كانت رافضة الفرنسيين بسبب الخلاف المذهبى بينهما، وليس من أجل الوطنية.

ورواية «صباح ١٩ أغسطس» جاءت فى السياق نفسه، ودارت حول محاولات الشيوعيين لإنقاذ الاتحاد السوفيتى.

وفى هذه الرواية هناك جملة أحبها جدًا، هى: «أنهم يفقدونكم الثقة فى أنفسكم وقيادتكم»، فالحرب النفسية التى مورست على الروس كانت كبيرة، وجعلتهم لا يصدقون الدولة والنظام، ويقفون بالطوابير على «ماكدونالدز»، وهذا من تأثير الدعاية، والرواية كتبت وطبعت قبل الحرب الأخيرة.

النائبة والروائية ضحى عاصى

■ كيف ترين سقوط الاتحاد السوفيتى؟ وأين الوضع الآن؟

- هذه تجربة كبيرة وصعبة على، وأكثر رواية تعبت فى كتابتها هى «صباح ١٩ أغسطس»، وعلى الرغم من أن هناك من يرى أن رواية «غيوم فرنسية» بها معلومات ووجهات نظر وقضايا وبحث، لكننى متورطة عاطفيًا بشكل أكبر فى رواية «صباح ١٩ أغسطس»، لأننى عشت وسط الشعب الروسى، فى دولة عندها الطعام والشراب والمستلزمات الحياتية، وفجأة وجدت نفسها لا تجد الأكل! 

لذلك رواية «صباح ١٩ أغسطس» أهم وأصعب بالنسبة لى، لأنها تُعبر عنى وعن تجربتى الشخصية، وليس رأى أبطال الرواية، وأنا أغلب الوقت أطرح وجهات نظر مختلفة لأبطال الرواية، وركزت على فكرة «الإحساس بالقيمة».

فأيام الحرب الناس لم يجدوا الطعام والشراب، لكن كان عندهم «إحساس بالقيمة»، وهو ما عبرت عنه عبر المقارنة بين ما فعلته الجدة والحفيدة فى الرواية، فالأولى حوصرت قرابة ٩٠٠ يوم، ولم تجد الطعام، وكانت وغيرها يطهون الأحذية وورق الشجر والصمغ، لكن كان عندها إحساس بالقيمة، فقاومت وقالت: «إحنا شعب يقدر يحافظ على بلده». أما البنت فكانت فاقدة القيمة، قيمة بلدها ووجودها، واعتقدت أنه لا بد أن تكون شخصًا آخر حتى تكون جميلة، وعندما فعلت ذلك، أصبحت ضعيفة ومهانة ومهزوزة وتعانى من عدم وضوح فى كل شىء.

وعندما انهار الاتحاد السوفيتى لم تكن هناك معركة أو دم، ومع ذلك كان الانهيار النفسى أكبر بكثير، ورغم أن الجدة خرجت قوية، لكن البطلة خرجت لا تعرف من هى، لذا هناك جملة فى الرواية تقول: «أنا لا أشبه جدتى التى حاربت الألمان، ولا أشبه أمى بنت الدولة العظمى التى بنت المصانع لدول العالم، أنا ابنة الانهيار!».

النائبة والروائية ضحى عاصى

■ هل ترين أن المجتمع الروسى استعاد نفسه مؤخرًا؟

- ليس لى الحق أن أتحدث بلسان الشعب الروسى، لكن الفكرة أن المجتمع انهار فى فترة ما، قبل أن يستعيد عافيته، لذا معظم أصدقائى يقولون لى: «بنحب بوتين»، لأنه استعاد قوتنا من جديد، وهذا لا يمنع وجود تيارات أخرى ترى أن حكم «بوتين» ديكتاتورى.

وهناك تيارات كبيرة لم تتوقع أن الدول الغربية تمنع تدريس الأدب الروسى، وتصادر أموالًا لرجال أعمال روس، وهى تتكلم فى كل وقت عن معادلة الحريات والديمقراطيات، لكن اتضح أن الموضوع ليس بالمثالية التى كانوا يعتقدونها، لذا ظهرت أجيال جديدة فى روسيا تقول: «عايزين دولة قوية تقف وتصمد ويكون لها دور فى العالم».

والشعب الروسى شعب كبير ومثقف وحضارى، ولولا هذا ما كان استطاع أن يستعيد قوته من جديد، وبعض الأصدقاء من المتخصصين فى الأدب الروسى قالوا لى إن «التسعينيات تمثل فترة العشرية السوداء للأدب الروسى، وحتى الآن لم تُكتب عنها نصوص إلا ما ندر، سواء فى روسيا أو خارجها، ويمكن نصك هذا من أوائل النصوص التى أرّخت لما حدث فى الانهيار والجوع وتغيير منظومة القيم».

وهذه الفترة فى حياة الروس صعبة، لدرجة أن الأطفال الذين كانت تتم استضافتهم فى لقاء تليفزيونى، يقول الطفل منهم: «حابب أطلع رجل مافيا».

هناك جزئية ظهرت وسط هذه الأحداث، هى دور جماعات «الإسلام السياسى» وعلاقتها بانهيار الاتحاد السوفيتى، وأتذكر مشهدًا كتبته أن ملكة بريطانيا تهدى درعًا وسطه نجمة لشخص ساعد فى سقوط روسيا، ضمن منظمات مسلحة كانوا يسمونها «حركات التحرر».

وحرب أفغانستان كان جزء منها يستهدف تهديد ظهير روسيا، فروسيا تم تصديرها على أنها ضد الإسلام، رغم أنها كانت تدافع عن حدودها، وذهب من مصر كثيرون إلى هذه الحرب، التى رغم أنها ليست لها علاقة بالإسلام، تم تسويقها على أنها «حرب إسلامية». وكانت هناك معسكرات تدريب للجمهوريات الإسلامية داخل أفغانستان، ومنهم من دعم الحركات الانفصالية الروسية، وهذا نعيشه الآن، لذلك حرصت فى الرواية على أن أذكر الأحداث الإرهابية التى فعلتها تلك الجماعات، منها تفجير مسرح موسكو، وغيرها من التفجيرات الإرهابية الشبيهة لما حدث عندنا فى مصر. لذا المقصود من الرواية هو أن أجعل العالم يرى حقيقة ما حدث، الذى يشبه ما نراه حاليًا من تفجير المساجد والكنائس والمستشفيات وغيرها، كما حدث فى روسيا أيضًا، فقد ظهر وقتها ما يمكن أن نسميه «عولمة الإرهاب»، وذهب مصريون كثر وانضموا لتلك الجماعات فى أفغانستان. وطوال الوقت كنت أتمنى أن أكتب تجربة انهيار الاتحاد السوفيتى وحدها، بعيدًا عن أى تفاصيل أخرى، لكن لم يكن عندى مدخل، حتى وجدت مدخل «التفكيك والتشكيك فى قيمتك»، الإيحاء بأننا سيئون ولا بد أن نغير كل شىء، وهذا فيه تشابه كبير مع الواقع المصرى بعد «يناير» وفترة «الإخوان»، فخلال هذه الفترة تم الترويج لشعور: «لا بد أن نهد كل شىء» و«أننا بلا قيمة» و«نكره نفسنا»، ما أدى إلى ظهور الشباب الراغب فى الهجرة، ومن يرى كل شىء سيئًا ومحبطًا.

الاستاذ وائل لطفي

■ هل صناعة الإحباط هذه مقصودة؟

- تفسيرى أن هناك أسبابًا حقيقية للإحباط، فهناك طبقية، وهناك إعلام مضلل يخرج دائمًا يقول إن الحياة لطيفة، بينما الشخص يجد حياته غير ما يتم الترويج له.

وكما قلت، جزء من أيديولوجية «الإسلام السياسى» هو «صناعة الإحباط»، عبر جعل الناس محبطين كى يبحثوا عن النجاة والحل عنده وفى منظومته، وهو دائمًا ما يعدك بأشياء غير موجودة على أرض الواقع وغير مكلفة بالنسبة له مثل الجنة والشهادة، فهو يحبطك، ويوهمك بأن حياتك غير مناسبة، وأن غيرك عايش بشكل كويس، حتى تُحبط و«تاخد القصر فى الجنة».

أما الجزئية الثانية، وهى مهمة، فنحن شعب مصرى يحب الحرية، وليس كل ما يُقال عنه إنه «مُحافظ»، نحن شعب عنده أخلاق لكنه يحب الحرية، يحب يضحك.. ابن نكتة، يحب يغنى، عندنا مساحات حرية وقيم، وهذا ما يفسر امتلاكنا حضارة قوية، لأن مساحة الحرية تجعل الإنسان يتطور.

وفى نفس الوقت عندك منظومة قيم تخليك قوى وتحافظ على هذا المجتمع، لكن أفكار «الإسلام السياسى» إلى جانب أنها محبطة، تقتل فيك الحرية، تجعلك غير مسموح لك إنك تعمل كذا، وهذا يصيب الفرد بالكبت والإحباط، ويجعله «عايز يجرى».

النائبة والروائية ضحى عاصى

■ كيف ترين المشهد الثقافى الآن باعتبارك قريبة منه وكاتبة ونائبة؟ وهل أنت متفائلة به؟ وما الذى يحتاجه هذا المشهد الآن؟

- التربة خصبة ولكن نحتاج إلى اهتمام، فعندنا مبدعون حقيقيون وفنانون وإنتاج جيد، لكن ريادة مصر تنسحب منها، وهذا ليس لأن هناك من ينتج أفضل ولكن لأنه استثمار، لو استثمرنا فى الثقافة سنرجع لمستوانا، وإذا لم نعتبر الثقافة فى أولوياتنا ستنسحب منا الريادة، ومبدعونا سيذهبون إلى أماكن أخرى وهذا حقهم.

لكن المشهد كله عندما أنظر إليه كشخص يفكر ويطرح على نفسه أسئلة، كيف تظل مصر على وضع الريادة؟ وكيفية الاستثمار فى الثقافة والمنتج الثقافى؟ هناك حاجات عديدة من السهل والبساطة أن تنفذ لكنها غائبة.

مثلًا أن تعلن مصر عن جائزة كبيرة فى الأدب باسم مصر النيل، تكون جائزة عربية مثل جائزة البوكر، وهذا سيفرق فى وضع مصر الثقافى، فالمبالغ التى تخصص للجوائز ليست كبيرة، فى حين لدينا الريادة والإمكانات، ويجب أن تكون الجوائز فى المسرح والشعر والأدب وكل أنواع الفنون.

وهناك أمر آخر اشتغلت عليه وأتمنى يؤتى نتائج جيدة، وهو أنه ليس عندنا منهج لتسويق الأدب المصرى، وحين كنت طفلة، كان أبى يأتى لى بروائع المسرح العالمى، وروائع الأدب الروسى، فكنت أعشق دوستويفسكى، وكثير من المصريين تربوا على الأدب الروسى ومنحازون لروسيا، وهذا يخلق قربًا وليس معرفة فقط.

والمصريون الذين تخرجوا فى مدارس فرنسية يحبون فرنسا، والعرب الذين تعلموا فى مصر وتولوا مناصب فى بلادهم كانوا يفعلون لها أشياء كثيرة لأنهم يحبونها ودرسوا فيها، ومن المهم الإنفاق على الثقافة والتعليم لأنهما القوى الناعمة.

وعندما كنت نائب رئيس لجنة التحكيم فى مهرجان تشيخوف الدولى، وبالمصادفة كان يوجد واحد من قيادات مركز الترجمة المصرى، فعرفته على مركز الترجمة الروسى، فقال الروس سندفع مقابل ترجمة ١٠٠ كتاب، فقال أعضاء المركز القومى للترجمة، سندفع للروس مقابل ترجمة ١٠٠ كتاب روسى، قلت لهم هذا جميل للغاية، واقترح الروس الصرف على ترجمة كتبهم فقط، بينما طالب الجانب المصرى بالصرف على الأدب المترجم، حتى يعرف المصريون الأدب المترجم، فتتبعت الموضوع وفكرت فى أن كل دولة تصرف على أدبها حتى ترسله للدول الأخرى. وقد بدأ تنفيذ أشياء جيدة، منها «سينما الشعب والثقافة الجماهيرية ومسرح التجوال»، عندنا مشكلة فى العمل الثقافى، فالثقافة ليست وزارة الثقافة، بل هى «القماشة اللى يتعمل منها أمور كثيرة»، عندنا مناهج التعليم والسينما والإعلام، والثقافة هى «اللغة واللبس وسلوكياتك بشكل عام»، ومنظومة الثقافة تعانى من أمور كثيرة منذ ٣٠ سنة كلها إحباطات ورجعية.

وأتذكر عندما أسست مركزًا ثقافيًا وكان له صدى، فى هذا التوقيت كان فى المقطم، وكان له جمهور كبير، وكنت أُعلم فيه الموسيقى، وكان الهدف إنتاجًا متذوقًا، وأن تكون الموسيقى جزءًا من أنماط حياة الناس، ومنها أيضًا السعادة، «إن الناس تتبسط بحياتها».

■ برأيك ما الذى ساعد فى نجاح أو تسبب فى عدم فشل ثورة يناير كما تقولين؟

- نعم أنا لست مع من يقول إن ثورة يناير فشلت، فالثورة تغيير وليست هناك أمور تتغير بين يوم وليلة.

وأول ميزة لثورة يناير أننا نصلح ولا نهدم، والأمر الآخر أن الشباب بدأ يهتم بالسياسة، وبدأ الناس يشاركون فى الأمور السياسية، فالطريق المنطقى لتعبير الناس عن أنفسهم فى حرية البرلمان والأحزاب، كل هذه المشاركات ستخلق نضوجًا، النضج فى التعبير، المسألة إننا انفجرنا دون أن نعرف ما الذى يمكن أن نفعله، فنزلنا الشارع، ومع التجربة بدأت الناس تسأل وتتابع وتراجع نفسها، والمراجعات فى حد ذاتها نجاح.

والنجاح أيضًا أننا عرفنا فصيلًا، كان البعض يظن أنه فصيل جيد، وتعاطف معه الكثيرون، لكن حين دخلنا معه فى تجربة اكتشفنا أن هذا الفيصل ليس منّا، وبدأ كثير من الناس يعرف الفرق بين الدين والسياسة، خاصة بعد أن حاول هذا الفصيل أن يفرض على نموذجًا دينيًا يناسب أهدافه، فى حين أن لدى قناعة هى أن أومن بالله بطريقتى، وأدرك الناس أن هذا ليس تدينًا، وإنما صورة نمطية لفصيل.

من هنا، ومع ٣٠ يونيو، بدأ المصريون يبحثون عن أنفسهم بشكل كبير، ومراجعة الذات، كل هذه المراجعات تمثل نجاحًا، وخلق جيل قادر على التمييز، ويواجه جماعة حاولت القضاء على حلمنا، وقتلت أصحابنا فى الميدان، من النجاحات أيضًا أن الشعب بدأ يعتدل فى طموحاته لتكون أكثر موضوعية، كلنا نود أجمل حاجة فى النظام والبلد، لكن ليس فينا من عنده «يوتوبيا»،، فالناس بدأوا يستوعبون بموضوعية الأحلام، وأننا نتعاون فى الإصلاح دون تخريب.

■ شركة المتحدة للخدمات الإعلامية أجرت اتفاقية مع وزارة الثقافة لاكتشاف المواهب فى نجوع وقرى مصر.. هل ترين أن هذه الاتفاقية ستتبنى جيلًا من المبدعين وترعاهم؟ 

- المبادرة جيدة، والمجتمع المدنى له دور مهم، والصناعات الثقافية لها دور مهم جدًا، والثقافة لا بد أن تكون جزءًا من نشاط المجتمع، وهذا يرجعنا لموضوع قدمت به طلب إحاطة لكنه توقف، بيان الكود الثقافى، وقد وجد ترحابًا كبيرًا لكنه لم يكتمل، والكود سيكون مثل سجل ثقاقى مثلما يوجد سجل صناعى وزراعى، على المستويات الصغيرة.

علينا أن نفتتح مكتبات، بدلًا من الكوافير، نقدم تسهيلات لتأسيس المكتبات، مثل الإعفاء من الضرائب، مع مساهمة الدولة فى تأسيس مكتبات، وفكرة أن الثقافة لا تقوم بها الدولة فقط، ويمكن أن نستثمر فى الثقافة، ولا بد من فتح مجالات للشباب فى العمل الثقافى. 

■ فكرة النشأة فى بيت تنويرى.. كيف أثرت عليك فى حياتك وكتاباتك وخطواتك للإصلاح؟

- الإنسان ابن بيئته، كنت أضحك مع والدى وأقول له دائمًا: الممثل ابنه بيطلع ممثل والدكتور كذلك، طيب إحنا هنطلع إيه يا بابا وأنت شيخ تنويرى، فكان يضحك ويقول سوف تكونى حاجة كويسة، فلو عندك رؤية لتغيير العالم ستعملين عليها وتنفذينها.

وعن التكوين، فكلنا نشبه أهالينا، سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم، وحتى لو اختلفنا فالخلاف يكون على نفس الأرضية، لكننا عانينا من المجتمع كثيرًا، فالوالد اتهم بالشيوعية، وهذا أثر علينا فى المدرسة والارتباط، وسألته مرة يعنى إيه شيوعى فشرح لى، وواجهنا تحديات كثيرة نتيجة أن والدى تنويرى، ووالدتى عانت كثيرًا من الهجوم عليه، لدرجة أنها نصحته كثيرًا بالسفر للخارج بحجة أن لديه بنات، فكان يقول رزق بناتى على الله.

■ كتبت روايات كثيرة.. ما الرواية التى قرأتها وكنتِ فخورة بها؟ أو التى شعرتِ بعد كتابتها بأنها غير مناسبة؟

- لا أقرأ رواياتى بعد كتابتها، وهناك بعض الناس قالوا لى «ولادتك صعبة»، فلم أستخرج الأعمال بسهولة، من الممكن أن أجرى تعديلًا للنص ١٣ مرة وأعيد الرواية من أولها لآخرها، وأحيانًا أصل لمرحلة إنى تعبت من النص، وأشعر بأنها عبرت عنى فى لحظة من حياتى، وبالنسبة لى لا توجد رواية مفضلة عن الأخرى، فرواية «١٠٤ القاهرة» كتبتها فى ٧ سنوات وبشتغل فيها كل يوم، و«غيوم ٣ سنوات»، و«صباح ١٩ أغسطس» كتب كل منها فى ٤ سنوات متواصلة، لمدة تصل إلى ١٠ ساعات فى اليوم، فهذه طبيعتى فى الكتابة.

وأجد القراء مختلفين فى تقييماتهم للأعمال، وكل نص ليس شبهى، فأنا ألبس شخصياتى فى الكتابة.

 

تاريخ الخبر: 2022-08-24 21:21:25
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٣)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:21:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:07:01
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

كتل ضبابية وحرارة مرتفعة ورياح قوية في طقس يوم الجمعة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:08:54
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 79%

الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:07:18
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 100%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية