وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إلى الجزائر في مستهل زيارة رسمية هي الأولى منذ 5 سنوات وكان في استقباله الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

وذكرت قناة "فرانس 24" على موقعها الإلكتروني، أن ماكرون الذي "حط الرحال في الجزائر يسعى من خلال زيارته إلى طيّ صفحة القطيعة وإعادة بناء علاقة لا تزال مثقلة بأعباء الماضي".

وأظهرت صور التلفزيون الرسمي الجزائري، وصول ماكرون إلى مطار "هواري بومدين" بالعاصمة الجزائر وكان في استقباله الرئيس تبون.

ويرافق ماكرون في زيارته الثانية إلى الجزائر خلال 5 سنوات وفد مكون من 90 شخصية، بينهم وزراء ورجال أعمال ومثقفون مختصون في تاريخ البلدين، فيما تخلف حاخام فرنسا الكبير حاييم كورسيا عن الزيارة، بعد ظهور نتيجة فحص كوفيد-19 الخاص به إيجابية، وفق وسائل إعلام فرنسية.

غير أن مصادر إعلامية جزائرية متعددة، أكدت أن غياب الحاخام اليهودي عن الزيارة، راجع إلى تحفظ السلطات الجزائرية بسبب مواقفه المساندة للاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.

وهذه الزيارة هي الثانية لإيمانويل ماكرون إلى الجزائر منذ توليه الرئاسة، وتعود زيارته الأولى إلى ديسمبر/كانون الأول 2017 في بداية ولايته الأولى.

عودة بعد قطيعة

سرعان ما تلاشت آمال الاعتذار عن جرائم الاستعمار الفرنسي مع صعوبة توفيق ذاكرة البلدين بعد 132 عاماً من الاستعمار والحرب الدموية.

وضاعف ماكرون المبادرات في ملف الذاكرة، معترفاً بمسؤولية الجيش الفرنسي عن مقتل عالم الرياضيات موريس أودين والمحامي الوطني علي بومنجل خلال "معركة الجزائر" عام 1957.

واستنكر "الجرائم التي لا مبرر لها" خلال المذبحة التي تعرض لها المتظاهرون الجزائريون في باريس في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961.

لكن الاعتذارات التي تنتظرها الجزائر عن الاستعمار لم تأت أبداً، ما أحبط مبادرات ماكرون وزاد سوء التفاهم.

وتفاقمت القطيعة مع نشر تصريحات للرئيس الفرنسي عام 2021 اتهم فيها "النظام السياسي العسكري" الجزائري بإنشاء "ريع للذاكرة" وشكّك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار.

ومذاك أعاد ماكرون الأمور إلى نصابها وقرر الرئيسان إعادة الشراكة بين البلدين إلى مسارها الصحيح.

صفحة جديدة؟

سيناقش الرئيسان قضايا عديدة، منها الوضع في مالي حيث أنهى الجيش الفرنسي للتو انسحابه، والنفوذ الروسي المتزايد في إفريقيا.

وتلعب الجزائر دوراً محورياً في المنطقة نظراً لامتداد حدودها آلاف الكيلومترات مع مالي والنيجر وليبيا، كما أنها مقرّبة من روسيا مزوّدها الرئيسي بالأسلحة.

وستكون قضية التأشيرات الفرنسية للجزائريين في قلب النقاشات أيضاً بعد أن قرر إيمانويل ماكرون عام 2021 خفضها إلى النصف في مواجهة إحجام الجزائر عن إعادة قبول رعاياها المرحّلين من فرنسا.

والسبت أعلنت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه"، أن الرئيس ماكرون سيزور الجزائر من 25 وحتى 27 أغسطس/آب الجاري، بهدف إحياء العلاقات بين البلدين بعد شهور من التوتر.

وذكر بيان الإليزيه الذي صدر بعد اتصال هاتفي بين ماكرون وتبّون، أن الزيارة "تساهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلاً.. وتعزيز التعاون الفرنسي-الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية ومواصلة العمل على ذاكرة" فترة الاستعمار.

وتأتي زيارة ماكرون في سياق تحولات عميقة باشرتها الجزائر على سياستها الداخلية والخارجية، بخاصة مع توجهها اللافت نحو بناء شراكات اقتصادية جديدة خارج الدائرة التقليدية الأوروبية والفرنسية تحديداً وأيضاً في ظل الأزمة بين الدول الأوروبية وروسيا، جراء حربها على أوكرانيا، ما تسبب بأزمة طاقة في أوروبا.

TRT عربي - وكالات