«مضوي» ايقونة شباب «الحصاحيصا».. احتفل بعيد ميلاده الأخير يوم «اقتحام القصر» وارتقى بالشهادة


على مرمى البصر، لا تخلو أزقة وشوارع وجدران ومقاهي الحصاحيصا بولاية الجزيرة وسط السودان من ذكرى وسيرة أيقونة المدينة الشهيد الراحل مضوي ضياء الدين.

التغيير: عبدالله برير

“مضوي” صاحب العشرين ربيعا، يلقبه أصدقاؤه بالزعيم الصامت، ذلك لأنه قليل الكلام كثير النضال.

(ترس) مدينة الحصاحيصا الشاب تنحدر أصوله من ولاية الجزيرة حيث جذور الوالدة من منطقة الحلاوين، ووالده من مدينة الحصاحيصا.

الثائر المولود بتاريخ ثورة ديسمبر التاسع عشر من الشهر ذاته، تاريخ مثل لديه رمزية كبيرة جعله يصرح في غير ما مرة للمقربين منه بأن “الثورة تخصه أكثر من غيره”.

وعلى الرغم من نشوئه تحت كنف والدين منفصلين، إلا أن الأمر لم يشكل فارقا كبيرا لدى “مضوي” الذي عرف بتمرده على الكثير من المسلمات.

دائرة أصدقاء الشهيد بدت محصورة في البداية، ربما بسبب انتقائيته التي تميز شخصيته في محدودية ونوعية حديثه ومميزات أصدقائه.

إلا أن تلك الدائرة سرعان ما اتسعت وتمددت بشكل لافت، وكأنها في سباق مع الزمن والقدر.

احتفاظ إبن الحصاحيصا المغدور بمساحة حذر بينه وبعض الناس، لم يزده إلا حبا وسط الكثيرين، ووصف بأنه صعب المراس في مواقفه غير لين لا يحب اللون الرمادي وأواسط الأمور، ما أضاف إليه رصيدا صنفه في كاريزما “الزعيم الصامت”.

على مسرح الثورة

بدايات ظهور “مضوي” ضياء الدين، على مسرح الثورة تزامنت مع أيام سطوة جهاز أمن الرئيس المخلوع عمر البشير.

ترسانة النظام البائد الأمنية لم ترهب “مضوي” الذي عرف وقتها على أنه “ترس جسور” من تروس الثورة، مصادما في أيام شديدة البأس للإسلاميين الذين لم يتورعوا في سفك الدماء والتقتيل وانتهاك الحرمات.

غير أن الزعيم الصغير ضرب ببطش السلطة عرض الحائط واختار طريق النضال على قسوته.

ظروف قاسية

الظروف الأسرية المعقدة التي عاشها “مضوي” كانت إحدى الأسباب التي جعلت هذا الصبي وقتذاك لا يكمل تعليمه، إذ فارق مقاعد الدراسة قبل أن يتخرج في المدرسة الأساسية.

المجهودات التي قام بها الحادبون على مصلحته لإعادته للمدرسة لم تكلل بالنجاح وجوبهت بصد عنيف من قبل محسوبين على النظام البائد، بعد أن عرقل مسؤولون تربويون المسألة نكاية في (الثورة والثوار).

على غرار غيره من أترابه الشباب في سنه الغض، كان “مضوي” مهووسا بالفنان الراحل محمود عبدالعزيز، مليئا بالحياة والحب وطاقة الشباب الفياضة.

ترك أيقونة الحصاحيصا عالم الشباب المترف بالألوان الزاهية، وارتضى طريق الصمود جاعلا من الثورة حياته البديلة.

الطريق إلى الشهادة

بما يشبه الاستئذان وقبيل موكب التاسع عشر من ديسمبر بأيام أخبر والده بأنه ذاهب (للاستشهاد) وكأنه رأى الشهادة تلوح أمامه في الأفق.

يقول أحد أصدقائه لـ(التغيير): “قبيل موكب الخرطوم المركزي 19 ديسمبر 2022 المتجه للقصر الجمهوري بيوم جاءني في مقر عملي بسوق الحصاحيصا كعادته”.

وأضاف: “قال لي مضوي بالحرف الواحد: بكرة يمكن نمشي الخرطوم أو مدني للموكب، واستأذنني بأنه سيذهب في مشوار قصير داخل المدينة ليعود إلي قبل أن يغادر صبيحة اليوم التالي إلا أنه لم يعد وليس من عادته إخلاف الوعد”.

في صبيحة 19 ديسمبر 2021 ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بفيديو للراحل وهو يحتفل بعيد ميلاده وسط الثوار ممارسا هوايته المفضلة في اللعب بعبوات الغاز المسيل للدموع.

واصل” مضوي” ضياء رحلة نضاله بالخرطوم ولم يعد للحصاحيصا كما في المواكب السابقة، وبقي بالعاصمة حتى يوم السابع عشر من يناير المتزامن مع ذكرى رحيل المبدعَين المتمردين مصطفى سيد أحمد ومحمود عبدالعزيز.

في مرمى النيران

جسارة “مضوي” وشخصيته القيادية وتصديه للعسس في مقدمة المواكب جعلت الشاب المتحمس في مرمى نيران جنود “البرهان”، الذين اغتاله أحدهم برصاصة غائرة في الصدر مساء 17 يناير.

كان إسعاف “مضوي” إلى المشفى وهندامه بتقطر دما وهو محاط بالثوار كما الوردة القانية شديدة الحمرة التي شكت بدبوس غادر.

زف الثوار رفيقهم مضرجا بدمائه التي حاصرت جسده النحيل حتى غطت ملامحه ما صعب التعرف عليه وسط سحابات الدخان وأصوات الكنداكات الثكلى.

انتشر خبر استشهاد “مضوي” في مسقط رأسه انتشار النار في الهشيم عطفا على شهرته الواسعة وبسالاته النبيلة، ما جعل المدينة تتلبس ثوب الحداد في أشد الأيام ظلمة على قاطنيها.

ليلة رحيله كانت وما زالت عصية الاجترار على أصدقائه الذين انفض سامرهم وقتذاك لينتبذ كل منهم مبكى قصيا يلجأون إليه كلما اهتز الوتر وتداعت الذكرى.

تاريخ الخبر: 2022-08-29 18:23:36
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:36
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:49
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 58%

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:30
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية