المسلمون والمسيحيون يضربون أروع الأمثال علي الاتحاد والترابط والمحبة والتعاطف محافظ كفر الشيخ الذي تبرع لبناء كنيسة
المسلمون والمسيحيون يضربون أروع الأمثال علي الاتحاد والترابط والمحبة والتعاطف محافظ كفر الشيخ الذي تبرع لبناء كنيسة
ما أجمل أن يحب بعضنا البعض, وما أسمي أن يحترم كل مواطن عقيدة المواطن الآخر, وما أعظم أن يشجع كل منا صديقه أو زميله علي أن يرعي الله في ذمته وضميره, وأن يتمسك بأهداب دينه, حتي ولو كان علي غير دينه, فالأديان كلها تحض علي الفضيلة, وتنهي عن الرذائل, وتدعو إلي التسامح بين الإنسان وأخيه الإنسان في أي مكان كان, وفي أي بقعة من بقاع الأرض, فما بالك بأعضاء الأسرة الواحدة, في المجتمع الكبير, في الوطن الواحد, عليهم علي بعض حق الجوار, وحق الأرض التي شبوا عليها, والسماء التي استظلوا بظلها, ولقمة العيش التي تقاسموها, وسلسلة الخدمات التي يؤديها كل منهم للآخر من القاعدة إلي القمة, وحق الفرح الذي يستشعر به هذا, لخير عم علي ذاك, وحق المشاركة في الأسي والحزن لحدوث مصاب, أو وقوع فاجعة, وحق الدم المراق الذي يمتزج في ساحات الشرف, وأرض المعارك, دفاعا عن الوطن, وعن المواطنين..
وما أحلي أن نسمع أن مسلما أو مسيحيا أسهم في بناء كنيسة أو مسجد, فكلها بيوت عبادة, نؤدي فيها الصلاة, ونسجد أمام عرش الله, نقبس من فيض نوره نورا ينير لنا طريق الحياة, ويهدينا إلي الحق وإلي الصواب, ويثبت فينا الإيمان, ويساعدنا علي أن نتبع فضائل الأديان, وعلي ألا نتجاوز حدودها.
وأعرف كثيرا من المسيحيين والمسلمين الذين تبادلوا الإسهام عن طيب خاطر في بناء دور العبادة, وأعرف أن المغفور له قليني فهمي باشا قد شيد كنيسة ومسجدا في ضيعته بمغاغة وأوقف أملاكا له للإنفاق عليهما.
روح عالية سمحة قل أن توجد في أي بلد من البلاد, وهي ظاهرة صحية في بلادنا العزيزة, إن دلت علي شيء فإنما تدل علي التعاطف والحب والمود والاحترام المتبادل للعقائد بين عنصري الأمة..
ومن ثلاثة أيام قرأت خبرا في جريدة الأخبار مؤداه أن السيد إبراهيم بغدادي محافظ كفر الشيخ تبرع بمبلغ مائين وخمسين جنيها لإعادة بناء كنيسة الأقباط الأرثوذكس بدسوق علي رقعة أوسع بعد أن تقادم بالكنيسة القديمة العهد, وآلت إلي السقوط.
وأنا أعرف السيد إبراهيم بغدادي, وأعرف عنه ثقافته الواسعة, وسعة أفقه, وعلو همته, وكريم محتده, وصدق وطنيته, لذلك لم أستغرب منه أريحيته وفضله, عندما قرأت الخبر, لأنه ليس غريبا علي الرجل الفاضل أن يظهر علي سجيته, وأن تنضح أعماله عن معدنه, وهو فيما فعل من خير, نسج علي منوال الرئيس والأب والإنسان جمال عبدالناصر, وسار علي دربه, إذ تبرع بمائة ألف جنيه, ثم بخمسين ألفا للمساعدة في بناء الكاتدرائية المرقسية الجديدة.
هكذا يضرب المسلم والمسيحي المثل أروع المثل علي الأخاء, وعلي الاتحاد, وعلي الترابط, وهنيئا لبلاد هذا قائدها, وهؤلاء حكامها, وهذا شعبها..
وما وجدت المنابر لاسيما في المساجد والكنائس إلا لتعزيز هذه الروح, فالدين محبة, والدين تعاطف, وعلي الوعاظ والمتحدثين من علي هذه المنابر التي اعتلاها علماء الأزهر في الكنائس, والكهنة في المساجد في ثورة سنة 1919 ليفوتوا علي المستعمر تحقيق مأربه بالتفريق بين أبناء الوطن الواحد -علي هؤلاء الوعاظ والمتحدثين واجب وطني, ومسئولية التوعية بهذه المفاهيم, وعليهم أن يكونوا دائما دعاة تجميع, ورسل سلام ووفاق, ولن يغيب عن فطنتهم أن العدو الرابض علي ضفة القتال, يسعي جاهدا لأن ينفذ من ثغرة, أي ثغرة, لمحاولة خلخلة الجبهة الداخلية بوسيلة أو أخري, ولن يفوز في سعيه, مادام فينا عرق ينبض, ومادام بيننا رجال يعلون علي الأحداث, ويضعون أرواحهم علي أكفهم في سبيل النصر, وفي سبيل مجد مصر..