نقلت وكالة رويترز عن رئيسة تايوان تساي إينج ون قولها الخميس لحاكم ولاية أريزونا الأمريكية الزائر دوج دوسي، إن تايوان تتطلع إلى إنتاج "رقائق للديمقراطية" مع الولايات المتحدة، في وقت تشيّد فيه شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)، المورد الرئيسي لشركة أبل، مصنعاً لإنتاج رقائق 5 نانومتر في ولاية أريزونا الأمريكية تصل قيمته إلى 12 مليار دولار.

يأتي هذا الإعلان وسط المعركة التكنولوجية المشتعلة بين الولايات المتحدة والصين، ومطامع البلدين في سحب وسرقة المواهب التايوانية المدربة والخبيرة في مجال الدوائر المتكاملة وأشباه الموصلات. ووفقاً للمحللين والمطّلعين على الصناعة، تخوض الولايات المتحدة والصين حالياً معركة توظيف للمواهب التايوانية في مجال أشباه الموصلات، تسرّع فيها القوتان العظميان خططهما لزيادة سعة الرقائق وتوطين صناعتها محلياً، لأهميتها القصوى في التفوق التكنولوجي وتعزيز الأمن القومي بهذا المجال.

بالنسبة إلى الصين، يُعَدّ النقص في المواهب من ذوي الخبرة عقبة رئيسية أمام هدفها المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات. أما على الجانب الآخر من المحيط الهادئ، فأدّت مبادرة واشنطن لتعزيز إنتاج أشباه الموصلات على الأراضي الأمريكية إلى ظهور طلب جديد على المهندسين ذوي الخبرة للعمل في مصانع الرقائق الضخمة التي تُشيَّد حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية.

الصين تسعى وراء مهندسي تايوان

توقع تقرير نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن تشهد الصين عجزاً قدره 200 ألف خبير أشباه موصلات بحلول 2023، بما يعادل نحو واحد من كل أربعة مناصب في الصناعة لم تُشغَل، وفقاً لموقع "ياهو فاينانس".

لحلّ هذه المعضلة التي تقف مانعاً في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الرقائق، الذي يُعتبر كعب أخيل للصين في حربها التكنولوجية مع الولايات المتحدة بسبب تأخرها في صناعة أشباه الموصلات، وجدت بكين الحلّ عبر استمالة وتوظيف مهندسين مدربين من تايوان.

وحسب تقرير نشره موقع "فاينانشيال تايمز" أواخر عام 2019، نجحت الصين في إغراء نحو 3000 مهندس شرائح، بما في ذلك المواهب عالية المستوى من الشركات الرائدة عالمياً في تايوان، من خلال حزم الرواتب والمزايا السخية للمنافسين، وجلبهم إلى البر الرئيسي في الصين. تعقيباً على ذلك قال مينج تشيه تشينج، من جامعة تشينج كونج الوطنية في تايوان، إن "الهدف هو جلب المواهب التايوانية إلى البر الرئيسي وتفريغ تايوان".

تايون تستدرك الخطر

من جهتها، لم تكتفِ تايوان بالتهديد بمقاضاة أي شخص يساعد على نقل خبرة الرقائق إلى الصين القارية، بل طالبت وزارة عملها جميع شركات التوظيف التايوانية والأجنبية في الجزيرة بعدم نشر وظائف شاغرة في الصين، بخاصة التي تنطوي على صناعات مهمة مثل الدوائر المتكاملة وأشباه الموصلات، وفقاً لموقع Nikkei Asia.

واستكمالاً لهذه الإجراءات الصارمة، داهمت سلطات تايوان نهاية مايو/أيار الماضي 10 شركات صينية يُشتبه في صيدها غير المشروع لمهندسي الرقائق ومواهب تقنية، في أحدث حملة على الشركات الصينية لحماية تفوُّقها في الرقائق، وفقاً لما نشرته رويترز.

أدّت الإجراءات التي انتهجتها تايوان طوال السنوات الماضية إلى حدوث تباطؤ في تدفق مثل هذه المواهب من تايوان إلى البر الرئيسي الصيني، بعد أن كانوا مصدراً رئيسياً للمعرفة لتطوير صناعة الرقائق في الصين، إذ انخفض عدد العمال التايوانيين المغادرين المتجهين إلى البر الرئيسي وهونغ كونغ وماكاو في جميع القطاعات، للعام السابع على التوالي في عام 2020.

شراكة أمريكية-تايوانية

بينما كثفت تايوان حملاتها لمكافحة الصيد غير المشروع من قبل الشركات الصينية التي تعتبرها سلطات الجزيرة تهديداً لخبراتها في الرقائق، تبني شركات صناعة الرقائق التايوانية الرائدة المصانع في الولايات المتحدة بشكل متسارع، فهي منخرطة في تعاون مع الولايات المتحدة، إذ وضع الجانبان إطاراً للتعاون التكنولوجي للتجارة والاستثمار "لاستكشاف الإجراءات اللازمة لتعزيز سلاسل التوريد الهامة".

وبينما تبني شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية (TSMC)، التي تُعتبر الأقوى والأكثر تطوراً عالميّاً بجانب سيطرتها على أكثر من 56% من الحصة السوقية للرقائق الإلكترونية، مصنعاً متقدماً لشرائح 5 نانومتر في ولاية أريزونا، كشفت شركة سامسونغ للإلكترونيات الكورية الجنوبية في نوفمبر/تشرين الثاني عن خطة لبناء مصنع متقدم بتكلفة 17 مليار دولار في تكساس، مما سيخلق أكثر من 2000 فرصة عمل.

من جهتها، تعتزم شركة إنتل إنفاق 100 مليار دولار لبناء مصانع ضخمة في أوهايو على مدى العقد المقبل، بإجمالي ثمانية مصانع في نهاية المطاف، لكن سرعة هذا الاستثمار ستعتمد على الدعم الأمريكي ومرور قانون "تشيبس بلاس" بقيمة 52 مليار دولار من الكونغرس، حسبما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "إنتل" بات غيلسنجر.

TRT عربي