رب نقيب لك لم تصوّت له


خالد فضل

   أكملت مجموعة كبيرة من الصحفيين/ات السودانيين/ات خطوات تأسيس نقابة تضم شعثهم وهي خطوة أولى ومهمة في مسار استعادة حقوق المواطنة وتأتي في ظروف مقاومة شرسة تقودها طلائع التغيير ضد عوامل الجمود والخنوع والردة (المستحيلة)، وأوضح صور الردة هو الانقلاب الجاثم على دست الحكم  وبمباركة من لفيف خديج من مليشياوي/ سياسيّ، ما كان يسمى حركات الكفاح المسلح في أقاليم دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ورافعتهم جميعا فلول النظام المباد، وكما يقول المغني الطروب (الأصل ما ببقى صورة).

   خطوات تأسيس النقابة استغرقت ثلاث سنوات تقريباًن، إذ منذ بداية الفترة الانتقالية وليدة ثورة ديسمبر الشعبية تنادت قطاعات واسعة من المهنيين لتكوين نقاباتهم المستقلة، تعثرت الخطوات لطبيعة الخلافات العقيمة التي تسم الأداء العام في بلادنا، وكنتيجة موضوعية لطول مكوث الحكومات ذات الطبيعة الديكتاتورية العسكرية منذ فجر الاستقلال إلى عشية الناس هذه.

 لقد تم إعلان 64 بطاقة انتخابية تالفة لم يعرف أصحابها من الصحفيين/ات كيفية التصويت، ليس عليهم عتب فما سبق لهم ممارسة هذه الفضيلة منذ ميلاد بعضهم وحتى صبيحة وضع الصناديق أمامهم ومنحهم البطاقة ومناداتهم أن حيّ على التصويت.

 مساكين والله نحن معشر السودانيين/ات، بعضنا صوّت لمرتين أو ثلاث طيلة عمره المديد، بعضنا مات وفي نفسه شيء من تصويت، لقد أفسدت الديكتاتوريات المتطاولة حياة البشر وجهلّتهم في أبسط حقوقهم .

وعلى عكس ما كتب الزميل الصحفي الهندي عز الدين في تعليقه على الأصوات التالفة من أنها تدل على جهالة الصحفيين، ففي الواقع الأنظمة التي كتمت أنفاس الناس ولم تتح لهم ممارسة التصويت والانتخاب والإختيار الحر هي التي سببت هذا الجهل، فأين موقع الزميل الهندي من تلك الأنظمة؟ وما دوره في مناهضتها؟.

 فقد امتلأت ساحة دار المهندسين بالصحفيين الذين كافح معظمهم من أجل الحرية لهم ولشعبهم، فالصحافة هي خدمة للشعب وليست مهنة ارتزاق، فأي بائع عصير ليمون في عرصات الخرطوم يكسب في يومه مرتب شهر كامل يتقاضاه الصحفي المساهر والقلق والمرهق والتعبان اللاهث وراء كشف الحقيقة ونشر المعلومة وإخبار الناس عن حالهم وبلادهم وبلادة وفساد من سادوهم من أصناف البشر تحت رايات وبنود الحكم العسكري الطغياني.

 هذه هي أوضاع الصحفيين/ات المناضلين من أجل أن تكون لمهنتهم قيمتها ولواقعهم معقوليته،والنقابة وسيلة من وسائل تعزيز تلك القيمة وحجز تلك المكانة لهذا القطاع المهم والفعال من قطاعات المهنيين السودانيين. كما أنّ تكوين النقابة يعتبر حدثا ملهما ومعززا لبقية المهنيين لكسر حاجز التشتت والتردد والولوج مباشرة إلى عالم تقدمهم والدفاع عن مهنهم ومهنيتهم في مواجهة أعاصير الردة والاستبداد والفساد وتجربة ثلاثينية الإسلاميين البائسة خير برهان ودليل عملي عاشه الناس فلا مجال لمغالطة فيه.

  نعم جرت الإنتخابات بعد جهد مقدّر بذلته اللجنة التمهيدية في نسختيها الأولى والثانية، لابد من إثبات الحق لهؤلاء النفر من الصحفيين/ات الذين عملوا من أجل ذاك اليوم،  فتم إعداد السجل ـ رغم بعض التحفظات ـ والنظام الأساسي للنقابة ومن ثم إجراء الانتخابات بواسطة لجنة محترمة على قيادتها الأستاذ فيصل محمد صالح، وهذا عنوان لنزاهتها وحسن أدائها رغم الهنات.

وعلى مستواي الشخصي أعتبر أن الكل كسبان، لا خاسر البتة إلا أذيال الاستبداد وسدنة الأساليب الفاسدة ومعتادي التزوير والإجرام في حق شعبهم. فاز أبو إدريس بموقع نقيب الصحفيين /ات ولم يخسر بقية المرشحين، فقد أسسوا للبنة صالحة من التنافس الحر والمشروع، التهنئة الحقيقية للنقيب ومجلسه هي عونهم على تحمل المسؤولية بمسؤولية تصويبهم بقوة عند الزلل ودعمهم بحماس في الطريق الصواب. الصحفيون كقطاع مهني رفيع مطالب بتقديم نموذج رائع للممارسة الراشدة، تأييدا ومعارضة، المهم هو وحدة الهدف ورسوخه في أذهان الجميع فمن لم يفز في هذه الجولة بمقعد في النقابة موعده قادم المسابقات الانتخابية ليفوز، هذه هي الديمقراطية التي ينشدها الصحفيون ويدافعون عنها في الغالب دعاة الديكتاتورية يمتنعون رغم أن النقيب نقيبهم هم أيضا ما التزموا بقواعد المهنة وشرفها فهل هم قادرون على ذلك. المرشحون الذين لم يفوزوا بالمقاعد،هذه بالطبع ليست خاتمة المطاف، تعكف كل مجموعة على التحليل الموضوعي لأسباب الخسارة دون تهور ودون اتهامات وقتية قد تغلب عليها العاطفة. ففي تقديري أنّه لابد من فائز واحد بمقعد النقيب و39 بمقاعد مجلس النقابة ولكن المحصلة الأخيرة هي النجاح للجميع كما أسلفت، وقد لمست بنفسي الفرح والحماس في يوم التصويت، وأرجو أن تكون الدورة فعالة في تلبية بعض طموحات القواعد الصحفية الذين لم يصوتوا للمنتخبين قبل المؤيدين النقابة للجميع ولكل ما يريده من منظومة سياسية أو فكرية شرط ألا تنحاز أو تفسد والمسؤولية جد جسيمة أمام الفائزين ونقيبهم. فالمسألة، ليست موقعا تشريفيا بلا طائل وليست زوبعة إعلامية بدون هدف، الموضوع في تقديري مهم وعملي وينتظر منه الصحفيون ثمارا لصالح المهنة ولصالح الشعب والوطن ثم أخيرا للدفاع عن مصالحهم القطاعية. وعلينا أن  تعترف بأبي إدريس نقيبا للصحفيين ـ إن لم تحدث طعون تبطل فوزه ـ فربّ نقيب لم تصوت له فهو في الأصل زميل للجميع  وصديق ومثلهم يتطلع لغد أفضل للصحافة والصحفيين، وعقبال نقابات تهز وترز تنظم الجهد وتقود البلاد من مواقع المسؤولية إلى آفاق أرحب تجاوزا لعقبات المسير ووأدا لعقابيل الاستبداد والديكتاتور والانقلاب. 

 

تاريخ الخبر: 2022-09-02 12:23:30
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

من أجل سلامتكم عليكم بالإخلاء.. ماذا طلبت إسرائيل من سكان رف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:33
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

الدوري الإسباني.. النصيري يواصل تألقه

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

إسرائيل: استخدام منشورات ورسائل لتشجيع المواطنين على الإجلاء

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:25
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

لماذا يريد جيش الاحتلال إخلاء 1000 فلسطيني من رفح الفلسطينية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعو سكان شرق رفح إلى "الإخلاء الفور

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية