الخوض في قضايا إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية واجب وطني وأخلاقي


مهدي رابح

“تعليقا على تصريح البرهان غير الموفق والمطالب بابتعاد القوى السياسية عن الخوض في الحديث عن الجيش والدعم السريع او هيكلة القوات النظامية بصورة أعم.

التصريح يتسق مع ما يقوم به البرهان وشركائه في انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ، ففي ظل اختطاف مجموعة صغيرة للدولة بالقوة لخدمة مصالحها الضيقة، و دون الاستناد على مسوغ شرعي او منطقي او أخلاقي، وفي ظل انعدام اي برنامج مطروح من المجموعة الانقلابية مبنى على رؤية محددة، فهو، اي البرهان بمعاونة الابواق التي تردد صدى اشواقه غير النبيلة، يسعي جاهدا لعزل قضية تشوهات المنظومة الامنية والعسكرية عن بقية قضايا السودان المصيرية ويحاول ترسيخ عقيدة الأنا العسكرية المتضخمة كبديل ايديولوجي للاسلام السياسي يدغدغ به مشاعر صغار العسكريين وبسطاء الناس ويستبدل به تقسيم المجتمع السوداني من كفار ومؤمنين كما درج عليه الاسلامويون بتقسيمهم الي عسكريين ومدنيين، يمتلك العسكريون منهم استحقاقا طبيعيا لحكم المدنيين بالقوة، والدليل على ذلك يكمن في حملات التضليل الممنهجة والمستمرة التي ظللنا نشهدها ونراقبها منذ يوم مجزرة القيادة العامة، والتي تهدف حصريا الي تصوير المدنيين كجهة غير مستحقة وغير جديرة بادارة الدولة.

في الدولة الحديثة الديموقراطية التي نسعي إلى تحقيقها فان مصدر السلطات والسيادة الأوحد هو الشعب وهو المالك لمؤسسات الدولة بالاصالة ، مدنية و عسكرية ، والموظفين في هذه المؤسسات لا يحكمون بل يتلقون أجرا شهريا مقابل تنفيذ عمل مهني محدد لخدمة هذا الشعب ويطلق عليهم في الحكومات المحترمة بخدام الشعب public servants، اما اليوم فإننا امام موظفين مثل البرهان وشركاه يطمحون لتنصيب أنفسهم ملوكا غير متوجين، ومن أجل ذلك تعمدوا اختطاف السلطة بالسلاح الذي تم شرائه بحلال مال دافع الضرائب المغلوب على أمره، ويدريرون منظومة شائهة وغير محترفة تتدخل في العملية السياسة وتتمدد وتسيطر علي الاقتصاد بل ان جيشا كاملا اليوم، كقوات الدعم السريع، ورغم انه ممول من الموازنة العامة للدولة على حساب خدمات الصحة والتعليم وغيرها، فإنه يدار كشركة عائلية لا تتخطى اهدافها زيادة ثروة مالكيها وحمايتهم بالحصول علي مزيد من النفوذ السياسي والتمدد الاقتصادي في دورة خبيثة لا نهائية.

اصلاح المنظومة الامنية والعسكرية هي أم القضايا اليوم ولن يصبح تحقيق شروط التحول الديموقراطي ممكنا ، بما فيه السلام والعدالة واستقرار الاقتصاد والتنمية وغيرها دون اصلاح شامل لهذه المنظومة تقوده حكومات مدنية بالتعاون مع عسكريين وطنيين نزيهين وحريصين على مستقبل البلد ، وذلك في سياق جيش مهني موحد و منظومات أمنية محترفة كلها خاضعة للسلطة السياسية المدنية ولاجهزة رقابة رسمية وشعبية شفافة وتعمل على توفير سلعة الأمن للمواطنات والمواطنين السودانيين في إطار الواجبات المنصوص عليها في الدستور بدلا عن أهدائهم آلام القمع والترهيب و فجيعة الموت المجاني الذي كاد اليوم ان يتحول الي حدث روتيني ومعتاد وهذا امر يجب أن يدفع العقلاء، مدنيين و عسكريين للقلق البالغ.

دون هيكلة واصلاح المنظومة الامنية والعسكرية واعادة صياغة علاقتها بالسلطة والثروة والمجتمع فإن السودان سائر نحو الانهيار المحتم دون أدني شك.

تاريخ الخبر: 2022-09-08 15:23:15
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية