بيان التنسيقيات.. فلتخرج سهام المقاومة من قوس الإرادة الموحدة

* عمر الدقير

سوابق تاريخنا الوطني تؤكد أن شعبنا يحسم معاركه ضد النظم المستبدة وينتصر عليها عندما ينهض لمواجهتها، بوسائل المقاومة السلمية المتنوعة، عبر “جبهة عريضة موحدة”.

رغم الرفض الشعبي الواسع لانقلاب 25 أكتوبر ومواجهته بحراك مقاومة سلمية، بمشاركة مختلف قوى الثورة، إلا هذا الحراك الباسل افتقد الشرط الحاسم لتحقيق النصر وهو تماسك القوى المشارِكة فيه في جبهة عريضة برؤية مشتركة وقيادة سياسية موحدة.

وتبعاً لذلك، لا يسع أي ثائرٍ ضد الانقلاب إلّا أن يحتفي بالبيان الذي أصدرته تسعٌ من تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم- انضمت إليه أخريات- ودعت فيه قوى الثورة للاستجابة “لشرط الجبهة الوطنية العريضة لتطوير النضال السلمي كمّاً ونوعاً” بحسبانه الشرط اللازم لتحقيق النصر على الانقلاب..

هذه دعوةٌ لا مجال للإعراض عنها، إذ أنها انطلقت من مرتكزٍ صحيح وهو اعتبار التحول المدني الديموقراطي في أعلى قائمة الأجندة الوطنية كما أشارت لذلك ديباجة البيان: “إيماناً مِنّا بأولوية إقامة دعائم نظام ديمقراطي جديد قائم على التعددية واحترام حقوق الإنسان”، ونزعم أن هذه الدعوة استندت على قرائن التاريخ وعلى التقييم الموضوعي لمسيرة العمل المقاوِم المستمر منذ فجر وقوع الانقلاب، كما أنها جاءت محمولةً على وعي بحيثيات الواقع وتقاليد العمل الجبهوي كونها اقترحت- لما يسمى في العمل الجبهوي بالحد الأدنى- أُسساً نعتقد أنه لا خلاف عليها بين قوى الثورة، وهي: تشكيل الجبهة العريضة وفق “إطار تنسيقي يضع ما أمكن من إتفاقات ويُنَمِّيها وينهي أي خلاف للتأسيس لبناء سلطة الشعب، سودان جديد يؤسّس على العدالة والديمقراطية والإرادة الحرة”، ما يعني أن تتوافق أطراف الجبهة العريضة على تطوير رؤية وطنية مشتركة ومن ثم حشد وتنسيق جهودها، سياسياً وإعلامياً وميدانياً، لتحقيقها.. إلى جانب التزام الأطراف المشارِكة في الجبهة باستمرار العمل المقاوم حتى سقوط الانقلاب، وعدم التفاوض حول مبدأ “لا شراكة مع العسكر في مؤسسات الحكم المدني الانتقالي، ولا شرعية لسلطة الانقلاب”.

وكان مُوَفّقاً أن اقترحت التنسيقيات، في خاتمة بيانها، عقد “ورشة عاجلة بهدف إيجاد صيغة عمل للتنسيق المشترك والحوار الشفّاف والواضح بين لجان المقاومة وكل القوى السياسية والمهنية والثورية المناهِضة للانقلاب العسكري”.

نرحب ببيان تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم ونعتقد أنه خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصاً في هذا الوقت الذي تلوذ فيه سلطة الانقلاب بالمراوغة وتحشد داعميها تحت لافتات مبادرات متعددة..

ونُذكِّر بوصيّة خالد بن الوليد، رضي الله عنه، التي قادت للنصر في معركةٍ فاصلة: “ولتكن سهامكم إذا خرجت من القِسيِّ كأنها تخرج من كبد قوسٍ واحد، فإنه إذا تلاحقت السِّهام رشقاً كالجراد لم يَخْلُ أن يكون فيها سهمٌ صائب”، وبالطبع لا تملك الحركة الجماهيرية سهاماً من حديدٍ ولا نحاس ولا تملك رصاصاً ولا قنابل، لكنها تملك إرادة الحياة الكريمة ووسائل المقاومة السلمية .. فلتخرج سهام الحركة الجماهيرية، في مواجهة الانقلاب، من قوس الإرادة الموحدة.

* رئيس حزب المؤتمر السوداني

7 سبتمبر 2022م