يوم وفاء كيوم وجدان


في يوم كئيب (21 أبريل 2004)، عادت وجدان من مدرستها، فانطلقت من فورها تطمئن على حمائمها الصغيرة، تلاعبها، وتحنو عليها، تطعمها مرة وتسقيها أخرى، وفي أقل من خمس دقائق فاصلة بين صوت دوي الانفجار، وبين مفارقة روح وجدان جسدها حاملة معها أرواح حمائمها، وليس في جوفها الصغير إلا وجبة «أندومي»، حتى لوحت للدنيا بكف وداعٍ أبيض، وكلها تساؤل لماذا سُلبت حياتي؟! هذا السؤال المؤجل، الذي ادخره الله -سبحانه وتعالى- للمقتول ظلمًا: «يا ربِّ، سله فيما قتلني، وبأيّ ذنبٍ قتلت؟»، هو ذات السؤال الذي ستسأله المغدورة وفاء -رحمها الله وغفر لها-، ولا أدري عن أي أسئلة حَرَّى ستسألها أم وفاء؟! التي كانت تضم أكف صويحبات وفاء -اللاتي جئن معزيات- على صدرها وتقبل بواطن تلك الأكف وتشمها؛ علَّلها تجد ريح وفاء، وروحها وابتسامتها.

نعم، غدر الإرهاب لم يستثنِ الأبرياء، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حينما وعد كل أسر الشهداء، وضحايا الإرهاب، أن حق أبنائهم ودمائهم لن تضيع هدرًا وهو الكفيل بها شخصيًا، فحقق الوعد على أكمل وجه، وأصبحت مجابهة الإرهاب، ومكافحة التطرف عملًا نوعيًا استباقيًا يسابق الإرهاب، ويغزوه في عقر داره، وهو ما صرح به سموه في نوفمبر 2020، قائلًا: «منذ منتصف عام 2017، وبعد إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني، انخفض عدد العمليات الإرهابية في السعودية حتى اليوم إلى ما يقارب (الصفر) عملية إرهابية ناجحة»، وهي اليوم بعد حديثه هذا بما يقارب السنتين: (صفر) عملية إرهابية تمامًا -بحمد الله-.

غير أن ثمة إرهابا آخر يسري بيننا، لا نعلم متى يقع؟! ومجرد تخيله يضع القلوب على الأكف، فرقًا وخوفًا، ألا وهو إرهاب الذكر المنتهكة ذكوريته، والذي يتحول إلى وحش كاسر، لا يتوانى عن الإيذاء إلى درجة القتل، وهذه الفئة نزع الله من قلوبهم الرحمة، ونزع من أذهانهم العقل، ونزع من تصرفاتهم وسلوكهم كل منزع للرجولة والمروءة والشهامة، تأزه إلى الغدر نوازع متخيلة، وشكوك مريضة، تجعله لا يجرم في حق فرد يقتله، بل يقتل من ورائه، الأم والأب والأبناء، والأصدقاء، وكل محب لهؤلاء الأبرياء.

الرجل مكتمل الرجولة، لا تهتز رجولته في نفسه لأي حادث مهما عظم، وكبر، أما أولئك الذكور فأي هبة هواء تجرح ما يتوهمون أنه رجولة في نفوسهم، وهم أبعد ما يكون عنها.

سأكون كاذبًا، لو قلت إني حتى هذا السطر من المقال، ممسك بفكرة معينة حول مقتل المغدورة وفاء -رحمها الله- فالذهن مشوش، والمشاعر متلاطمة، نعم ليست الحادثة الأولى، وأتمنى أن تكون الأخيرة، ولكن في تفاصيلها وقع على النفس ممض ومختلف عن كل حادثة سبقت، هل لأنها غدرت بين أبنائها؟! وحاولت النجاة والهرب لإدراك أي نسمة هواء قد تبقيها على قيد الحياة؟! هل هو إحساسي بألم صغارها، أم إحساسي بأسى كبارها؟! لا أعلم؟!

كل ما أعلمه، وكل ما أنا متيقن منه، أن دولتي وقيادتي الراشدة الحكيمة، وعدت وستفي، بأنه لن يضام سعودي أو سعودية على وجه الأرض.

وعودة على مسألة العنف ضد المرأة: تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدة من كل 3 نساء (35%) في أنحاء العالم تتعرض في حياتها للعنف على يد شريكها، ولعل من أهم وأبرز الدلالات الشائعة على سوء معاملة المرأة/الزوجة، من الذكر سواء كان زوجًا أو غيره، ما يلي:

تتبع كل أفعال المرأة/الزوجة، ومراقبة مكان تواجدها وصحبتها في جميع الأوقات، وتثبيط عزيمتها وإحباطها، والتحكم بحركتها ومنع رؤيتها لأصدقائها أو عائلتها أو منعها من الذهاب إلى العمل أو الدراسة، والمطالبة بمعرفة كلمات المرور لمواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، وما شابه ذلك، وقد يتصرف الذكر المسيء بكل ذلك على أساس من الغيرة وأكذوبة الحب، بما في ذلك اتهام المرأة/الزوجة بشكل مستمر بالخيانة، ناهيك عن الوقاحة وقلة الذوق في مسألة اتخاذ القرارات نيابة عنها في لبسها أو أكلها أو أشيائها، وفي هذا إهانة فوق الإهانة اللفظية أو الجسدية التي تصدر غالبًا عن هذه العينات من البشر، وكما لا يتوانى عن إحباطها من خلال إهانة ذكائها أو اهتماماتها، وقد يحاول الشريك الذكر إذلالها أمام الآخرين، فضلًا عن التصرف بغضب، وبمزاج سريع أو غير متوقع، ولهذا فالمسكينة لا تعرف أبدًا ما سبب المشكلة؟! ولا ماذا اقترفت لتعامل بهذا الشكل المهين؟! وكل هذا في كفة، وما لا يتم التحدث عنه في كفة أخرى، وهو الإساءة الجنسية، والاغتصاب الزوجي القذر عبر أنشطة جنسية قسرية.

وتعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه: «أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية البدنية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة».

على كلٍ، الذكورية وحدها هي ما جعلتنا نعتقد أن للرجل الحق في أن يملك المرأة سواء كانت زوجة أو ابنة أو أختًا، وله الحق في أن يتصرف معها كما يشاء حتى بالإيذاء الجسدي، وهذا عائد في أساسه إلى كوارث فكرية متوارثة أعطت للوالد الحق في التربية بكل الطرق العنيفة، ثم ينتقل هذا الحق بالتبعية للزوج فيتكرر معها السيناريو نفسه الذي عاشته في بيت والدها، وهنا سيكون العنف أشد.

اليوم، مع رؤية السعودية 2030، ومع التقدم التقني، اخترقت يد الأمن كل البؤر العفنة في أغوار الأقبية المجتمعية، والتي خبأت الإرهاب والتطرف يومًا ما، والتي يتم فيها انتهاك الطفولة والأنوثة ألف مرة في اليوم، إضافة إلى أن رؤية السعودية الحلم استطاعت أن تكسر حاجز الصمت والخوف داخل المجتمع، وأصبح للمرأة صوت يصل إلى المسؤولين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أخيرًا، لقد مكنت رؤية السعودية 2030، المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا وهو تقدم حضاري عظيم لن نتنازل عنه؛ لاهتزاز رجولة ذكر لا يعرف للرجولة والمروءة معنى.

نقلا عن الوطن السعودية

تاريخ الخبر: 2022-09-13 03:18:24
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 82%
الأهمية: 100%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة حسنة البشارية أيقونة «الجزائر جوهرة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:13
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

أمريكا: أب يجبر طفله على الركض حتى وفاته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري “تشانغ آه-6” في 3 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية