قال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن الرغبة في المخاطرة عادت إلى السوق النفطية، إذ تتعافى معنويات السوق بشكل إيجابي، في وقت تبدو أنها مهيأة لمزيد من النقص في المعروض وتوقعات تحسن الطلب على الصعيد العالمي.
وعد المحللون، أن السوق تترقب استعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى الذي يأتي بالتزامن مع تراجع النمو في الصين واستمرار القلق فيما يتعلق بأمن قطاع الطاقة.
وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي أندستري" الألمانية، أن مكاسب الأسعار عادت لتطغى على سوق النفط الخام بعدما تفوقت مخاوف العرض في تأثيرها في الأسعار على توقعات ارتفاع أسعار الفائدة والمخاوف من تدمير الطلب، التي أسهمت جميعها في التقلبات السابقة.
ولفت إلى أن حالة عدم اليقين بشأن العرض ستدعم على الأرجح المعنويات على المدى القريب، ما يضع حدا أدنى للأسعار، مشيرا إلى بيانات صادرة عن "بلاتس أناليتيكس" التي تظهر أن مجموعة "أوبك +" تدافع عن رؤيتها لوضع السوق من خلال خفض أحجام الإنتاج في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل بمقدار 100 ألف برميل يوميا.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن الارتفاعات السعرية للنفط الخام جاءت في إطار سلسلة متواصلة من التقلبات الشديدة، ومع ذلك من المرجح أن تتغلب حال شح المعروض على المخاوف الاقتصادية الخاصة بالركود خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذي يشهد طلبا واسعا على وقود التدفئة في أوروبا والولايات المتحدة.
وأوضح أن الأسعار تلقت دعما من مستجدات وعوامل طارئة أحدثها إضراب محتمل لعمال السكك الحديدية للشحن في الولايات المتحدة، ما قد يكلف الاقتصاد الأمريكي خسائر بنحو ملياري دولار يوميا -وفقا لبيانات اتحاد السكك الحديدية الأمريكية- ويدعم المخاوف من تعطل الإمدادات النفطية في أكبر اقتصاد عالمي مستهلك للطاقة.
من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز إن أسعار النفط الخام اكتسبت زخما جديدا، حيث بدا أن الاتفاق النووي مع إيران يتلاشى أكثر وأعادت الأسواق التركيز على الحظر الأوروبي المقبل على النفط الروسي والمخاوف من شح المعروض.
وذكر أن فشل وجود اتفاق نووي مع إيران يؤدي إلى إبقاء البراميل الإيرانية خارج السوق النفطية، ما يزيد حدة نقص الإمدادات، التي يتم تعويض مخاوفها جزئيا من خلال عمليات إغلاق الصين لفيروس كورونا وسط توقعات بأن الطلب في البلاد قد يتقلص للمرة الأولى منذ 2002 وسط قيود على التنقل.
بدورها، أكدت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية أن مكاسب الأسعار تعود بعد أن شهدت السوق عودة المخاوف من أن نقص العرض لن يتواءم مع الطلب القوي خاصة مع اقتراب بدء العمل بحظر الاتحاد الأوروبي على النفط الخام الروسي المنقول بحرا في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، كما تبحث مجموعة السبع خططا قيد التنفيذ لوضع أسقف سعرية للنفط والغاز، ما يحد بالفعل من إمدادات روسيا.
وأشارت إلى أنه يسهم في تعزيز تقلبات أسعار النفط مكاسب الدولار، الذي صعد نحو 13 في المائة هذا العام إضافة إلى بيانات أمريكية تشير إلى تقلص المخزونات النفطية، بينما تستمر الضغوط العكسية على أسعار النفط بسبب التشديد النقدي والمخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي على السوق.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت الأسعار في مستهل تعاملاتها قبل أن تتخلى عن مكاسبها مع ارتفاع أسعار المستهلكين الأمريكيين بشكل غير متوقع في أغسطس، ما أعطى مبررا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لإقرار زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، إضافة إلى ارتفاع الدولار الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الأسعار.
وانخفض خام برنت 62 سنتا أو 0.7 في المائة إلى 93.38 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، كما نزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 87.48 دولار.
وبحسب "رويترز"، ارتفع كلا الخامين بأكثر من 1.5 دولار في وقت سابق من الجلسة.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولو المركزي الأمريكي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين مع تجاوز التضخم هدف البنك البالغ 2 في المائة.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 97.50 دولار للبرميل الإثنين مقابل 95.28 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب تراجعات سابقة، وأن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 99.84 دولار للبرميل.