الطريق‏ ‏إلي‏ ‏شرم‏ ‏الشيخ‏: (2)‏ فجـوة‏ ‏التمويل


فجوة‏ ‏التمويل‏ ‏هي‏ ‏التحدي‏ ‏الثاني‏ ‏الأكبر‏ ‏الذي‏ ‏يواجه‏ ‏مؤتمر‏ ‏قمة‏ ‏المناخ‏ ‏القادمة‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏شرم‏ ‏الشيخ‏ ‏ـ‏ ‏نوفمبر‏ .2022‏
فالعالم‏ ‏كله‏ ‏يسعي‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مجابهة‏ ‏فجوة‏ ‏الابتعاثات‏ ‏ـ‏ ‏التحدي‏ ‏الأكبر‏ ‏الأول‏ ‏ـ‏ ‏إلي‏ ‏تحقيق‏ ‏نمو‏ ‏اقتصادي‏ ‏مستدام‏ ‏منخفض‏ ‏الابتعاثات‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏القطاعات‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والبشرية‏, ‏بينما‏ ‏يسعي‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مجابهة‏ ‏فجوة‏ ‏التمويل‏ ‏ـ‏ ‏التحدي‏ ‏الأكبر‏ ‏الثاني‏ ‏ـ‏ ‏إلي‏ ‏بناء‏ ‏المرونة‏ ‏والقدرة‏ ‏علي‏ ‏التكيف‏ ‏مع‏ ‏تغير‏ ‏المناخ‏ ‏وآثاره‏ ‏السلبية‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏.‏
فالتغير‏ ‏المناخي‏ ‏هو‏ ‏السبب‏ ‏وراء‏ ‏زيادة‏ ‏الحوادث‏ ‏المتطرفة‏, ‏وزيادة‏ ‏عدد‏ ‏مرات‏ ‏وحجم‏ ‏الكوارث‏ ‏الطبيعية‏, ‏واشتداد‏ ‏وتفاقم‏ ‏قابلية‏ ‏الانجراح‏ ‏والهشاشة‏ ‏للعديد‏ ‏من‏ ‏الدول‏ ‏والمجتمعات‏ ‏حول‏ ‏العالم‏, ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏.‏
وتشمل‏ ‏المخاطر‏ ‏المرتبطة‏ ‏بالمناخ‏ ‏موجات‏ ‏الحرارة‏ ‏الأعلي‏ ‏المتكررة‏, ‏وموجات‏ ‏الجفاف‏ ‏الخطرة‏, ‏والإعصارات‏ ‏الحلزونية‏ ‏القوية‏, ‏وارتفاع‏ ‏مستوي‏ ‏سطح‏ ‏البحر‏, ‏وحرائق‏ ‏الغابات‏, ‏والتغيرات‏ ‏في‏ ‏دورة‏ ‏حياة‏ ‏النباتات‏, ‏وتغير‏ ‏أنماط‏ ‏المطر‏ ‏والثلوج‏ ‏المتساقطة‏, ‏وتعرض‏ ‏الأنهار‏ ‏للنضوب‏, ‏وتحطم‏ ‏الشعاب‏ ‏المرجانية‏, ‏والعواصف‏ ‏الأشد‏ ‏والأقوي‏, ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏المخاطر‏ ‏التي‏ ‏تؤثر‏ ‏علي‏ ‏موارد‏ ‏الغذاء‏ ‏والمياه‏, ‏وتؤذي‏ ‏النظم‏ ‏الأيكولوجية‏ ‏والتنوع‏ ‏البيولوجي‏, ‏وتهدد‏ ‏المستوطنات‏ ‏البشرية‏ ‏وصحة‏ ‏الإنسان‏, ‏مما‏ ‏يعود‏ ‏بالضرر‏ ‏الهائل‏ ‏علي‏ ‏مسارات‏ ‏التنمية‏ ‏الاجتماعية‏ ‏ـ‏ ‏الاقتصادية‏ ‏التي‏ ‏تشمل‏ ‏النمو‏ ‏الاقتصادي‏ ‏والتكنولوجيا‏ ‏والسكان‏ ‏والحوكمة‏.‏
وكذلك‏ ‏صار‏ ‏من‏ ‏الجوهري‏ ‏تقوية‏ ‏ودعم‏ ‏إمكانات‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏ ‏علي‏ ‏وجه‏ ‏الخصوص‏ ‏علي‏ ‏التكيف‏ ‏والقدرة‏ ‏علي‏ ‏مقاومة‏ ‏المناخ‏ ‏المتغير‏.‏
لكن‏ ‏دعم‏ ‏الإمكانات‏ ‏والقدرات‏ ‏هذا‏ ‏يتطلب‏ ‏تمويلا‏ ‏ضخما‏ ‏لا‏ ‏تقدر‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏ ‏علي‏ ‏النهوض‏ ‏به‏ ‏وتدبيره‏, ‏ولذلك‏ ‏فمنذ‏ ‏بدأت‏ ‏مؤتمرات‏ ‏قمة‏ ‏المناخ‏ ‏العالمية‏ ‏عام‏ 1997 ‏إلي‏ ‏اليوم‏, ‏يتصدر‏ ‏موضوع‏ ‏التمويل‏ ‏هذه‏ ‏المفاوضات‏ ‏حول‏ ‏تدبير‏ ‏التمويل‏ ‏اللازم‏ ‏للتكيف‏ ‏والمواءمة‏ ‏مع‏ ‏التأثيرات‏ ‏السالبة‏ ‏الخطيرة‏ ‏لتغير‏ ‏المناخ‏, ‏وبلغت‏ ‏المطالبة‏ ‏بتدبير‏ ‏التمويل‏ ‏اللازم‏ ‏أوجها‏ ‏في‏ ‏القمة‏ ‏العالمية‏ ‏الواحدة‏ ‏والعشرين‏ ‏التي‏ ‏عقدت‏ ‏في‏ ‏باريس‏ ‏عام‏ 2015 (COP21), ‏حيث‏ ‏تحدد‏ ‏التمويل‏ ‏المطلوب‏ ‏بمبلغ‏ 100 ‏مليار‏ ‏دولار‏ ‏سنويا‏ ‏بحلول‏ ‏عام‏ 2020, ‏تدفعها‏ ‏الدول‏ ‏المتقدمة‏ ‏مباشرة‏ ‏للدول‏ ‏النامية‏, ‏كالتزام‏ ‏قانوني‏ ‏وليس‏ ‏صدقة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏اتفاق‏ ‏طموح‏ ‏وملزم‏ ‏وعادل‏ ‏وكامل‏ ‏ومتوازن‏ ‏مرتكز‏ ‏علي‏ ‏قواعد‏ ‏شفافة‏, ‏ويتضمن‏ ‏التزاما‏ ‏قانونيا‏ ‏سديدا‏, ‏وذلك‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏مطالبة‏ ‏الدول‏ ‏المتقدمة‏ ‏بتقديم‏ ‏الدعم‏ ‏الفني‏ ‏والمادي‏ ‏للدول‏ ‏النامية‏ ‏لتطوير‏ ‏قدراتها‏ ‏التنموية‏.‏
وفي‏ ‏القمة‏ ‏العالمية‏ ‏للمناخ‏ ‏السادسة‏ ‏والعشرين‏ (COP26) ‏في‏ ‏جلاسجو‏ ‏بانجلترا‏ ‏العام‏ ‏الماضي‏ ‏وقف‏ ‏الرئيس‏ ‏المصري‏ ‏عبد‏ ‏الفتاح‏ ‏السيسي‏ ‏يذكر‏ ‏العالم‏ ‏المتقدم‏ ‏بالالتزامات‏ ‏التي‏ ‏قطعها‏ ‏علي‏ ‏نفسه‏ ‏عام‏ 2015 ‏في‏ ‏مؤتمر‏ ‏الأطراف‏ ‏بباريس‏, ‏بتكريس‏ 100 ‏مليار‏ ‏دولار‏ ‏سنويا‏ ‏لمعاونة‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏ ‏علي‏ ‏مجابهة‏ ‏مخاطر‏ ‏المناخ‏ ‏بحلول‏ ‏عام‏ 2020, ‏التي‏ ‏لم‏ ‏يتحقق‏ ‏منها‏ ‏شيء‏ ‏حتي‏ ‏الآن‏, ‏كذلك‏ ‏طالب‏ ‏الرئيس‏ ‏المصري‏ ‏بحقوق‏ ‏الدول‏ ‏النامية‏ ‏في‏ ‏نصيب‏ ‏عادل‏ ‏من‏ ‏صناديق‏ ‏الدعم‏ ‏والصناديق‏ ‏الخضراء‏ ‏للمناخ‏ ‏لتنفيذ‏ ‏مشروعات‏ ‏التكيف‏, ‏وتعزيز‏ ‏جهود‏ ‏خفض‏ ‏الابتعاثات‏ ‏الكربونية‏, ‏مؤكدا‏ ‏علي‏ ‏منح‏ ‏القارة‏ ‏الأفريقية‏ ‏معاملة‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏تنفيذ‏ ‏اتفاق‏ ‏باريس‏, ‏فرغم‏ ‏أنها‏ ‏الأقل‏ ‏في‏ ‏الابتعاثات‏ ‏العالمية‏ ‏للكربون‏ ‏إلا‏ ‏أنها‏ ‏الأكثر‏ ‏تضررا‏ ‏وهشاشة‏.‏
وليس‏ ‏ذلك‏ ‏فحسب‏ ‏إذ‏ ‏تتوقع‏ ‏الوكالة‏ ‏الدولية‏ ‏للطاقة‏ ‏أن‏ ‏تصل‏ ‏الاستثمارات‏ ‏التراكمية‏ ‏المطلوبة‏ ‏حتي‏ ‏عام‏ 2035 ‏إلي‏ ‏ما‏ ‏يربو‏ ‏علي‏ 12 ‏تريليون‏ ‏دولار‏ ‏أو‏ ‏حوالي‏ 800 ‏بليون‏ ‏دولار‏ ‏في‏ ‏السنة‏ ‏مما‏ ‏يفاقم‏ ‏فجوة‏ ‏التمويل‏ ‏اللازم‏ ‏لأنشطة‏ ‏وتكنولوجيات‏ ‏التخفيف‏ ‏من‏ ‏انبعاثات‏ ‏غازات‏ ‏الدفيئة‏.‏
وتعتبر‏ ‏فجوة‏ ‏التمويل‏ ‏الضخم‏ ‏هذه‏ ‏حجر‏ ‏عثرة‏ ‏كؤود‏ ‏أمام‏ ‏المواءمات‏ ‏السياسية‏ ‏وحل‏ ‏الخلافات‏ ‏بين‏ ‏الدول‏ ‏الصناعية‏ ‏والفقيرة‏ ‏المزمع‏ ‏حدوثها‏ ‏في‏ COP27 ‏القادم‏ ‏في‏ ‏شرم‏ ‏الشيخ‏, ‏حيث‏ ‏يدور‏ ‏التباحث‏ ‏حول‏ ‏إحقاق‏ ‏العدل‏ ‏والإنصاف‏, ‏والمسئوليات‏ ‏المتشاركة‏ ‏ولكن‏ ‏متباينة‏, ‏والالتزام‏ ‏بالتنمية‏ ‏المستدامة‏, ‏في‏ ‏مفاوضات‏ ‏صعبة‏ ‏بمشاركة‏ ‏رؤساء‏ ‏أكثرن‏ 196 ‏دولة‏, ‏وزعماء‏ ‏المال‏ ‏والأعمال‏ ‏والمجتمع‏ ‏المدني‏, ‏لتحفيز‏ ‏العمل‏ ‏للحد‏ ‏من‏ ‏الابتعاثات‏, ‏والتصدي‏ ‏للتغيرات‏ ‏المناخية‏, ‏وحشد‏ ‏الإرادة‏ ‏السياسية‏ ‏للتوصل‏ ‏إلي‏ ‏اتفاق‏ ‏عالمي‏ ‏طموح‏.‏

تاريخ الخبر: 2022-09-15 09:21:45
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

السعودية تنشئ مركزاً عالمياً متخصصاً في الفضاء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

أزيلال.. فاعلون إسبان وإيطاليون يكتشفون الإمكانيات السياحية للجهة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:25:30
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

الجلاجل: إجراءات استباقية لمواجهة تحديات المستقبل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

بتهم ارتكــاب جرائم إبادة جماعية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

400 فرصة لتطوير القطاع اللوجستي بالشرقية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

هضبة تكنوبول قسنطينة: نحو استحداث ركن خاص بتمويل المؤسسات الناشئة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

75.3 مليار ريال نموا بإيرادات السعودية للكهرباء السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية