أملًا فى تحقيق المسار الدستورى فى ليبيا (1- 2)


من الأزمات التى يبدو أنها معقدة للغاية الأزمة الليبية نظرًا لوجود تدخلات عالمية وإقليمية لها قدرة كبيرة على تداخل الأوراق، وكذلك نظرًا للتغيرات الكبيرة فى خريطة التحالفات السياسية الموجودة على الأرض.

الملف الليبى تحديدًا يحظى بأهمية كبيرة عند مصر نظرًا لأن مصلحة القاهرة هى فى هدوء جبهتها الغربية، الأمر الذى يقضى تمامًا على أى خطر إرهابى قادم من هذه الجبهة، لأنه فى استمرار الصراع ستكون البيئة خصبة لتنامى الجماعات المسلحة، وبالتالى فإن الخطر سيظل قائمًا على الأراضى المصرية.

وتتمسك مصر بالمسار الدستورى، الذى سيُنظم الانتخابات المقبلة، حيث استقبلت القاهرة فى أغسطس رئيس مجلس النواب الليبى، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشرى، فى أعقاب زيارة الأخير إلى أنقرة، وتسعى مصر إلى بلورة تفاهمات بين صالح والمشرى حول القاعدة الدستورية، مع تمسك القاهرة بشرعية حكومة باشاغا المكلفة من قِبَل البرلمان، ونهاية ولاية حكومة الدبيبة، وهو ما انعكس بوضوح فى انسحاب الوفد المصرى، فى 6 سبتمبر، من اجتماعات الجامعة العربية، احتجاجًا على شغل نجلاء المنقوش، وزيرة خارجية حكومة الدبيبة، مقعد ليبيا أثناء الدورة الحالية للجامعة.

الموقف المصرى يبدو هادئًا وغير انفعالى، خصوصًا مع الوضع الداخلى فى ليبيا، والذى قد يُنبئ بارتدادات داخلية محتملة، أغلبها فى صالح المسار الدستورى الذى تنحاز إليه مصر، فمن المرجح أن تشهد الفترة المقبلة تزايد التركيز على هذا المسار، ومحاولة صياغة توافقات بين مجلسى النواب والدولة تمهد الطريق لصياغة قاعدة دستورية يتم الاعتماد عليها لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خاصةً فى ظل الضغوط الأمريكية الراهنة.

وتشير أيضًا بعض التقديرات إلى أن ثمة تحركات راهنة لطرح خارطة طريق جديدة خلال الفترة المقبلة، فى ظل التوافقات النسبية الراهنة فى علاقات القوى الإقليمية الفاعلة فى الملف الليبى. ويبدو أن ثمة تصورًا أمريكيًّا بشأن ملامح هذه الخريطة، وهو ما عبّر عنه سفير واشنطن لدى ليبيا، وبالتالى يمكن أن يقود المبعوث الأممى الجديد خلال المرحلة المقبلة عملية المشاورات لطرح هذه الخريطة الجديدة.

فى الواقع أن مصر ومعظم القوى العالمية العاقلة الساعية إلى الهدوء تسعى بكل ما أُوتيت من قوة لمنع الحكومتين المتنافستين من اللجوء إلى القوة العسكرية لحسم الصراع الجارى على السلطة. بالتأكيد، التوافق على المسار الدستورى لن يكون بالعملية السهلة اليسيرة، خاصة فى ظل تعثر الجهود السابقة، وهو ما يعنى استمرار وجود حكومتين موازيتين فى ليبيا فى المدى المنظور.

إلا أن الأمل فى الوصول إلى هذه النتيجة سيكون سهل المنال شرط أن تتعامل القوى العالمية مع هذا الملف بروح الإصلاح، وليس باعتبار ليبيا أرض صراع ونفوذ، وهو ما يحتاج إلى المزيد من النقاش.

* نقلا عن "المصري اليوم"

تاريخ الخبر: 2022-09-17 00:17:55
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 81%
الأهمية: 85%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس نيجيريا يصل إلى الرياض - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 03:23:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية