اليوم الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٢ يوافق الذكرى الرابعة والعشرين لرحيل نجم الكوميديا الفنان نجاح الموجى، الملقب بهرم الكوميديا المصرية، والذى رحل عن الدنيا فى يوم ٢٥ سبتمبر سنة ١٩٩٨، عن ٥٥ عامًا، إثر أزمة قلبية فاجأته بعد عودته إلى المنزل من المسرح أثناء قيامه بأداء دوره فى مسرحية «مولد سيدى المرعب»، وقد اقترن اسم نجاح الموجى برسم الابتسامة على وجوه جمهوره ومحبيه، فبمجرد ظهوره أو ذكر اسمه نتذكر دومًا إفيهاته الكوميدية الشهيرة، التى قدمها فى العديد من الأعمال الفنية فى السينما والمسرح والتليفزيون، وكانت شخصيته تتسم دومًا بالبساطة والتلقائية، وهو ما جعله يشغل مكانة كبيرة فى قلوب محبيه، «هرم الكوميديا المصرية» هو اللقب الذى تم إطلاقه على الفنان الراحل نجاح الموجى بعد تجسيده شخصية سيد الهرم تاجر المخدرات فى فيلم «الكيت كات».

الموجى يعتبر، دون مبالغة، واحدًا من علامات السينما المصرية البارزة، وواحدًا من ملوك الإفيهات التى لا تنسى، من أبرزها إفيه «صح بس هانكر» فى فيلم «الكيت كات»، وإفيه «إشطة يا عم» فى مسلسل «الليل والقمر»، وإفيه «هتسلك» فى مسلسل «أهلًا بالسكان»، والحقيقة أنه كان موهبة فنية استثنائية، حيث أجاد فى الكوميديا والتراجيديا على حد سواء، كما أنه أجاد فن الغناء ومارس العزف على الطبلة بنفس إجادته الأداء التمثيلى، ومن أشهر أغانيه فى السينما أغنية «حنكورة حكى لنا حكاية» فى فيلم «شوارع من نار»، وأغنية «سلم لنا بقى على الترماى» فى فيلم «أيام الغضب»، وأغنيه «إحنا ماشيين بكيفنا» فى فيلم «الحب فى طابا».

والحقيقة أننا لو أردنا أن نسجل قائمة بأسماء نجوم الكوميديا فى مصر على مر التاريخ، فلا بد أن يحتل اسم الفنان الراحل نجاح الموجى مكانًا متميزًا بين هؤلاء النجوم، ورغم أن معظم، إن لم تكن جميع، أدوار نجاح الموجى لم تكن أدوار بطولة إنما كانت أدوارًا ثانوية، إلا أنها تظل دومًا حاضرة فى أذهان المشاهدين والمحبين له، خصوصًا دور مزيكا فى مسرحية «المتزوجون» ودور الهرم فى فيلم «الكيت كات» ودور طأطأ فى فيلم «طأطأ وريكا وكاظم بيه». والجدير بالذكر أنه قد شارك فى ٣ أفلام سينمائية تم اختيارها فى قائمة أفضل ١٠٠ فيلم فى القرن العشرين حسب استفتاء النقاد فى سنة ١٩٩٦، وهى «الحب فوق هضبة الهرم» و«الكيت كات» و«ليه يا بنفسج».

الفنان نجاح الموجى اسمه الحقيقى هو عبدالمعطى محمد الموجى، واشتهر فنيًا باسم نجاح الموجى، وهو من مواليد قرية ميت الكرماء مركز طلخا بالدقهلية، وحينما بدأ العمل فى مجال الفن أطلق على نفسه اسم نجاح، وهو اسم شقيقه الكبير الذى كان الفنان نجاح الموجى يقدره ويتفاءل به ويحفظ له أنه كان يدعمه ويشجعه دومًا، والفنان نجاح الموجى كان متزوجًا من ابنة عمه التى كانت تعمل فى وزارة التربية والتعليم ووصلت إلى درجة موجهة، وله منها ابنتان هما أيتن المذيعة التليفزيونية، وشيماء التى تعمل فى العلاقات العامة بإحدى شركات السيارات الفرنسية.

وقد أثرى نجاح الموجى الساحة الفنية بعشرات المسرحيات والأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية على مدى ما يقارب الثلاثين عامًا، حيث بدأ مشواره الفنى مع الفنان سمير غانم والفنان جورج سيدهم والفنان الضيف أحمد فى فرقة ثلاثى أضواء المسرح، وذلك فى مسرحية «حواديت»، وكان وقتها ما زال طالبًا بمعهد الخدمة الاجتماعية، وقد ترك التمثيل فترة وتفرغ لعمله كرئيس لوحدة زفتى الاجتماعية، وبعد احترافه الفن ظل محافظًا على وظيفته تلك حتى وصل إلى درجة وكيل الوزارة، كما عمل مديرًا فنيًا لخشبة المسرح مع الثلاثى فى مسرحيتى «فندق الأشغال الشاقة» و«موسيقى فى الحى الشرقى»، وبعدها شارك كممثل مع سمير غانم وجورج سيدهم فى مسرحية «المتزوجون»، التى تعد بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية بالنسبة له.

وقد سطع نجمه فى ثمانينيات القرن الماضى وأصبح واحدًا من نجوم الكوميديا الكبار وأحد نجوم الشباك فى مسرح القطاع الخاص، حيث قدم مسرحيات «الدور الرابع شقة ٩» مع محمود القلعاوى و«يوم عاصف جدًا» مع صلاح قابيل ومديحة كامل و«خد الفلوس واجرى» مع محمد أبوالحسن، وفى التسعينيات قدم «دلع الهوانم» مع بوسى و«ملك الشحاتين» مع سعاد نصر ومحمد منير و«بوم شيكا بوم» مع لوسى، وقدم «رقص الديوك» مع عايدة رياض، بالإضافة إلى «عروسة تجنن» و«المهزلة» و«١٠ على باب الوزير» و«الأنون وسيادته» وغيرها، وكان آخر مسرحياته للقطاع الخاص هى «عالم قطط» مع محمد الحلو ومعالى زايد، كما قدم من إنتاج التليفزيون مسرحية «كوبرى الناموس» مع نجمة المسرح سميحة أيوب، وخاض نجاح الموجى تجربة العمل مع مسرح الدولة مرة واحدة فى تاريخه الفنى اختتم بها حياته كممثل، وذلك فى مسرحية «مولد سيدى المرعب» مع رانيا فريد شوقى من إنتاج المسرح الكوميدى.

وجسد نجاح الموجى عددًا كبيرًا من الشخصيات التى ما زالت عالقة بذاكرة محبى السينما المصرية، أبرزها شخصية الهرم التى جسدها فى فيلم «الكيت كات»، وشخصية مصطفى فى فيلم «أيام الغضب»، وشخصية حلمى أمين السيد فى فيلم «التحويلة» مع فاروق الفيشاوى، وشخصية طارق أبوالمجد أو طأطأ فى فيلم «طأطأ وريكا وكاظم بيه»، بالإضافة إلى هذه الأفلام أبدع الموجى كذلك فى أفلام «الحريف» و«اغتصاب» و«المساطيل» و«من يطفئ النار» و«٤-٢-٤» و«أمهات فى المنفى» و«العرافة» و«شوارع من نار» و«حكاية فى كلمتين» و«إنقاذ ما يمكن إنقاذه» و«الحب فوق هضبة الهرم» و«أربعة فى مهمة رسمية» و«الحب فى طابا» و«قليل من الحب كثير من العنف» و«البحر بيضحك ليه» و«١٣١ أشغال» و«زيارة السيد الرئيس» و«ليه يا بنفسج»، وحصل الفنان نجاح الموجى على عدة جوائز عن أدواره السينمائية، منها جائزة لجنة التحكيم من مهرجان دمشق السينمائى عن دوره فى فيلم «أيام الغضب»، وجائزة خاصة من مهرجان المركز الكاثوليكى عن دوره فى فيلم «التحويلة»، كما حصل على جائزة أفضل دور ثانٍ عن فيلم «زيارة السيد الرئيس»، وكذلك حصل على جائزة الهرم الفضى من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن دوره فى فيلم «ليه يا بنفسج».

وشارك فى عدد كبير من المسلسلات التليفزيونية التى لاقت إقبالًا وإعجابًا كبيرين من المشاهدين، منها «سفر الأحلام» مع محمود مرسى، و«الليل والقمر» عن قصة حسن ونعيمة، مع شريهان والمطرب عمر فتحى، و«أهلًا بالسكان» مع حسن عابدين، كما قدم مجموعة من الأدوار المتميزة فى مسلسلات «السلام ختام» و«بوابة الحلوانى» و«الشارع الجديد» و«عباسية واحد» و«نجم الموسم» و«هروب» و«فرصة العمر» و«ريش على ما فيش» و«أحلام الفتى الطائر» و«وكسبنا القضية» و«نحن لا نزرع الشوك»، كما قدم بعض المسلسلات التاريخية مثل «مصرع المتنبى» و«على هامش السيرة» الذى جسد فيه شخصية حاجب أبرهة ملك الحبشة الذى كان ينوى هدم الكعبة المشرفة.

رحم الله نجاح الموجى ذلك الفنان الطويل النحيل المائل للسمرة، صاحب الموهبة الكبيرة الذى عرف طريقه إلى قلوب المشاهدين فانتزع ضحكاتهم واحتل مكانة كبيرة فى قلوبهم بخفة ظله وتلقائيته التى ليس لها حدود وتواضعه وطيبته التى شهد له بها الكثيرون.