بلكبير لـ”الأيام”: «هاشتاغ أخنوش إرحل» كلام فارغ وهناك قوى سياسية تتضارب داخل الدولة


  • حاورته زينب مركز

بالنسبة لعبد الصمد بلكبير فإن جوهر ما يحدث في المغرب اليوم يتمثل أساسا في وجود صراع داخل الإدارة المغربية وفي مربع الحكم ينعكس على الحكومة وأدائها وعلى ما يتردد في ساحة الإعلام، بالإضافة إلأى الصراع بين فرنسا وأمريكا على مصالحهما بالمغرب وارتداداته السياسية والاقتصادية في الداخل. ويضيف الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي أن هاشتاغ “أخنوش إرحل” كلام فارغ وهو مجرد تجلي للصراع داخل الإدارة المغربية.

 

ونحن مقبلون على دخول سياسي نحسّ كما لو أن هناك فراغا سياسيا، يبدو الملك وحده من يملأ كل مسام السياسة في المغرب، وهذا إن كانت فضائله كثيرة، فإن مخاطره السياسية لا تخفى على كل متبصر. في تقديركم لماذا لم تنجح حكومة أخنوش حتى اليوم في ملء الفراغ؟

 

أنا لا أتصور أولا أن هناك فراغا، فليس المغرب فقط من يعاني اليوم، بل العالم كله بسبب الأزمات، سواء في المشرق العربي، بفلسطين يوميا، وسوريا والعراق وكذلك ليبيا. هناك مشكل الجزائر وفي أوروبا مسألة الجفاف وحرب أوكرانيا وما تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية من صراع قوي داخلها، فبالتالي تعتبر هذه السنة من السنوات القلائل التي لم تكن فيها عطلة سياسية.

 

هناك مظاهر متعددة للاحتجاج لأن هذا هو المظهر الأساسي للفعل السياسي حاليا في المغرب بالخصوص، المغرب لديه قضية وطنية وليس فقط قضية اجتماعية، وهذه القضية الوطنية تستقطب انتباه واهتمام الجميع، وبالطبع صاحب الجلالة هو الذي يأخذ تفاصيل الملف بين يديه مباشرة وهذا هو السر في نظري لوجوده في باريس. إن العقدة الفرنسية مسألة أساسية في المسألة الصحراوية، ولذلك طبعا ـ في ترتيب جدول الأعمال بالنسبة للمغرب ـ كانت قضية الصحراء دائما على رأس جدول الأعمال، ولكنها الآن تأخذ حجما أكبر.

 

لماذا؟ هل لأن الخطاب الملكي الأخير جعلها منظارا يقيم به علاقاته مع كل شركائه؟

 

لأن انتصارنا في جر الموقف الأمريكي لصالحنا ولو بثمن غال، شجع المغرب على خوض هجوم دبلوماسي أعطى نتائج جيدة لصالحنا، ونحن نرى بأن هناك دولا جديدة تفتح قنصلياتها في الداخلة والعيون.. هذا مظهر من مظاهر انتصار الدولة المغربية مجتمعا وملكا وحكومة. وطبعا هذا يستأثر باهتمام الجميع وبالدرجة الأولى المؤسسة الملكية والشعب المغربي. وبالتالي فهذه الحكومة ـ برأيي – لا ينتظر منها الكثير بل ربما لا ينتظر منها شيء، إلا ما هو متحقق.

 

كيف، أليست مسؤولة عن تدبير الشأن العام للمواطنين؟

 

لأنها حكومة جاءت بطريقة انقلابية، وأنا قلتها منذ الانتخابات الأخيرة لـ 8 شتنبر لا يمكن أن نقول بأنها مزورة ومزيفة لأنها أصلا ليست انتخابات، بما في ذلك الانتخابات الجزئية الأخيرة وظاهرة مكناس (97 بالمائة). لا يمكن لحزب كان يحصل على 127 مقعدا أن يصبح لديه 11 مقعدا فقط. هذا يعني نوعا من الانقلاب، ليس فقط بين الإدارة والمجتمع بل بين الإدارة والإدارة، فالانتخابات الأخيرة هي منتوج صراع داخل الإدارة نفسها، والدليل على ذلك أننا لاحظنا كيف وقع خنق أو تهميش المعارضة الوطنية الديمقراطية باختراق أحزابها، وأقصد حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال. ومن ثم خلقت معارضة جديدة من جهة، مجتمعية كما هي في وسائل التواصل الاجتماعي وحركات الاحتجاج ومن جهة ثانية، فإن أولئك الذين كانوا في الإعلام الخاص وربما حتى العمومي ينتقدون حكومة العدالة والتنمية هم أنفسهم الذين يطالبون بإسقاط حكومة أخنوش.

 

هل يعود ضعف الحكومة لطابعها التقني برغم وجود زعماء أكبر الأحزاب بها أم للنحس الذي طاردها منذ ولادتها بسبب السياق الخارجي والجفاف المتوالي أم بسبب عدم كفاءتها؟

 

قلت لك إن هناك تناقضا داخل الدولة، وهذا التناقض لم يعد محصورا بين الإدارة والمجتمع فقط، بل أصبح بين الإدارة والإدارة. لا يوجد فراغ، بل هناك نمط جديد من الصراع السياسي يخترق الدولة، وداخل الرأسمالية المغربية، بين التي توجد في الإدارات العمومية وفي القطاع العام وبين التي توجد في القطاع الخاص الذي يمثله أخنوش. هناك صراع ولكن ليس بالنمط القديم أو التقليدي، هو نمط جديد فاجأ الصحافة، والغريب أن بعض الأطراف التي توجد في الحكومة هي نفسها تعارض الحكومة مثل «البام» نفسه، مما يدل على أن هناك حركية سياسية ولكنها حركية من نوع جديد.

 

رفع نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ «ارحل» في وجه أخنوش الذي تم التفاعل معه بشكل واسع، هل يعبر هذا عن سخط اجتماعي أم عن ارتباط أزمة الحكومة برئيسها؟

 

أنا لا أصدق هاشتاغ «أخنوش ارحل»، هذا كلام فارغ، وصراع واجهة فقط، أما في العمق فهناك قوى سياسية تتضارب في ما بينها، وبالتالي يلاحظ الجميع بأن هذه الحكومة ضعيفة جدا، بأشخاص وزرائها وفضائحهم وبرئيسها نفسه الذي لا لسان له ولا يعرف كيف يدافع عن حكومته، ولا يبادر. إذن في هذا السياق أتى التقرير الصحافي لجون أفريك الذي يتكلم عن التغيير الحكومي، وكما يقال لا دخان بدون نار، ولابد أن هناك شيئا من ذلك القبيل، لأنه فعلا إذا تركوا الأمور هكذا ستتفاقم، فالجميع، حتى من خارج المغرب، يحس بأن هذه الحكومة ضعيفة من داخلها وفي علاقتها بالمجتمع، والقرينة الثانية خروج قائمة تغييرات في الولاة والعمال، وهي تغييرات شاملة وكبيرة، والمفاجأة أنها لم تنفذ، ماذا يعني ذلك ونحن في زمن الدخول المدرسي الذي عادة ما تراعيه مثل هذه التعديلات، بحيث لا يكون الولاة والعمال محرجين بسبب الاستقرار العائلي وتسجيل الأبناء إلخ..

 

لاحظنا صمتا بشأن اللائحة والأمور مستمرة حتى اليوم، كما لو أن الوضع ليس في حاجة إلى تغيير، والحال أن الحاجة موجودة واللائحة موجودة. إذن هذا يدل على خلاف سابق على هذه الحكومة، خلاف يوجد داخل الإدارة نفسها، أي داخل مربع الحكم. هناك أناس همشوا في انتخابات 8 شتنبر داخل الدولة، لم ترضيهم نتائج الانتخابات ولا ترضيهم الحكومة الحالية وفي الغالب أن هؤلاء هم الذين يحركون سواء الصحافة التقليدية أو صحافة الهاشتاغ.

 

لا يمكن تفسير كل شيء بما يقع في الداخل لأننا لسنا جزيرة معزولة، فهناك عوامل خارجية قوية ربما صعبت الأمور داخل المغرب؟

 

صحيح، إذا أردنا أن نضيف عنصرا آخر وهو مهم، فالأمر لا يتصل بالوضع في الداخل، بل في وضع العلاقات الدولية، نحن نلاحظ منذ دجنبر 2020، على الأقل، حين اعترف ترامب بمغربية الصحراء أن وضعية العلاقات المغربية الفرنسية تمر من سيء إلى أسوأ. إلى حد ما تمكنا من حل المشكل مع ألمانيا وإسبانيا، ولكن المشكل مع فرنسا يتفاقم، إذن هناك حركية أخرى خارجية وهي الصراع الأمريكي الأوروبي الفرنسي حول المغرب، وضمنه صراعات أخرى، في المصالح الإستراتيجية للدولتين في المغرب وأهمها الفوسفاط وطبعا على هامشه مصالح اقتصادية كبرى، منها قضية القطار السريع مراكش أكادير وما سيليه والخدمات العامة التي تنالها شركات فرنسية في البلديات وفيها مداخل باهظة جدا والوجود المغربي في إفريقيا إلخ..

 

ليس هناك فقط تناقض داخل الإدارة وسط مربع القرار، ولا التناقضات داخل رأسمالية القطاع العام ورأسمالية القطاع الخاص، ولكن هناك أيضا التناقضات الأمريكية الفرنسية. طبعا الأمريكيون لهم من يمثلهم في الإدارة المغربية، ولفرنسا حزبها، وهذان الآن في صراع متداخل مع الصراع الذي تكلمنا عنه سابقا، فإذن يصعب أن نفهم الوضع السياسي في المغرب بدون احتساب هذين العاملين على الأقل، الصراع بين الإمبرياليتين الفرنسية والأمريكية من جهة وتدخل فيه قضية الصحراء، والعلاقات مع الجزائر، ومع تونس ومع موريتانيا، أو الصراع داخل الإدارة المغربية وهذه غير معروفة عناصرها، والصراع داخل الحكومة نفسها، لأن المطالبة بإقالة وسقوط حكومة أخنوش والتي شارك فيها «البام» الذي هو جزء من الحكومة، يضاعف الغموض في الصراع، على خلاف النمط السابق الذي كانت فيه المعارضة واضحة. الآن التناقضات الأساسية داخل الحكومة نفسها أو الحكومة وعلاقاتها الخارجية، النفوذ الفرنسي من جهة والأطماع الأمريكية من جهة أخرى والتي توافقنا على كل حال لأنها تعترف بمغربية الصحراء، وهذه مسألة حيوية وإستراتيجية بل مصيرية بالنسبة للمغرب. وهذا هو الجوهر السياسي لما يحدث بالمغرب الآن.

تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:18:38
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 71%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية