خصخصة التعليم الجزء الظاهر من جبل الجليد «5»


 

خصخصة التعليم الجزء الظاهر من جبل الحليد «5»
دمغة التعليم الصعود إلى الهاوية
محمد إبراهيم علي

– تناولنا في الحلقات السابقة سياسة النظام الكيزاني البغيض الذي سلّع التعليم ورفع يد الدولة عن الصرف عليه بل صار مرتعاً خصيباً للجبايات التي أثقلت كاهل المواطن وزادت الفاقد التربوي.
في ذات الإطار نواصل وسوف أخصص هذا المقال لما رشح في الأخبار عن اتجاه ولاية الخرطوم لفرض ضريبة على العاملين بالولاية بمسمى (ضريبة تعليم) وتتمثّل خطورة هذه الخطوة في الآتي:-
1- فرض الضريبة لا يتم إلّا بتشريع والآن لا يوجد جسم تشريعي ليقوم بهذا العمل الذي فيه تعدٍّ واضح على جيوب الموظفين الفارغة، وهذا يفتح الباب واسعاً للوالي الانقلابي وحكومته لمواصلة النهب والتعدي على الحقوق من غير رقيب ولا رادع، ونحن نعلم أن مجلس وزراء الولاية يجوز له في حالة غياب المجلس التشريعي تعديل رسوم الخدمات المشرع لها أصلاً لتواكب التضخّم، ولكن لا يجوز له فرض ضريبة جديدة غير موجودة في التشريعات المجازة سلفاً.
2- الأسئلة المحورية التي تفرض نفسها:
✓ أين ستودع هذه الأموال؟
✓ كم يبلغ حجمها؟
✓ ما هي الجهة المخول لها الصرف؟
✓ ما هي المشروعات التي تصرف فيها هذه الأموال؟
– هذا الوضع وبهذه الكيفية سوف يضع أموالاً كبيرةً في يد الوالي الذي وجّه كل موارد الولاية للقطاع الأمني الذي صار كل همه قمع الثورة والثوار الأبطال، وبالتالي تصبح هذه الأموال رصيداً إضافياً للصرف على المنظمات القمعية التي نشطت في ظل دولة الجنجويد والانقلابيين.
– كذلك سوف يفتح الباب للسرقة والاختلاس والنهب بعيداً عن الرقابة والمحاسبة، ويمكّن منسوبي النظام من الثراء الفاحش ليزدادوا تمكيناً على تمكين وإحكام السيطرة على كل مفاصل الدولة.
3- التعليم هو واجب الدولة وهو المبرّر لوجودها، فإذا عجزت عن القيام به فما مبرّر وجودها؟
فهل واجب الدولة قتل وسحل واغتصاب واعتقال وسرقة وفساد ونهب وإثارة النعرات العنصرية والجهوية ونشر الجهل والتخلف؟
– هذه الخطوة سوف تنقل الدولة والحكومة من خانة إهمال التعليم وترك الصرف عليه لخانة النهب باسمه.
– كذلك ستفتح هذه الخطوة الباب على مصرعيه للمحليات وإدارات التعليم في الولاية والمحليات وإدارات المدارس لفرض رسوم وجبايات على المواطن بحجة رفع الدولة يدها عن الصرف على التعليم..
حينها سيتحوّل جيل من أبناء شعبنا من أمل للبلاد في النهضة والتطوّر لوقود للحرب والعنف والجريمة
ويصبح المواطن مهدّداً بمطالبات لا يستطيع تلبيتها، وبالتالي يصير ابنه مهدّداً بالطرد من المدرسة مدفوعاً به لقاع الإذلال النفسي والإحباط، ساقطاً في بؤر الجريمة وسلعة مزجاة في نخاسة تجار المخدرات ومواخير الرق الأبيض.
4- المُفارقة المضحكة المبكية أن كثيراً من الجهات الحكومية تدفع حوافز للعاملين تسمى حوافز المدارس وهذه الحوافز تدفع بغرض المساعدة في تجهيز الطلاب لبداية العام لشراء مستلزمات الدراسة من لبس وكتب ودفاتر وأدوات وهذه الحوافز تدفع للجهات ذات المرتبات العالية وتُحرم منها الجهات ذات المرتبات الضعيفة مثل التعليم والصحة!!!!
فكيف تفرض ضريبة على موظف أو عامل يدفع له لمقابلة منصرفات العام الدراسي؟ وكيف يظلم موظف أو عامل مرتين!!
المرة الأولى بحرمانه من الحافز الذي أعطى لغيره، والمرة الثانية بفرض ضريبة عليه.

▪ خلاصة القول:

إذا أرادت الدولة أن تجد موارد مهولة لتصرف بها على التعليم فعليها التوجّه لأموال المسؤولية المجتمعية لهذه القطاعات:
✓ قطاع التعدين
✓ قطاع الاتصالات
✓ شركات التامين
✓ البنوك
✓ شركات المقاولات والعقارات
✓ جماعات الاستيراد والتصدير
✓ الصرافات
وغيرها من الأنشطة ذات المداخيل العالية
ولكن الحكومة لا تقدم على هذه الخطوة لأن هذه المؤسسات ملك للفلول ترتبط مصالحها مع مصالح القيادات العليا في الدولة والجهاز التنفيذي.
– إن هذه الأموال- أموال المسوؤلية المجتمعية- إذا أُخذت من هذه المؤسسات ووُضعت في صندوق له قانون يحكمه وأُخضعت للمحاسبة والرقابة حتماً سوف تحل كثيراً من مشاكل التعليم ولكن هيهات في ظل دولة الفساد والمفسدين.
يتبع…
* المدير العام السابق لوزارة التربية والتعليم- ولاية الخرطوم

تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:50
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية