لماذا لا ترفع الجزائر القيود الأمنية عن مخيمات تندوف؟


الدار/ تحليل

تدرك ميليشيات البوليساريو ومن ورائها المخابرات العسكرية الجزائرية أن رفع القيود والحواجز المفروضة على سكان مخيمات تندوف يعني ببساطة نهاية قصة الانفصال وعودة كل المحتجزين إلى أرض الوطن. الصرخة التي أطلقتها النعمة ماء العينين على شبكات التواصل الاجتماعي نداء يتحدى زبانية البوليساريو والجزائر في قلب أطروحتهم الإيديولوجية المصطنعة، ويؤكد أن الانفصال يتشبث بقشة يمكنها أن تغرق وتغرقه في أي لحظة. وإلى جانب ضرورة التحقق من مصير هذه المحتجزة بعد أن أطلقت هذه الصرخة من قلب المخيمات، فإن ما صدر عنها يعكس أن جبهة البوليساريو لم تعد سوى جماعة من العجزة الذين يقتاتون على ريع قديم ويبحثون بأي شكل كان عن أسباب استدامة هذا النزاع.

ما يؤكد كلام ونداء النعمة ماء العينين من أن رفع القيود يعني رحيل كل المحتجزين بما في ذلك القطط نحو المغرب، هو أن جبهة البوليساريو وبقرار جزائري ترفض ومنذ سنوات إجراء عملية إحصاء دقيقة لضبط ساكنة المخيمات وتحديد عدد أفرادها. هذا الرفض الذي يستمر دون سبب مقنع أقوى دليل على أن أطروحة الانفصال تقوم على مرتكزات واهية، وهي تضخيم مبالغ فيه في أعداد الساكنة الصحراوية في المخيمات، من أجل خلق شرعية وهمية أمام هيئة الأمم المتحدة والمنتظم الدولي. هذه الشرعية الوهمية ليست مستمدة من إيمان وقناعة راسخة لدى الساكنة بأن هناك حقا ينبغي الصمود لأجله، وإنما هي قائمة بالأساس على فرض الإقامة الجبرية والاحتجاز ضد هذه الساكنة مع محاولات دائمة بإرشائها ببعض الامتيازات التي تحصل عليها الجبهة من الجزائر من أموال البترودولار لتخفيف الأجواء المشحونة داخل المخيمات.

لا داعي للتذكير هنا بالإجراءات الأمنية الصارمة التي تفرضها المخابرات العسكرية الجزائرية من أجل تطويق المحتجزين ومنع أي محاولة للتسلل للعودة إلى الوطن. لقد كانت الحالات التي تنجح في اقتحام هذه الحواجز والوصول إلى أرض الوطن في الأقاليم الجنوبية تمثل دائما نقطة توتر بين الجزائريين وقيادة انفصاليي البوليساريو. ولطالما تعرضت قيادة الجبهة للعتاب وأحيانا للعقاب عندما تفشل في التصدي لمحاولة أحد أعضائها أو مسؤوليها العودة إلى الوطن منذ أن أطلق الملك الراحل الحسن الثاني نداء إن الوطن غفور رحيم. ولذلك ومنذ سنوات غيّرت السلطات الجزائرية كل الإجراءات الأمنية المتخذة في هذا الإطار، بل إنها لم تعد تترك للانفصاليين المجال لتدبير الشأن الأمني في تندوف وأصبح الإشراف المباشر للمخابرات العسكرية أمرا واقعا لا يرتفع.

والسلطات الجزائرية على يقين تام بأن التساهل في الجوانب الأمنية يعني نهاية النزاع المفتعل، أو على الأقل نهاية مبرراته الإنسانية المزعومة. ساكنة تندوف، التي لا ينتمي جزء كبير منها أصلا إلى الأقاليم الجنوبية، تعتبر اليوم ورقة استغلال وتوظيف سياسي خالص من طرف المخابرات الجزائرية. هذا التوظيف يتخذ أهميته القصوى فقط خلال الزيارات التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء. عندما يقوم المسؤول الأممي بجولاته الدبلوماسية تحرص السلطات الجزائرية على إبراز هذا الوجود المصطنع باستغلال نساء وأطفال وشيوخ لا ذنب لهم إلا أنهم تم التغرير بهم أو احتجازهم ضدا على إرادتهم ولم يُسمح لهم بتصحيح هذا الوضع وممارسة اختيارهم الحر للالتحاق بأرض الوطن.

من هنا فإن الصرخة التي أطلقتها النعمة ماء العينين ليست نداء خاصا بها فقط، بل هي في الحقيقة مطلب لكل المحتجزين رغما عنهم في مخيمات تندوف. ولعلّ الاحتقان الذي تشهده هذه المخيمات منذ فترة وما يتعرض له الشباب على الخصوص من قمع وتنكيل بسبب توجهات تراها الجزائر مهددة لاستمرار النزاع، قد يمثل في هذه اللحظة التاريخية التي تمرّ بها القضية الوطنية تحوّلا حاسما نحو الطي النهائي لهذه الفقاعة التي طال النفخ فيها أكثر من اللازم.

تاريخ الخبر: 2022-09-27 12:24:19
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٣)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:21:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:07:01
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

كتل ضبابية وحرارة مرتفعة ورياح قوية في طقس يوم الجمعة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:08:54
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 79%

الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 06:07:18
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 100%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية