أدى ظهور شبكة الإنترنت والتطور التقني في مجال المعلومات والاتصالات إلى ظهور مفهوم "التطبيب عن بُعد"، والذي يجري من خلاله تقديم خدمات التشخيص والفحص والمعاينة الطبية للمريض من خلال "عيادات افتراضية".

توسع مفهوم "التطبيب عن بعد" ليشمل تيسير التواصل بين الممارسين الصحيين فيما بينهم وبين المريض وطبيبه. كما سهل "التطبيب عن بُعد" التواصل بين الأطباء فيما بينهم سواء فيما يتعلق بالاستشارات أو بالمؤتمرات العلمية أو الأنشطة التعليمية الطبية الأخرى. كما يُستخدم التطبيب عن بُعد في نشر المعلومات الطبية وإنشاء قواعد البيانات الطبية الشاملة.

جائحة كورونا تعزز التطبيب عن بعد

يوجد كثير من المواقع الإلكترونية التي تشخص الأمراض، وما على الشخص إلا إدخال أعراضه التي يشعر بها، فتعطي الخوارزميات التشخيص. ففي حين أن إجراء التشخيص الذاتي عبر الإنترنت ليس جديداً، فإن استخدام المعلومات الصحية عبر الإنترنت والرعاية الصحية الافتراضية والتشخيص نما خلال جائحة كورونا وما بعدها. إذ جرى تشجيع الأشخاص على التحقق من أعراض المرض في المنزل، والوصول إلى جميع المعلومات التي يحتاجونها من السلطات الصحية المختصة عبر الإنترنت.

في الوقت نفسه أدى عدم اليقين بشأن الفيروس والتعليمات الخاصة بالبقاء في المنزل إلى عدم قدرة عدد من الأشخاص على الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية، أو تجنب الخروج للوصول إليها بصورة شخصية في أرض الواقع. مما جعل الناس يخاطرون بالبحث عن الرعاية الصحية، وبخاصة التشخيص داخل حواسيبهم المحمولة.

تكمن المشكلة في أن التشخيص ربما يمكن أن يكون خاطئاً وخطيراً ويضر أكثر مما ينفع. ففي الوقت الذي تعتقد فيه أنك بخير، ربما تكون في الواقع محتاجاً إلى مساعدة طبية. أو قد تكون مبالغة في رد الفعل تجاه حالة ليست بالسوء الذي كنت تعتقده، مما يسبب القلق والتوتر. يمكن أن يؤدي هذا أيضاً إلى ما يعرف بـ"cyberchondria"، وهو الوقت الذي يصبح فيه البحث على الإنترنت عن المعلومات الطبية والمخاوف المرتبطة بالصحة مفرطاً.

تعاظم التوجه نحو التشخيص الذاتي

أجرى موقع The Local دراسة بالتعاون مع AXA - Global Healthcare لمعرفة الأخطار الناشئة عن التشخيص الذاتي الخاص الذي يمارسه الأشخاص بأنفسهم عبر الإنترنت. كما أجرت AXA مؤخراً أكبر بحث لها على الإطلاق حول مشكلات "الصحة النفسية" في أعقاب الجائحة.

كانت إحدى أكثر نتائج البحث اللافتة هي أن ما يقرب من الثلث (28%) من الحالات المتعلقة بالصحة النفسية واضطراباتها بين الأشخاص الذين يعيشون على مستوى العالم شخصوها بأنفسهم.

شملت الدراسة 11000 شخص من 11 دولة ومنطقة في أوروبا وآسيا، وكان 13.5% من المشاركين يعيشون مغتربين خارج أوطانهم. توصل البحث إلى مجموعة فريدة من تحديات الصحة النفسية التي يواجهها المغتربون البعيدون عن شبكات الدعم ووسائل الراحة المنزلية التي تعودوا عليها في أوطانهم.

كان الاكتئاب والقلق أكثر المشكلات شخصت ذاتياً عن طريق البحث على الإنترنت شيوعاً بين الأشخاص المغتربين والذين شملهم الاستطلاع. ومما يثير القلق أن 26% فقط من الأجانب الذين شخصوا ذاتياً قالوا إن حالتهم تجري معالجتها "بشكل جيد". هذا بالمقارنة مع 49% من أولئك الذين يعانون حالة شخصت بشكل صحيح وبواسطة أطباء مختصين. وهذا يوضح لنا أهمية التحدث إلى أخصائي طبي في أرض الواقع حول صحتك النفسية .

تقول ريبيكا فرير، المسؤولة في "AXA": "إنه أمر مقلق أن العديد من المواطنين يستخدمون الإنترنت للتشخيص الذاتي، ولكن ربما لا يكون ذلك مفاجئاً".. "قد تكون معرفة كيفية عمل نظام الرعاية الصحية المحلي أمراً صعباً للأجانب في بلد ما، ناهيك بمعرفة مصادر الدعم التي يمكنك الوثوق بها. على النقيض من هذه العوائق المحتملة لطلب المساعدة يبدو أن الإنترنت يقدم مصادر مشورة سريعة وذات مصداقية".

يلجأ الناس إلى التشخيص عبر الإنترنت مدفوعين بالقلق والخوف من الأعراض التي يشعرون بها، كما أن الإنترنت يقدم خدمات تشخيصية سريعة ومنخفضة التكاليف. وتوجد استشارات ومساعدة موثوقة عبر الإنترنت يمارسها كثير من المؤسسات الصحية المعتمدة. إذ تتيح للأفراد التحدث إلى الأطباء المختصين عبر خدمة الطبيب الافتراضية. ويوجد تزايد وإقبال نحو التطبيب عن بعد، إلا أن من الضروري التفكير بعمق قبل استشارة الإنترنت بخصوص أعراضك الصحية.

TRT عربي