الهجرة السرية بين المغرب واسبانيا..ملف حارق بضغط متزايد


تمر العلاقات الإسبانية المغربية حاليا بمرحلة دافئة سماتها تطابق في وجهات النظر، لكنه لا يخفي في حقيقة الوضع التقلبات السياسية التي تعصف بها بين الحين والآخر، وتقذف بها بين مد وجزر ثم أزمة فانفراجة، في سياق إقليمي معقد، إذ تشكل قضيتي الصحراء المغربية والهجرة السرية بيين ضفتي المحيط، حجر الرحى بالنسبة للرباط ومدريد معا.

 

للمغرب غاية في موقف اسبانيا من قضية الصحراء التي كانت إلى وقت قريب تستغل الملف كورقة ضغط سياسي على الرباط التي تحوز هي الأخرى أوراقا استراتيجية على الجانب الإسباني الذي يمتلك مصالح مع المغرب أهمها كبح جماح الهجرة السرية.

 

غايات الرباط ومدريد سُجلتا بعد دعم حكومة بيدرو سانشيز مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، في وقت تم رفع منسوب التعاون في مكافحة الهجرة غير النظامية، أو الملف الحيوي في علاقات الجارين، واستئناف لجنة مشتركة للبلدين، إثر تطبيع البلدين علاقاتهما الدبلوماسية مؤخراً، حيث اتفقا على “تعزيز آليات التنسيق وتبادل المعلومات”، “في مواجهة التحديات المشتركة الناجمة عن نشاط شبكات الاتجار في المهاجرين”.

 

ومنذ أبريل الماضي زاد حجم التنسيق المغربي الإسباني في ملف الهجرة، وارتفعت أراقام إحباط عمليات الهجرة السرية رغم ما عرفه حدود مليلة المحتلة من أحداث مأساوية أثناء عمليات اقتحام السياج الحدودي الذي أودى بحاة 23 شخصا.

 

وفي هذا الصدد أوضح الخبير في شؤون الهجرة، عبد الرحيم العبدلاوي، بأن إيقاف تدفقات الهجرة الآتية عبر الساحل وجنوب الصحراء، رهين بمعالجة القضايا السياسية والأمنية، وترسيخ قيم التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين دول الجنوب والشمال، وليس فقط بين المغرب وإسبانيا، إذ اعتبرهما واجهتين على الضفتين ما يتسبب في تأزيم الوضع الذي يبقى رهينة التوافقات السياسية.

 

المغرب كدولة من دول الجنوب بإمكانياته المحدودة، يصعب عليه التغلب بمفرده على هجرة الأفواج الكبيرة من جنوب الساحل والصحراء، دون انخراط الجميع، وخصوصا الدول الأوروبية الغنية التي كان عليها تنفيذ مقتضيات إعلان برشلونة ليعيش الجميع في طمأنينة وحياة كريمة، يقول المتحدث لـ”الأيام 24″.

الهجرة السرية الملف الحارق

 

ويعد ملف الهجرة من القضايا الأساسية في العلاقات المغربية الإسبانية، وفي العلاقات المغربية مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، يقول الخبير في شؤون الهجرة،  لافتا إلى أهمية التدابير التي يقوم بها المغرب على صعيد “الحماية الاجتماعية والصحية للمهاجرين السريين في سياق الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، إضافة إلى أن “مواقف المغرب بخصوص الهجرة تؤثر على مسارها نحو أوروبا”، مشيرا إلى “نجاح المغرب في إحباط 76 ألف محاولة للهجرة السرية نحو إسبانيا خلال العام الماضي، وأزيد من 30 ألف محاولة هجرة بطريقة عنيفة، إضافة إلى النجاح في تفكيك 147 شبكة إجرامية تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية”.

 

ومنذ العام 2013 دشن المغرب، برعاية ملكية، سياسة نشيطة في مجال تسوية وضعيات المهاجرين الأفارقة، لتمنح السلطات المغربية أزيد من 25 ألف بطاقة إقامة للمهاجرين خلال العام 2014، وليتجاوز الرقم 30 ألف خلال السنوات اللاحقة، ما حول المغرب من بلد عبور إلى بلد إقامة بالنسبة لهؤلاء.

 

وفي قراءة لهذه الأرقام، يتابع المتحدث أنها تمثل لنا حجم التنسيق الذي يتم بين المغرب وإسبانيا، وطبيعة الدور الذي يقوم به في مكافحة الهجرة السرية، وهي في الآن ذاته وسيلة ضغط استثمرها المغرب في سياق توتر العلاقة مع إسبانيا، ويمكن أن يستخدمها لحفظ مصالحه الإستراتيجية، لا سيما مع إسبانيا التي كانت قوة احتلال للمغرب في المنطقة الخلفية بالشمال وفي الأقاليم الجنوبية التي يضعها المغرب الآن في مقدمة أولوياته، من دون أن نغفل مدينتي سبتة ومليلية وجزر كثيرة قد يتفجر الصراع بشأنها في المستقبل حينما يتغير ميزان القوة.

 

ورقة ضغط في حمأة صراع سياسي 

 

لا شك أن المغرب في موضوع الهجرة يمتلك ورقة ضغط قوية على الاتحاد الأوروبي، خاصة في تماسه السياسي مع إسبانيا، ورغم أن الاتحاد الأوروبي لا يخفي دعمه للموقف الإسباني في الملف، فإن المغرب في نسج علاقاته ظل يعمل على بناء جسور تواصل واتفاقيات ثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الشراكة الإستراتيجية التي تجمعه بالاتحاد الأوروبي ككتلة موحدة.

 

ففي سياق التوتر الذي مرت به علاقات المغرب مع إسبانيا وألمانيا، كان يمد جسورا مع دول أوروبا الشرقية التي دعمت بعضها قضيته في البرلمان الأوربي. بالإضافة إلى هذه العلاقات الثنائية مع دول متعددة، والتي تحميه من مواجهة تكتل واحد، فإن ورقة الهجرة غير النظامية تمثل بحق ورقة رابحة في إحداث التوازن في الصراع، يحقق من خلالها المغرب مكاسب متعددة حين يحسن استعمالها، سواء في قضيته الوطنية الأولى؛ أي قضية الأقاليم الجنوبية، أو في مجالات التعاون الأخرى.

 

يمكن أن نشير إلى حجم الدعم والخدمة التي يقدمها المغرب للاتحاد الأوروبي من خلال المعطيات التي قدمها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وهو يعدد أشكال الدعم المقدم لإسبانيا في هذا الجانب، بقوله “سجلنا معروف جيدا، فقد أجهض المغرب 14 ألف محاولة هجرة سرية على مدى 3 سنوات، وقام بتفكيك أكثر من 8 آلاف خلية لتهريب البشر، وأجهض 80 محاولة اقتحام لمدينة سبتة، وتبادل أكثر من 9 آلاف معلومة عن الهجرة السرية مع إسبانيا”.

تاريخ الخبر: 2022-10-06 21:19:09
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 65%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية