روسيا والمستنقع الأوكراني


زبينغيو بريجينسكي مستشار الرئيس الأميركي جيمي كارتر، والذي عرف بدهائه خصوصاً خلال فترة الحرب الباردة، اعترف بالدور الأميركي لاستدراج السوفيات في أفغانستان عبر دعم المعارضة الأفغانية ضد النظام الموالي لموسكو في ذلك الوقت.

بريجينسكي قال إن العملية السرية لتمويل المعارضة ضد نظام كابل بدأت قبل تدخل السوفيات في أفغانستان وتحديداً عام 1979 لاستدراجهم إلى الحرب لاحقاً، واصفاً تلك الفكرة بالممتازة لإيقاعهم في المصيدة الأفغانية وإعطائهم حرب فيتنام الخاصة بهم.

السيناريو الأفغاني يعطينا تصوراً عن الأحداث الحالية في أوكرانيا ولو اختلفت بعض التفاصيل، لاسيما أن بريجينسكي تنبأ أيضاً بأهمية هذا البلد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والدور الذي من الممكن أن يلعبه إذا انضم إلى الحلف الغربي في احتواء روسيا وكبح طموحاتها الكبرى.

بناء على ما تقدم لم يتردد الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية منذ بدء العملية الروسية، في توفير الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، بجانب وعود ضمها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بعد إتمام الشروط المطلوبة!! رغم أن ذلك يخالف الوعود التي قطعتها للاتحاد السوفياتي إبان انهياره.

وكثفت أميركا العمل على ذلك منذ ثورة الميدان الأوروبي في 2014 وسقوط الحكومة الموالية لموسكو في كييف برئاسة فيكتور يانوكوفيتش بعد تظاهرات شعبية غاضبة، والذي أدى بعد ذلك إلى سلسلة الأحداث المعروفة في لوغانسك ودونيتسك وضم الروس لشبه جزيرة القرم.

الوقائع على الأرض الآن تشير إلى أن واشنطن ترغب في إبقاء الصراع مستمراً بلا غالب ولا مغلوب حيث تقتضي مصلحتها ذلك، بعكس الدول الأروبية وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا التي تأمل بإنها الحرب بأسرع وقت ممكن لما في استمراره من آثار سلبية عليها خصوصاً في مجال الطاقة والغاز وارتفاع أسعارها الذي انعكس على جوانب الحياة المختلفة.

بالنسبة لأميركا تهدف استراتيجيتها بإبقاء الحرب مستمرة لعدة أسباب.

أولاً: إضعاف روسيا وفرض نفسها كمصدر بديل للغاز في أوروبا لا سيما أنها عارضت إنشاء خط نورد ستريم منذ بداياته.

ثانياً: استمرار الحرب يساعدها في زعزعة قوة الأقطاب الجديدة التي تعمل روسيا على تثبيتها عبر تحالفاتها مع الصين والهند ورابطة الدول المستقلة، حيث صرح بذلك الرئيس بوتين في خطاباته عدة مرات وأبدى رغبته في تغيير النظام العالمي الحالي وسياسية القطب الواحد.

في المحصلة استمرار الحرب بهذه الوتيرة يبقي الاقتصاد الروسي تحت ضغط الاستنزاف والعقوبات ويؤدي إلى إضعاف الدور الروسي في محيطه واشغاله بمشكلات داخلية.

أوكرانيا اليوم بمثابة أداة بيد الغرب والولايات المتحدة لاحتواء روسيا، ومستنقع أعدته جيداً لإيقاع الروس فيه، تماماً كما حصل في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، حيث خرج السوفيات حينها مهزومين ومنهكين.

تاريخ الخبر: 2022-10-08 06:17:31
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 85%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية