الوضع كارثى.. دول أوروبا تواجه أكبر أزمة غذاء وطاقة

رؤية ضبابية تحاصر مستقبل الاقتصادات العالمية الكبرى فى ظل أزمة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، ونقص الإمدادات العالمية، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم بنسب لم تشهدها، أو حتى تتخيلها الأجيال التى تعيشها.

اندلعت الحرب بين كييف وموسكو، لكن أثرها طال مواطنى العالم، فقفزت الأسعار للمستهلكين بعد أن ارتفعت أسعار الغاز مرة تلو الأخرى، إذ تواجه أوروبا أسوأ أزمة طاقة منذ ٥٠ عامًا، ما يدفع تكلفة المعيشة إلى الارتفاع، خاصة فى أسعار الغذاء، الذى تقلصت طاقته الإنتاجية لأكثر من ٧٠٪، بسبب ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، ومن ثم تسللت آثارها إلى الدول المحيطة، ومنها إلى الدول التى تجاورها، لتصل إلى كل أنحاء العالم.

«الدستور» أجرى جولة موسعة، فى دراسات دولية، وشهادات أوروبيين يعانون من قرارات الحكومات، وتقارير رصدت بالأرقام ما ينتظره العالم، وساكنوه، خلال المستقبل.

 

بريطانيا.. التضخم يدمر الأسر.. و«الفواتير» تصل لمستويات غير مسبوقة

تعيش بريطانيا واقعًا صعبًا للغاية لم تتخيل يومًا أن تمر به لساعات معدودة، إلا منذ اندلاع تلك الأزمة الروسية الأوكرانية، فالمملكة المتحدة تشهد حالة ركود واضحة، فى ظل استمرار انهيار قيمة الجنيه الإسترلينى، وارتفاع معدل التضخم.

وتواجه الأسر البريطانية معدل تضخم يصل إلى ١٠٪، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر خلال فصل الشتاء المقبل، نظرًا لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وهو أمر من شأنه التقييد الشديد على معدلات الإنفاق، خلال الفترة المقبلة.

وتوقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» الأمريكية أن بنك إنجلترا ليس أمامه سوى اللجوء لرفع أسعار الفائدة بمعدل ١٪ لتصبح ٣.٢٥٪ بدلًا من ٢.٢٥٪، بحلول شهر فبراير المقبل، أملًا فى تحقيق الاستقرار فى اقتصاد البلاد، والسيطرة على التضخم حتى على المدى المتوسط.

وفى مواجهة ذلك، اتخذت المملكة البريطانية عدة تدابير، فى محاولة أيضًا للسيطرة على الأوضاع غير المألوفة، وترشيد الاستهلاك، منها ارتفاع قيمة الحد الأقصى لفاتورة الكهرباء، وتقليل درجة أجهزة التدفئة فى المنازل حتى خلال موجات البرد القارس.

وكذلك، نصحت الحكومة البريطانية مواطنيها بإيقاف تشغيل أجهزة التدفئة فى الغرف التى لا يتواجدون فيها، وإغلاقها فى كل أرجاء المنزل حال الذهاب للخارج.

وتذهب الحكومة البريطانية، بين الحين والآخر، إلى الإشارة لسيناريو تنظيم قطع الكهرباء فى المنازل لتوفير الطاقة، أو أن يتم وضع جدول محدد لقطع وتوفير الكهرباء، وهو ما يقلق البريطانيين من شتاء بارد وسط الظلام. 

ويعانى الجنيه الإسترلينى من انخفاض قيمته مقابل الدولار الأمريكى ليصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، وهو لا يمثل خطرًا على الأسواق المالية فقط، لكن ذلك التأثير يمتد إلى المواطنين.

وأدى انخفاض قيمة الجنيه الإسترلينى إلى موجة غلاء غير مسبوقة فى أسعار الطاقة والبنزين والسلع الغذائية، ما دفع الأسر البريطانية إلى اتخاذ عدة خطوات لتقليل إنفاقها، لمواجهة حالة الانهيار الداخلية، على رأسها تقليل نفقاتها إلى الحد الأدنى، والتركيز على الاحتياجات الأساسية، بل والضرورية، فقط.

وكشفت دراسة بريطانية حديثة عن أن الآباء الذين يواجهون فواتير الطاقة مرتفعة التكلفة أصبحوا يقللون من كمية الطعام التى يشترونها، واتجهوا إلى تناول الوجبات الباردة، أو التى لا تتطلب الطهى، لتوفير الطاقة مع تفاقم أزمة المعيشة.

وأوضحت أن الآباء والأمهات الذين لديهم طفل واحد، أقل من ١٨ عامًا، خفضوا كمية الطعام التى يشترونها، لضمان قدرتهم على تحمل تكاليف الضروريات المنزلية الأخرى بما فى ذلك فواتير الغاز والكهرباء، التى ارتفعت منذ شهر أكتوبر الحالى.

وأكدت الدراسة البريطانية، التى صدرت منذ نحو ١٠ أيام، أن نحو ٢٨٪ من الآباء قللوا من جودة الطعام الذى يشترونه، لتوفير النفقات، حسبما نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية.

ويعنى ارتفاع تكاليف المعيشة فى بريطانيا أن معدل الأسر التى تعانى فقر الوقود سيرتفع إلى ٦.٧ مليون أسرة خلال أكتوبر الجارى، مقابل ٤.٥ مليون أسرة خلال الشهر ذاته لعام ٢٠٢١. 

وكشفت الدراسة أيضًا عن أن ٦٧٪ من الآباء قلقون من أن زيادة أسعار الطاقة تعنى أن لديهم أموالًا أقل لشراء الطعام، وأكثر من نصفهم قلقون بشأن احتمالات هذا الشتاء وتأثير ذلك على صحة أسرهم.

وأصبحت الأسر فى بريطانيا بين خيارين هما تدفئة منازلهم خلال الشتاء أو تناول الطعام بالشكل الكافى، وتشير التقديرات فى المملكة المتحدة إلى أنه لا خيار سوى تناول الطعام، وسيكون التأثير الأكبر على الأطفال، لأنهم سيصابون بالبرد والجوع مع ارتفاع أسعار الطاقة، وذلك رغم الدعم الذى تقدمه الحكومة.

فرنسا.. أسعار قياسية للبيض والغاز.. والحكومة تلجأ لإجراءات التقشف 

لم يختلف الأمر كثيرًا فى فرنسا، فارتفاع أسعار السلع الغذائية تجاوز أسعار الطاقة، ما يعد أكبر عامل وراء التضخم الذى تشهده باريس، كما ستستمر فى رفع تكلفة المعيشة حتى نهاية العام الجارى.

وتشير توقعات المعهد الوطنى الاقتصادى الفرنسى للإحصاء والدراسات «INSEE» إلى أن معدل التضخم سيصل إلى ٦.٤٪ خلال شهر ديسمبر المقبل، وسيكون ذلك أعلى معدل فى فرنسا منذ عام ١٩٨٥.

وقال جوليان بوجيت، الخبير الاقتصادى فى المعهد الفرنسى: «لا يزال هناك تضخم كبير فى أسعار الطاقة، لكن قبل أى شىء، هناك تسارع تضخم أسعار الغذاء»، تأكيدًا لأن الغذاء هو المحرك الأكبر لارتفاع التضخم فى البلاد.

وأصبح وضع الأسر الفرنسية أكثر تعقيدًا منذ يناير الماضى، وسط ارتفاع ضخم لأسعار الطاقة وفواتير الكهرباء، فيما قالت الحكومة الفرنسية إنها تخطط لوضع حد لزيادة أسعار الغاز الطبيعى والكهرباء بمعدل ١٥٪ أوائل عام ٢٠٢٣.

على سبيل المثال، فإن أسعار البيض فى فرنسا ارتفعت لأكثر من الضعف جراء ارتفاع تكاليف الطاقة ونقص الإمدادات، وانتشار إنفلونزا الطيور دفع إلى خفض الشركات معدلات الإنتاج.

ولمواجهة آثار الارتفاع السريع لتكلفة المعيشة فى البلاد، أطلقت فرنسا حملة لتوفير الطاقة، الخميس الماضى، لتجنب انقطاع الكهرباء خلال فصل الشتاء، وفى ظل تراجع إنتاج الطاقة لديها.

وتهدف الحملة الحكومية الفرنسية إلى خفض استهلاك الطاقة بنسبة ١٠٪ بحلول عام ٢٠٢٤، تصل إلى ٤٠٪ بحلول عام ٢٠٥٠.

وشملت الإجراءات عدم رفع درجة حرارة التكييفات عن ١٩ درجة مئوية داخل المبانى العامة، بالإضافة إلى خفض استخدام الماء الساخن فى دورات المياه، وتشجيع العمل من المنزل، ومطالبة موظفى الخدمة المدنية الذين يقودون المركبات الحكومية بالحد من سرعتهم إلى ١١٠ كيلومترات فى الساعة.

ألمانيا.. إطفاء الأنوار.. و«أرفف المتاجر» خالية من السلع بسبب الحرب

تعانى ألمانيا وضعًا اقتصاديًا مأساويًا، إذ أعلنت، الأسبوع الماضى، عن ارتفاع معدلات التضخم فيها إلى ١٠٪، وهى المرة الأولى التى يصل فيها لأعلى مستوى منذ أكثر من ٧٠ عامًا، ما ينذر بانكماش الاقتصاد لدى برلين خلال عام ٢٠٢٣، وذلك جراء ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا.

وارتفع معدل التضخم فى ألمانيا بنسبة ٢.١٪ خلال نحو أقل من شهرين فقط، حيث بلغ ٧.٩٪ خلال شهر أغسطس الماضى، ووفقًا للمكتب الإحصائى الفيدرالى الألمانى، فإن أسعار الطاقة ارتفعت بنسبة ٤٣.٩٪ خلال سبتمبر الماضى، مقارنة بنفس الشهر خلال عام ٢٠٢١. ويواجه الاقتصاد الألمانى مستقبلًا مجهولًا، حيث تشير التقديرات الصادرة عن مراكز الأبحاث إلى أن الأزمة فى أسواق الغاز وارتفاع أسعار الطاقة والانخفاض الهائل فى القوة الشرائية ستدفعه إلى الركود.

ولمواجهة ذلك لجأت برلين إلى اتخاذ عدة تدابير حاسمة من أجل توفير الطاقة، أبرزها إطفاء أضواء العديد من المعالم والمبانى التاريخية، بلغت نحو ٢٠٠ مبنى فى العاصمة الألمانية، وسط مخاوف من نقص الطاقة فى الشتاء. 

وعلى مستوى المواطنين الألمان، فدفعهم الخوف من الأزمة إلى حالة من الذعر، وذهبوا للشراء بكميات كبيرة فى بداية الأزمة من أجل تخزين الطعام، حتى لجأ بعض المتاجر إلى وضع قيود على عمليات الشراء للأسر، لتصبح زجاجتا زيت فقط للفرد، وكمية محددة من الدقيق والأرز والمكرونة، وغيرها من السلع الاستراتيجية.

وبعد مرور أشهر على استمرار تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية، أصبحت الأرفف فى المتاجر الألمانية فارغة من السلع الغذائية، لتسيطر على الأسر الألمانية حالة من التقشف جراء ارتفاع الأسعار بمعدل غير مسبوق، بالإضافة إلى تضخم تكلفة المعيشة.

تاريخ الخبر: 2022-10-09 21:21:39
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية