هل تتحول احتجاجات إيران إلى حراك ثوري؟


بات شعار "هذه ليست مجرد احتجاجات.. بل بداية ثورة" يتردد على ألسنة معظم المتظاهرين في إيران خلال التجمعات التي تستمر لأسبوعها الرابع على التوالي بالرغم من شدة القمع المتمثل في القتل بالرصاص والضرب والاعتقال والتعذيب إلى جانب التعتيم من خلال قطع الإنترنت وحملات الدعاية المضادة.

ومن الملاحظ أن المحتجين وفي مقدمتهم الطلاب والنساء وانضم إليهم لاحقا العمال، استطاعوا أن يستمروا بتجمعاتهم رغم عدم وجود قيادة موحدة من خلال تنظيمات أطلقوا عليها "اللجان المحلية". كما أنهم تأقلموا مع قطع الإنترنت ويستمرون بمفاجأة النظام بالخروج الحاشد من مناطق كانت تعتبر "صامتة".

انتشار غير مسبوق

وتختلف احتجاجات إيران لعام 2022 جوهرياً مع سابقاتها حيث سجلت أرقاماً قياسية من حيث الانتشار والتوسع سواء في مختلف المناطق الجغرافية أو بالنسبة لمشاركة المزيد من الفئات في المجتمع الإيراني.

وكما فعلت في احتجاجات نوفمبر 2019 تقطع السلطات الإيرانية الإنترنت باستمرار بهدف التعتيم عما يحصل، إلا أن المتظاهرين هذه المرة لم ينتظروا الإنترنت و ولم يكن لهذا الانقطاع أثر كبير في الحد من التجمعات.

وقامت مجموعات من المتظاهرين بتذكير بعضهم البعض بأنه لم يكن هناك إنترنت في ثورة عام 1979 التي أطاحت بالشاه.

جيل الألفية الجديدة

بالإضافة إلى النساء والطلاب، شهدت الاحتجاجات المشاركة الواسعة لجيل الشباب الذين ولدوا خلال الألفية الثالثة ولم يعهدوا عصور التشدد والقمع المفرط أثناء عقدي الثمانينات والتسعينات من عمر نظام ولاية الفقيه.

هذه الفئة الفتية التي نشـأت على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تردد بأنها غير قادرة على تقبل نمط الحياة الذي فرضته إيديولوجية الجمهورية الإسلامية على الحياة العامة وتقييد الحريات والعيش في عزلة عن العالم.

ووسط استمرار خروج طلاب المدارس وخاصة الثانويات قامت القوات الأمنية باعتقالات جماعية بالحافلات لعشرات الطلبة في مختلف المدارس واستدعاء ذويهم للتحقيق ما يفسر ارتباك السلطات في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة.

وبالرغم من أن الفئة العمرية للمتظاهرين وصلت إلى من هم أقل من 18 عامًا، إلا أنهم يطالبون كسائر المنتفضين بالتغيير الشامل واطلاق الحريات الاجتماعية والسياسية والتحرر من الحجاب الإجباري ومعارضة الدكتاتورية والاستبداد.

شعار "المرأة، الحياة، الحرية"

بات شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" بمعانيه البسيطة والشاملة يتردد في كافة أرجاء إيران وأصبح له صدى دوليا أكسب تعاطفا عالميا مع حراك الإيرانيين حيث عبر فنانون وشخصيات سياسية واجتماعية شهيرة في العالم ومواطنون عن تعاطفهم البالغ معه.

ولا تزال المناطق الكردية في مقدمة الحراك الذي انطلق من مناطقهم احتجاجا على مقتل مهسا أميني الفتاة الكردية البالغة من العمر 22 عامًا أثناء احتجازها من قبل دورية "شرطة الأخلاق" في طهران.

لقد أشعلت هذه الانتفاضة التي اندلعت بسبب عنف السلطات ضد النساء، شرارة الثورة لدى الجماهير المكبوتة التي عانت من القمع والتهميش والفقر والتمييز خلا أربعة عقود من حكم الملالي.

وما أبطل دعاية الحكومة المعتادة المتمثلة في وصف المتظاهرين بأنهم "معادون للدين" أو "من مروجي الثقافة الغربية" هو دعوة المتظاهرين للمواطنين باستمرار إلى احترام المعتقدات الدينية الشخصية للآخرين.

كما أن نساء محجبات في مختلف محافظات إيران عبرن عن تعاطفهن مع شعار المتظاهرين بالهتاف أن الحجاب يجب أن يكون اختيارًا شخصيًا، ما أعطى هذه الحركة قوة فريدة.

على عكس سابقاتها، فقد تمت تغطية أخبار احتجاجات 2022 الإيرانية في وسائل الإعلام العالمية وعكست شجاعة الفتيات والنساء في الخطوط الأمامية لهذه الاحتجاجات.

وانتشرت صور وفيديوهات لفتيات ونساء واقفات أمام حشد من المتظاهرين يقمن بقص شعرهن احتجاجا على مقتل مهسا أميني وتنديدا بعنف السلطة ضد النساء، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الاحتجاجات في إيران.

خامنئي المريض غاضب من الاحتجاجات

وتستمر هذه الاحتجاجات وسط أنباء عن تدهور صحة المرشد الايراني علي خامنئي الذي بلغ من العمر 83 عامًا والغموض الذي يلف مصير خليفته بينما صدحت حناجر المحتجين ضد نجله مجتبى وفكرة التوريث التي أشيعت عنه حيث هتفوا: "ستهلك يا مجتبى ولن تصبح مرشدا".

وأعاد خامنئي تكرار التهم المعتادة ضد المتظاهرين الذين يطالبون بإسقاطه من خلال "نظرية المؤامرة" ووصف الاحتجاجات بأنها "مخطط أمريكا وإسرائيل" وأرجعها إلى "حماس الشباب بسبب برامج الإنترنت" على حد قوله.

كما حاول خامنئي الانتقاص من مواقف المشاهير ودفاعهم عن المحتجين بالقول إنها "مواقف لا قيمة لها" لكن مع ذلك بدا واضحا أنه "غاضب" من هذه الظاهرة غير المسبوقة و"متفاجئ" تمامًا من العمل الشجاع الذي قام به المشاهير.

بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أنه خلال الاحتجاجات الحالية، ولأول مرة، لم تتخذ أي من السلطات ولا أحد من السياسيين المشهورين بمن فيهم عائلة لاريجاني، وعائلة رفسنجاني أو شخصيات مثل ناطق نوري وروحاني وأحمدي نجاد، وعشرات الشخصيات السياسية المهمة موقفًا بإدانة الاحتجاجات أو دفاعًا عن خامنئي.

ويرى مراقبون أن هذا الصمت يعبر عن شرخ كبير في هرم السلطة وتفاقم أزمة الشرعية والقيادة خاصة داخل الدائرة المغلقة للأقوياء في النظام. ولأول مرة خلال حكمه، يجد خامنئي نفسه وحيدًا أمام المتظاهرين واحتجاجات شارع ينتقل إلى المرحلة الثورية.

تاريخ الخبر: 2022-10-10 15:17:59
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس نيجيريا يصل إلى الرياض - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 03:23:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية