تصاعد الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها السعوديين منذ قرار أوبك + الأسبوع الماضي خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا اعتباراً من نوفمبر/تشرين ثاني المقبل، فيما أبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تخوض إداراته انتخابات تجديد نصفية حاسمة قريباً، خيبة أمله من القرار الذي سينتج عنه ارتفاع ملحوظ في أسعار الوقود في السوق الأمريكي.

والأثنين، ازدادت حدة ردود الأفعال في الكونجرس ضد المملكة العربية السعودية بشكل حاد، حيث انتقد السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز بقوة قرار السعودية "للمساعدة في ضمان حرب بوتين من خلال أوبك +"، وهدد بتجميد مبيعات الأسلحة والتعاون الأمني ​​مع المملكة بعد قرارها دعم روسيا على حساب مصالح الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

وبحسب الصحيفة البريطانية، تشير تصريحات السيناتور مينينديز، الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى تغيير جذري محتمل في السياسة الأمريكية تجاه المملكة. ففي معرض رده على ما قال إنه قرار محمد بن سلمان المساعدة في ضمان حرب بوتين من خلال عصابة أوبك +"، قال مينينديز: "ببساطة لا مجال للعب على جانبي هذا الصراع"، مؤكداً أنه لن يوافق على أي تعاون مع الرياض حتى تعيد المملكة تقييم موقفها فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.

A post shared by TRT عربي (@trtarabi)

خلاف الطاقة

تحول ملف الطاقة ليصبح أحد أكبر مصادر الخلاف بين واشنطن والرياض منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي سبق أن اعترض في 10 مناسبات على قرارات تحالف أوبك+، وفقاً لوكالة للأناضول. ومع مجيء إدارة بايدن إلى رأس السلطة في البيت الأبيض، استمر الخلاف ووصل إلى حد تصدع العلاقات بين الولايات وأحد أكبر وأقوى حلفائها في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها إدارة بايدن على السعودية في الأسابيع الأخيرة، وسفر كبير مبعوثي بايدن لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين برفقة مسؤولي الأمن القومي إلى السعودية الشهر الماضي لمناقشة قضايا الطاقة، ومن بينها قرار أوبك +، لكنهم أخفقوا في منع خفض الإنتاج، تماماً مثلما حدث مع بايدن بعد زيارته للمملكة في يوليو/ تموز الماضي.

وبينما تريد الولايات المتحدة أن تلعب دور المتحكم الأول في سوق النفط العالمية من أجل كبح جماح أسعار النفط الخام التي تلعب دوراً محورياً في رفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في العديد من البلدان الغربية، ترى السعودية أنه يجب على الولايات المتحدة زيادة الإنتاج إذا ما أرادت مزيداً من النفط في الأسواق، وفقاً لما نقلته وكالة رويترز التي أشارت أيضاً إلى أن الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم وأيضا أكبر مستهلك للخام، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

ولفتت وكالة الأناضول إلى أن "السعودية تستغل ملف الطاقة للضغط على الولايات المتحدة التي لم توفر الدعم اللازم للسعودية ومن خلفها الإمارات تجاه هجمات جماعة الحوثي والذي طال عمق البلدين عبر هجمات بطائرات مسيرة خلال السنوات القليلة الماضية".

السعودية تقود أوبك +

في أعقاب إعلان خفض الإنتاج، الأربعاء، ارتفعت أسعار النفط العالمي بنسبة 10% في نهاية الأسبوع، في وقت وجهت فيه الإدارة الأمريكية انتقادات حادة للسعودية، التي تعتبر بمثابة قائد فعلي لتحالف أوبك + المؤلف من 23 عضواً؛ أعضاء أوبك الـ 13 وشركاؤهم العشرة بقيادة روسيا.

وإلى جانب مكانتها الكبيرة في سوق النفط الخام كثاني أكبر منتج عالمي، بمتوسط يومي 11 مليون برميل وقدرة فورية على زيادة الإنتاج حتى 12.3 مليون برميل يومياً، تعتبر السعودية كذلك أكبر مصدّر للنفط في العالم، بمتوسط يومي 7.3 ملايين برميل في الظروف الطبيعية وقدرة فورية على رفع الصادرات فوق 8 ملايين برميل.

ووسط الهجوم الحاد الذي يشنه الأمريكيون على السعودية ووصفهم القرار بأنه سياسي يحمل دعماً لروسيا، ومصدر عبء جديد على التضخم العالمي، نفت السعودية كل هذه الادعاءات التي وصفتها بأنها تصريحات عاطفية للتأثير على الانتخابات النصفية، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير: أن السبب وراء زيادة أسعار المحروقات في الولايات المتحدة يرجع إلى انخفاض قدرة التكرير منذ أكثر من 20 عاماً.

يذكر أن الديمقراطيون يطمحون إلى تجنب أية زيادات على أسعار المحروقات بشكل خاص، لعلمهم أنها ستؤثر على قرار الناخب داخل صناديق الاقتراع، لصالح الجمهوريين في الانتخابات الجزئية المقبلة.

تهديدات أمريكية

سبق أن اعتبر بايدن أن قرار أوبك + خفض إنتاج النفط، خطوة عدائية واصطفاف مع روسيا، معلناً أنه يدرس إجراءات للرد على السعودية والإمارات بسبب ذلك، ما قد يعكس فشل إدارته في التعامل مع القضايا التي تخص دول الخليج، رغم زيارته للمنطقة في يوليو/تموز.

وبينما يستعد بايدن الإفراج عن حوالي 10 ملايين برميل من الاحتياطيات الاستراتيجية للولايات المتحدة ضمن مساعيه الرامية إلى تخفيف آثار القرار على السوق الأمريكية، طالب نواب من الحزبين إعادة تقييم شاملة لتحالف الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، وطالب البعض بوقف واردات التكنولوجيا العسكرية إلى السعودية وسحب القوات الأمريكية من المملكة.

وفي الجولة الأمنية التي تجريها مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف بين يومي 11 و22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لتأكيد التزام بلادها بمهامها الأمنية في المنطقة، لم يتم شمل السعودية في جدول الزيارة الذي يشمل مصر والإمارات والكويت وقطر.

TRT عربي