تعرب الولايات المتحدة الأمريكية يوميًا عن غضبها من قرار أوبك+ بتخفيض إنتاجها من النفط بمقدار مليونى برميل يوميًا، وذلك من أول نوفمبر. 

أوبك+ تضم ٢٣ دولة مصدرة للنفط ومنها ١٣ دولة عضوًا فى منظمة «أوبك»، هذه البلاد لها أجندتها ومصالحها الاقتصادية. واشنطن دومًا ما تلمح بأنها قد تعتبر قرار دول أوبك+ «معاديًا»، وكأن الولايات المتحدة تتعامل مع المنظمة كأداة من أدواتها الاقتصادية، ويسرى عليها ما يسرى على مؤسساتها العامة حتى لا الخاصة.

وقبل أزمة روسيا وأوكرانيا التى أُثيرت قبل ما يقرب من العام، كانت واشنطن وحلفاؤها مندفعين فى اعتماد سياسات آيلة إلى مقاطعة مبرمجة للطاقة المعتمدة فى العالم واستبدالها بـ«الخضراء»، واشنطن حرمت قطاع النفط من استثمارات كبرى من شأنها مواكبة إنتاج الطاقة فى العالم، إلا أن كل هذا تغير بداية من التحركات الروسية تجاه أوكرانيا. 

العالم الآن تغير، والتغير لم تعد واشنطن قادرة على استيعابه، أو حتى القبول بالتراجع ولو خطوة، ودول أوبك+ لن تبنى حساباتها وأسعارها على حسب رؤية واشنطن وسياساتها.

 الولايات المتحدة ترى أن هناك اختلالًا فى العالم وموازينه التى لا تراها مناسبة لمصالحها، الأمر يكشف أيضًا عن ضعف واشنطن وعدم قدرتها على احترام مصالح الدول الأخرى، طالما أن هذه المصالح لا تتفق ومصلحتها. 

فرنسا بقيادة رئيسها إيمانويل ماكرون حاولت التواصل أواخر أغسطس الماضى مع الجزائر لتصلح العلاقات بين الطرفين، رئيسة الوزراء الفرنسية كذلك، تسعى بنصف حكومتها لضبط العلاقات مع الجزائر، هذا جانب من الاختلاف بين الدبلوماسيتين الفرنسية والأمريكية.

ألمانيا كذلك كان تعاملها مع الموقف يتسم بالهدوء، وفى خطاباتها لدول وصفتها بالصديقة، قالت إن الأسعار التى طلبتها الولايات المتحدة لتعويض شحنات روسيا المتوقفة «خيالية»، وقالت برلين إن واشنطن تمارس أفعالًا انتهازية فى أوقات المحنة بعد وقف إمدادات الغاز الروسى إليها، وأكدت أنها استغلت «محنة أوروبا».

على هامش قمة براغ، كان «ماكرون» أكثر وضوحًا، ووجه حديثه لواشنطن وقال لا يمكن لباريس أن تدفع سعر النفط أعلى ٤ أضعاف، فهذا ليس معنى للصداقة.

قرارات أوبك + منطقية، خاصة مع انتهازية الولايات المتحدة تجاه حلفائها فى أوروبا والناتو ضد القيصر الروسى وأزمته مع أوكرانيا، أوبك+ تعاملت بمنطقية العرض والطلب والسوق. الولايات المتحدة الأمريكية فى مأزق، فانتخاباتها النصفية ستجرى ٨ نوفمبر المقبل، ونتائجها قد تهدد مصير بايدن ٢٠٢٤، الإدارة الأمريكية مرتبكة وتهدد برد تريد منه إخفاء عوارها وعجزها وضعفها. 

قرار دول أوبك+ الـ٢٣ يكشف عن توجه جماعى للتعامل مع استفزازات البيت الأبيض عقب اجتماعها، قرار «دول البترول» كشف عن تغير حقيقى بات وشيكًا للعالم.