لقد فهمنا الرسالة. ينصب تركيز ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، على نمو الناتج المحلي الإجمالي. قالت في خطابها في مؤتمر حزب المحافظين الأسبوع الماضي: "لدي ثلاث أولويات لاقتصادنا: النمو، والنمو، والنمو". ألمحت إلى أن ردة الفعل السلبية للسوق بشأن الميزانية "المصغرة" لوزير ماليتها – التي أدت إلى انخفاض الجنيه وزيادة معدلات الرهن العقاري – ستكون أمرا يستحق العناء. أضافت: "كما كان الأمر واضحا في الأسابيع القليلة الماضية، سيكون الأمر صعبا. كلما كان هناك تغيير، يحدث اضطراب. لن يكون الجميع مع التغيير. لكن الجميع سيستفيد من النتيجة".
هناك مشكلتان في هذه الاستراتيجية. الأولى، أن معظم الناس لا يعرفون معنى نمو الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن الاهتمام به. لا أحد يقف خارج داوننج ستريت بمكبر صوت ويهتف: "ماذا نريد؟ نمو ناتج محلي إجمالي سنوي بنسبة 2.5 في المائة. متى نريد ذلك؟ في المدى المتوسط".
في دراسة أجريت عام 2020، بتمويل من مكتب الإحصاءات الوطنية، حول فهم الجمهور للاقتصاد كان الناتج المحلي الإجمالي أحد المفاهيم الاقتصادية الأقل فهما لدى الناس. تمكن أقل من نصف الجمهور البريطاني من تحديد تعريف الناتج المحلي الإجمالي بشكل صحيح من قائمة من الخيارات. وكان من الشائع أن يخلط الناس بينه وبين قيمة الصادرات أو الجنيه الاسترليني.
في مجموعات التركيز، لم يعرف الناس نوع معدل النمو الاقتصادي الذي يمكن عده طبيعيا، أو جيدا، أو سيئا. وعندما قيل إن النمو كان 1.3 في المائة، كانت ردة الفعل الأكثر شيوعا هي الصمت أو اللامبالاة. قال أحد المشاركين: "هذا لا يعني شيئا بالنسبة لي على الإطلاق". وقال آخر: "إنه أمر غير محسوس بالنسبة لنا، لا يمكننا لمسه أو الشعور به. إنك نوعا ما في فقاعتك الخاصة، أليس كذلك؟ تشعر بالقلق بشأن أمورك الخاصة (...) اقتصادك الخاص".
تراس ليست أول "مهووس بالاقتصاد" في السياسة. تعرض جوردون براون ذات مرة للسخرية بصفته وزير مالية في حكومة الظل، لذكره في خطاب له "نظرية النمو الذاتي لما بعد الحركة الكلاسيكية الحديثة". ولكي نكون منصفين تجاه تراس، فإنها تدرك على الأقل أن الناس بحاجة إلى بعض المساعدة لفهم سبب أهمية النمو. أوضحت في خطابها أن النمو يعني أجورا أعلى، ومزيدا من الوظائف، ومزيدا من الأموال لتمويل الخدمات العامة، وما إلى ذلك. لكن إذا كان عليك استخدام سبع جمل لشرح ما يعنيه شعارك، فربما لم يكن ذلك الخيار الأفضل في المقام الأول.
هذا لا يعني أن الجمهور جاهل بالاقتصاد أو غير مكترث به. وجدت الدراسة "جيوبا من الخبرة الاقتصادية العامة" كان الناس فيها على دراية جيدة، في الأغلب في المجالات التي شعروا أنها أكثر صلة بحياتهم اليومية. كانت أسعار الفائدة أحد المقاييس التي فهمها الناس وتابعوها عن كثب، وهذا ليس مفاجئا نظرا إلى تأثيرها في معدلات الرهن العقاري والائتمان الاستهلاكي. قال أحد المشاركين في مجموعة التركيز: "نعيش حسب سعر الفائدة. إذا ارتفع سعر الفائدة، جودة حياتك ستنخفض". كذلك فهم الناس التضخم جيدا، وفي الأغلب ما ربطوا بشكل عفوي ما إذا كان قد تجاوز نمو الأجور أم لا. وعندما سئلوا كيف يحكمون على ما إذا كان الاقتصاد يسير على ما يرام، مال الناس إلى ذكر أسعار الفائدة، وتوافر الوظائف اللائقة، والشوارع التجارية، وتكلفة المعيشة، وجودة الخدمات العامة.
يقودنا هذا إلى المشكلة الثانية التي تواجه تراس. بينما عملت هي ووزير ماليتها المقال، كواسي كوارتنج، لحماية الأسر من فواتير الطاقة المرتفعة، أثرت ردود فعل السوق في تخفيضاتهما الضريبية غير الممولة على أشياء مثل معدلات الرهن العقاري التي تهم الناس حقا. في سعيها إلى تحقيق هدف لا يفهمه الناس ولا يهتمون به، أدت الميزانية "المصغرة" إلى تدهور في أجزاء الاقتصاد التي يفهمها الناس ويهتمون بها.
هذه ليست مجرد سياسة سيئة. بل اقتصادات سيئة أيضا. أنا لست في "التحالف المناهض للنمو". بالطبع سيكون النمو الاقتصادي الأسرع أمرا جيدا. لكن ليس من المفيد الشروع في محاولة لتعزيز الاقتصاد بصدمة تجعل الناس يشعرون بأنهم أفقر وأكثر قلقا. يعد كثيرون بالفعل أن الاقتصاد شيء خارجي وخطير ولا يمكن التنبؤ به. في الدراسة المذكورة، تحدث أفراد من الجمهور عن ذلك على أنه تهديد "معلق فوقنا باستمرار"، وقال آخرون: إنهم تلقوا "ضربة" أو "صفعة على الوجه" جراء ذلك.
تنجح لغة "التعطيل" بشكل جيد في عالم الشركات الناشئة. لكنها غير ناجحة في عالم الاقتصاد، الذي هو في الواقع مجرد عالم حياة الناس الحقيقية. لم تكن هناك خيارات سهلة أمام تراس وكوارتنج، لكن تداعيات ميزانيتهما "المصغرة" جعلت مهمتهما أكثر صعوبة.
إذا كان الاقتصاد البريطاني سينمو بشكل أسرع، فسيحتاج الناس إلى أن يكونوا أكثر استعدادا للاستثمار، وإطلاق الشركات، والتدرب على شيء جديد، واتخاذ خطوة سعيا وراء فرصة. لا يريد الناس أن يتم إزعاجهم. إنهم يقدمون على المخاطر عندما لا يشعرون بالخوف.