السودان: ألف سبب للطلاق


تحتشد مواقع التواصل الاجتماعي، يومياً، بمئات الاستشارات عن الطلاق، فيما سجلت السلطات القضائية خلال الفترة من 2016 إلى 2020م، عدد 270.876 حالة طلاق، منها 48.351 في العام 2016، و 55.478 حالة في 2017، و 59.339 حالة في 2018م، و60.202 في العام 2019م، و47.506 في العام 2020م.

التغيير: سارة تاج السر

تشير آخر الإحصاءات إلى وقوع 70 ألف حالة طلاق خلال العام 2021م، وحازت ولاية الخرطوم على المرتبة الأولى بـ93.119 حالة، والقضارف 21.280 حالة، تلتها النيل الأبيض 18.789 حالة، ثم الجزيرة 17.508 حالة، فيما وصلت الحالات بنهر النيل إلى 15.951 حالة، وشمال كردفان لـ 13.675 حالة، ثم غرب كردفان 11.316 حالة، وبلغت في النيل الأزرق 10.300 حالة، و 8.499 حالة بشمال دارفور، أما البحر الأحمر فسجلت 7.297 حالة، ووصلت في سنار إلى 6.568 حالة، مقابل 6.344 حالة بجنوب دارفور، شرق دارفور 5.148 حالة، جنوب كردفان 5.557 حالة، ووسط دارفور 1.491 حالة.

بيوم (السماية)

عقب تخرجها من الجامعة بشهور قليلة اختارت (أ) الزواج بارتباط تقليدي من جارها المغترب في المملكة العربية السعودية، إلا أنه لم ينقضي العام، ووجدت نفسها تحمل لقب مطلقة، فبعد إنجاب ابنها الوحيد، تشاجر الزوجان بالهاتف بشان إجراءات العقيقة (السماية) وهي الذبيحة التي تذبح للمولود في اليوم السابع من ولادته، وأثناء النقاش تفاجأت (أ) برمي يمين الطلاق عليها وإغلاق سماعة الهاتف، وبعدها بدأت سلسلة من الخلافات حول الحضانة والمساومة على النفقة لتضطر للجوء إلى المحكمة التي قضت بدفع مبلغ زهيد، فاضطرت للعمل بشهادتها الجامعية كأستاذة في احدي المدارس الخاصة، للإنفاق على صغيرها.

ورغم محاولات طليقها الرجوع إليها مرة أخرى طوال 17 سنة الماضية، إلا أن (أ) أوصدت كل الأبواب أمامه.

وقالت في حديثها لـ(التغيير): “مبسوطة بحياتي وبأبني الذي يتأهب لدخول الجامعة.

وأضافت :رغم أن الطلاق من أقسى التجارب إلا أنه ليس نهاية العالم.

وأرجع مختصون نفسيين واجتماعيين ورجال دين ، الازدياد الملحوظ في معدلات الطلاق إلى عدة عوامل أبرزها الوضع الاقتصادي الضاغط إلى جانب عوامل أخرى من بينها منصات ووسائل التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا)، إلا أنهم اتفقوا على ان الظاهرة تمثل مؤشر خطير على قوام الأسرة وتقود إلى آثار نفسية واجتماعية خطيرة خاصة على الأبناء.

الوضع الاقتصادي الضاغط ووسائل التواصل على رأس المتهمين بزيادة نسب الطلاق

أسباب

اعتبرت الباحثة الاجتماعية حنان الجاك، أن الإحصاءات التي تعلن من وقت لآخر، هي مجرد قراءات تقديرية وعزت ارتفاع نسب الطلاق لعدم الاستقرار على المستويين السياسي والاقتصادي في البلاد إلى جانب عدم التوافق النفسي، والاجتماعي بين الازواج.

وقالت لـ(التغيير): “إذا نظرنا إلى معدلات الطلاق فنجدها تتركز في الفئة العمرية من العقد الثاني إلى الثالث، بسبب غياب الوعي بمفاهيم مؤسسة الزواج، واختلال الموازين الحياتية لعدم قيام الزوج بمسئولياته التامة .

العلاقات المحرمة سواء من طرف الزوج أو الزوجة من القضايا الحساسة والمسكوت عنها حسب حنان، كذلك تدخل الأسر الممتدة وفرض سطوة الأب والأشقاء والأم والأخوات وانتهاكهم لحقوق المؤسسة الزوجية.

وتابعت لقائمة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق: “العجز الجنسي والعنف الأسري، والتجريح اللفظي، وغياب التجديد والحيوية مما يحدث ترهلاً واضمحلالاً في العلاقة ويصبح الطريق معبداً للانفصال.

ونبهت إلى نقطة أخرى، متعلقة بالاغتراب وتأثيره السالب في خلق مساحة من الإهمال وبرود العاطفة حيث يفضل الكثير من الأزواج الهروب، وتحميل المسؤولية للزوجة.

واعتبرت حنان أن المرأة قي الغالب تفكر في الانفصال ويذهب الرجل إلى الأدوار التي يجيدونها في الخيانة التي وصفتها بحاضنته الأساسية (حد قولها).

وشددت على أن هيكلية الأسرة تحتاج إلى أساس متين مهما عصفت بها الظروف، وإلا فستتحول مؤسسة الزواج إلى حقد وكراهية إن لم نعالج الواقع الاجتماعي.

حنان الجاك: سوء علاقة الشريكين يدفع المرأة عادة للطلاق فيما قد يلجأ الرجل للخيانة

طلاق عدائي

قال استشاري الطب النفسي والعصبي، دكتور علي بلدو، إن معظم حالات الطلاق في السودان تتم بصورة غير ودية وتتبعها إجراءات في المحاكم كالنفقة والبنوة والضرر .

وأضاف في حديثه لـ(التغيير) بأن التزايد المضطرد بواقع 7 حالات في الساعة نذير ومؤشر خطير للأسرة السودانية ويقود إلى آثار نفسية واجتماعية خطيرة على الأبناء والشريكين.

وتابع: محاولة إشراك الأبناء في المشاكل وجذبهم تجاه أحد الطرفين يؤدي إلى تعقيدات كثيرة وشعور الأبناء بالاهتزاز وعدم الثقة وتنازع المشاعر، واضطراب العواطف، فضلا عن حدوث نوع من عدم التوازن النفسي، والتنقل في المنازل وعدم الاستقرار وضعف المردود الأكاديمي ونقص المناعة.

خلع وفدية واحتفالات

وأكد بلدو أنه في الآونة الأخيرة، أصبح الطلاق أمنية كثير من السيدات في السودان ومحاولة الحصول عليه بالخلع والفدية.

وواصل: الأمر وصل درجة الاحتفال بالانفصال للتخلص من قهر الأزواج مما اعتبره نقلة نوعية.

محذراً من أن يقود ذلك إلى تضعضع الأسرة وتشكيل خطر على بناءها مما يستدعي عمل نوع من المعالجات المختلفة كالتوسع في إنشاء مراكز الإرشاد الأسري، والدعم النفسي والاجتماعي وتفعيل مراكز البحث والفحص قبل الزواج وإنشاء مراكز الإنذار المبكر للخلافات الزوجية أو التوصل للطلاق المثالي بصورة ودية، تحفظ كرامة وإنسانية وحقوق الأبناء وتحافظ على الأسرة.

د. علي بلدو: الطلاق بات أمنية كثير من السيدات السودانيات

شبكات التواصل

ارجع مجمع الفقه الإسلامي، تنامي الطلاق إلى الأجهزة الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل رئيس، وقال إنها أصبحت سببا رئيسا في كثير من حالات الطلاق بالبلاد التي قد تحث لمجرد صورة أو رسالة يجدها أحد الزوجين في جوال الآخر.

ووضع المجمع في قائمة الأسباب –كذلك- الاختيارات الخاطئة والانبهار والاستعجال، أو الإغراء بالمال، والاغتراب.

وكشف دكتور حاتم إدريس في ورقته عن أسباب الطلاق، في ورشة نظمها المجمع العام الماضي، عن أثر الضغوط النفسية في وقوع الطلاق التي نظمتها دائرة الأسرة والمجتمع، عن زيادة الطلاق بنسبة 40%، وذكر بان بعض الدراسات أكدت أن الضغوط النفسية تسبب 4% من حالات الطلاق.

تاريخ الخبر: 2022-10-16 18:23:24
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. المغرب والـ “إيسيسكو” يوقعان على ملحق تعديل اتفاق المقر

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:25:06
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية