الألحان القبطية.. حَفِظَتْ موسيقانا الفرعونية (١)


عزيزي القارئ بعد أن استعرضت معك على مدى 40 مقال موضوع موسيقية الألحان القبطية، أريد أن أبدأ معك سلسلة جديدة من المقالات بعنوان ” الألــحـان الــقـبـطــيـة حَفِظَتْ موسيقانا الفرعونية، وهذاهو المقال الأول في هذه السلسلة الشيقة. إذ وجدت من خلال محاضراتي وندواتي على مدى سنين طويلة، إن هذا الموضوع يشغل فكر الكثيرين من الأقباط وغيرهم.

تقديم:

الألحان القبطية هي هذا التراث والميراث الموسيقي الذي حفظته الكنيسة في حضنها، فحفظت معه الحضارة الموسيقية لشعب بأكمله. فبالرغم من أن الفراعنة حفظوا لنا حضارتهم وتاريخهم وفنونهم في صورة منقوشات ومنحوتات وتماثيل ومسلات ومعابد، إلا أن الموسيقى التي كانوا يُسبحون بها آلهتهم في هذه المعابد لم يحفظوها لنا مسجلةً أو مدونةً، إذ لم يكن علم التدوين الموسيقى قد أُكتُشِفَ بعد. فقد كان التدوين الموسيقي حتى نهاية القرن الحادي عشر مجرد محاولات، عندما إبتكر “فرانكو الكولوني”-من مدينة كولونيا بألمانيا- علامات جديدة ذات أشكال مختلفة، ثم جاء “فيليب دي فيتري” في القرن الرابع عشر فأضاف إليها علامات أخرى وظل شكل العلامات يتحسن ويتبدل إلى أن أخذت أشكالها وأسمائها الحالية، فأصبحت قادرة على تسجيل جميع تفاصيل المقطوعة الموسيقية ومواضع التنفس وألوان وظلال الأداء والتعبير. لذلك فبدون الألحان القبطية لم يكن ممكناً للعالم أن يتعرف على موسيقى الفراعنة.

أهمية العبادة باللحن:

موسى النبي “رئيس الأنبياء” هكذا تلقبه الكنيسة، هو الذي أسس مفهوم العبادة باللحن، فهو رجلٌ موسيقي من الدرجة الأولى. وهو الموسيقار الوحيد في العالم الذي ألف لحناً ردده شعب بني إسرائيل . وقد درس موسى النبي الموسيقى بعمق في بلاط فرعون. وهو موسيقي له أذن غاية في الحساسية. فعندما سَمِعَ يَشُوعُ صَوْتَ الشَّعْبِ فِي هُتَافِهِ فَقَالَ لِمُوسَى: “صَوْتُ قِتَال فِي الْمَحَلَّة.” فَقَالَ موسى النبي: “لَيْسَ صَوْتَ صِيَاحِ النُّصْرَةِ وَلاَ صَوْتَ صِيَاحِ الْكَسْرَةِ، بَلْ صَوْتَ غِنَاءٍ أَنَا سَامِعٌ. وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ، فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى، وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَل”.(سفر الخروج لموسى النبي الأصحاح 32 آية 17).

فقد استطاع من بعيد أن يميز صوت الغناء والرقص الذي لم يستطع يشوع أن يميزه. وهذا أمر طبيعي، “فلقد تربى “موسى النبى” على هذا النحو فى بلاط فرعون مصر ، ثم تعلم القراءة فى سن العاشرة، وبعد ذلك تعلم الحساب والهندسة والموسيقى بكافة أشكالها، وتشتمل على الموسيقى الهارمونية والإيقاعية والصوتية وموسيقى الشعر (البحور والأوزان)، ثم درس الطب، وبعد أن تلقى كل العلوم المدنية والعسكرية تلقى على يد أكثر أساتذة مصر شهرة ، دراسة العلوم الفلسفية واللاهوت”.

وموسى النبي رئيس الأنبياء هو الذي أسس مفهوم الشكر في التسبيح، والكنيسة القبطية حتى يومنا هذا تبدأ جميع ليتورجياتها وطقوسها بصلاة الشكر ” Maren2ep`hmot `ntot4 ” أي “فلنشكر صانع الخيرات” وذلك بعد أن إستلهمت من الكتاب المقدس تسبحة الشكر التي ألفها موسى النبي تأليفاً إرتجالياً فورياً، ورنمها خلفه كل شعب بني إسرائيل.

والسيد المسيح عندما كان يجتمع مع تلاميذه الأطهار كان يغرس فيهم هذا المبدأ الهام، أن تكون العبادة باللحن. والمعروف بحسب التقليد أن الرب كان يُتقن جداً حفظ المزامير، والمعتقد أنه هو الذي كان يتلو المزمور والتلاميذ يجاوبون “هلليلويا”.

والعبادة باللحن في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية معروفة من أيام مارمرقس الرسول، الذي أنشأ مدرسة لاهوتية مسيحية في الإسكندرية وعين لرئاستها العلامة يسطس. وقد كانت هذه المدرسة تقوم بالتعليم عن طريق السؤال والجواب Catechismوكانت تدرس فيها إلى جوار العلوم الدينية الفلسفة والمنطق والطب والهندسة والموسيقى. وإشتهرت مدرسة الإسكندرية جدا حتى كان يستمع إلى محاضراتها “أمونيوس السقاص” زعيم فلاسفة الوثنيين. وقد تخرج من هذه المدرسة القديس إغريغوريوس العجائبي، ومن أشهر فلاسفتها الفيلسوف “أثيناغوراس والقديس بنتينوس والقديس أكليمندص الإسكندري، وأُختير من مديروها وأساتذتها وخريجوها الكثيرونللكرسي المرقسي، مثل القديس يسطس (السادس) وأومانيوس (السابع) ومركيانوس (الثامن) والبابا بطرس خاتم الشهداء (17) والبابا أثناسيوس (20).

عزيزي القارئ، أتمنى أن أكون قد استطعت أن ألقى ببعضً من الضوء على أهمية العبادة باللحن منذ قديم الزمان، وإلى اللقاء في مقال جديد نستكمل فيه هذا الحديث الهام، فإلى أن نلتقي لك مني كل محبة وسلام.

تاريخ الخبر: 2022-10-18 09:22:07
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية