يكثف عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، لقاءاته بالأطراف السياسية الفاعلة هناك، من خلال زيارات استكشافية؛ بغية التعرف على آرائهم ومقترحاتهم بشأن ما يمكن البناء عليه لتجاوز عقبات الانقسام الحكومي، والجمود الذي يحول دون التوافق على الإجراءات اللازمة للتوجه نحو الاستحقاق الانتخابي المنتظر.
ووصل باتيلي، إلى العاصمة طرابلس، عصر الجمعة الماضي، والتقى بعد يومين عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، كما زار المجلس الرئاسي، واجتمع برئيسه محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، كما التقى مساء أمس، رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح بمدينة القبة (شرقي ليبيا).
وباتيلي، الذي يحرص حتى الآن على ارتداء الزي التقليدي في دولته السنغال، وعد فور وصوله طرابلس، بأنه «سيتواصل مع جميع المكونات الليبية، بما في ذلك النساء والشباب، بجميع أنحاء البلاد للاستماع إلى آرائهم حول إعادة السلام والاستقرار إلى ليبيا»، مشدداً على أن «حل الأزمة الليبية يجب أن يأتي من الليبيين أنفسهم».
ويرهن سياسيون ومحللون نجاح مهمة باتيلي، بما يمكن أن يحدثه من اختراق في ملف الانقسام الحكومي في ليبيا، الذي يعتبرونه أولى العقبات أمامه؛ إذ يرون أن عليه إيجاد مخرج للانقسام السياسي بالبلاد، أولاً، بجانب المساعي الجارية لإعادة الحوار بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لبحث ما يتعلق بـ«المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية.
ويرى دانييلي روفينيتي، المحلل السياسي الإيطالي، وفقاً لما نقلته عنه وسائل إعلام محلية وعربية، أن المبعوث الأممي، «ستواجهه مهمة صعبة للغاية تتمثل في الانقسام الحكومي، وبالتالي يجب عليه أن يجد حلاً بالعمل على الاتفاق على حكومة موحدة، لصعوبة تنظيم الانتخابات في ظل وجود حكومتين».
ويرى سياسيون، أن باتيلي، عليه البحث عن مسار جديد تتوافق عليه الأطراف السياسية مجتمعة، وأن يجد حلاً للعقبات التي اكتنفت الحوارات التي رعتها البعثة بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» خلال الأشهر الماضية.
ولم يستبعد متابعون للشأن الليبي، إمكانية تعثر المفاوضات إذا ما ظلت النقاط الخلافية في الدستور بين المجلسين على حالها دون توافق أو تنازل أحدهما للآخر.
واستقبل رئيس مجلس النواب، المبعوث الأممي مساء أمس، في مدينة القبة حيث ناقشا «خيارات معالجة الوضع السياسي بالبلاد» في أول اجتماع بينهما، وأكد باتيلي على أهمية إرساء مسار توافقي للسلام والاستقرار بقيادة ليبية.
والمبعوث الأممي، الذي حرص على زيارة الجزائر قبل قدومه إلى طرابلس، قال، إن الأولوية لديه «هي تحديد مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة بالاستناد إلى إطار دستوري متين، حيث إن استعادة العملية الانتخابية كفيل بتعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار وتجديد شرعية المؤسسات في البلاد».
وأكد، أن الأمم المتحدة «ستظل ملتزمة بدعمها لليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة؛ إذ لا بد من احترام إرادة الملايين من الليبيين ممن تسجلوا للتصويت».
وتعاني ليبيا من الانقسام بين حكومتي «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومقرها طرابلس، و«الاستقرار» بقيادة فتحي باشاغا، وتعمل من مدينتي سرت وبنغازي؛ ما يعظّم من المعضلات التي يجب على المبعوث الأممي التعاطي معها وحلها.
وحظي باتيلي، بدعم دولي ومحلي كبيرين، لدفعه إلى تجاوزت عثرات أسلافه المبعوثين السابقين، في إنهاء الخلافات الليبية، والوصول بالبلاد إلى إجراء الانتخابات، وهو ما أكدت عليه نائبة مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لشؤون الشرق الأوسط، ميغان دوهرتي، في لقائها بعماد السائح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بالتأكيد على إجراء الاستحقاق بمصداقية وشفافة على أساس المعايير الدولية.
وأكدت دوهرتي، عبر حسابها على «تويتر»، «التزام بلادها بدعم التنمية الديمقراطية في ليبيا»، وهو الهدف الذي يبتغيه جُل السياسيين والمواطنين في البلاد.
