أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، بفرض الأحكام العرفية في أربع مناطق أوكرانية، دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا التي ضمتها موسكو في سبتمبر/أيلول.

وأعلن بوتين هذا الإجراء خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي بُث على التلفزيون.

وأصدر الكرملين بعد ذلك مرسوماً يعلن فيه دخول الأحكام العرفية حيز التنفيذ في هذه المناطق اعتباراً من منتصف ليل الخميس.

وجاء إعلان بوتين فيما تحرز القوات الأوكرانية تقدماً في المناطق التي تسيطر عليها موسكو منذ أشهر.

وقال بوتين: "نظام كييف رفض الاعتراف بإرادة الشعب، ورفض أي مقترحات للتفاوض، إطلاق النار مستمر والمدنيون يموتون". واتهم أوكرانيا باستخدام "أساليب إرهابية".

وأوضح "إنهم يرسلون مجموعات تخريبية إلى أراضينا" قائلاً إن موسكو أحبطت هجمات أخرى بعد استهداف جسر القرم "بما في ذلك منشآتنا للطاقة النووية".

وبموجب القانون الروسي، تسمح الأحكام العرفية بتعزيز وجود الجيش وفرض حظر تجول ورقابة والحد من التحركات وتدريب مواطنين أجانب.

وأضاف بوتين: "نحن نعمل على حل المهمات المعقّدة جداً واسعة النطاق لضمان الأمن وحماية مستقبل روسيا".

إخلاء خيرسون

قال مسؤولان عينتهما روسيا في مدينة خيرسون الأوكرانية اليوم الأربعاء إنه يجري الاستعداد للدفاع عنها ضد هجوم أوكراني وشيك، وحثا المدنيين على الفرار في أسرع وقت ممكن.

وقال فلاديمير سالدو حاكم المنطقة الذي عينته روسيا في مقابلة تلفزيونية "لا يوجد أحد مستعد لتسليم خيرسون، لكن لا ينبغي أن يبقى السكان في مدينة ستشهد عمليات عسكرية".

وأضاف سالدو "نتوقع هجوماً، ولا يخفي الجانب الأوكراني ذلك".

كما قال نائبه كيريل ستريموسوف إن الهجوم الأوكراني وشيك. وتابع قائلاً في منشور في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء على تليغرام "أطلب منكم أن تأخذوا حديثي على محمل الجد وتنفذوه.. أسرع إخلاء ممكن".

وفي حال نجحت أوكرانيا في استعادة المدينة، فإنها ستكون هزيمة كبيرة جديدة للرئيس بوتين وجيشه وستختبر التزامه المعلن بالدفاع عما يزعم أنها أراض روسية بكل الوسائل المتاحة ومنها الأسلحة النووية.

واضطرت القوات الروسية في خيرسون إلى التقهقر لمسافة تتراوح بين 20 و30 كيلومتراً على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وقد يعني ذلك أنها مهددة بأن تصبح عالقة على الضفة اليمنى أو الغربية لنهر دنيبرو.

وقال سالدو للتلفزيون الروسي "في الوقت الحالي لدينا إمكانيات كافية لصد الهجمات وبدء هجوم مضاد، إذا تطلب الوضع التكتيكي ذلك. ستصمد المدينة، نحن ببساطة بحاجة إلى حماية السكان المسالمين. الجنود يعرفون ما يتعين عليهم فعله، سيصمدون حتى الموت".

وقال إن أكثر من خمسة آلاف شخص رحلوا بالفعل في اليومين الماضيين، وسيجري إخراج ما يقدر بنحو عشرة آلاف شخص يومياً خلال الأيام الستة المقبلة.

واستهدفت القوات الأوكرانية جسوراً عبر النهر لتعطيل خطوط الإمداد، لذلك تجري عمليات الإجلاء بالعبّارات، وفق ما قال مسؤولون روس.

وأدلى القائد الجديد للقوات الروسية في أوكرانيا أمس الثلاثاء باعتراف نادر بالضغوط التي يتعرضون لها من الهجمات الأوكرانية لاستعادة المناطق الجنوبية والشرقية، التي أعلنت موسكو ضمها قبل أسابيع فقط.

وفي إشارة إلى خيرسون، قال الجنرال سيرجي سوروفيكين "الوضع في هذه المنطقة صعب، فالعدو يقصف عمداً البنية التحتية والمباني السكنية".

خط فاغنر

أما في لوغانسك، فقد بدأت مجموعة فاغنر شبه العسكرية ببناء خط دفاعي محصن، حسب ما أعلن مؤسسها يفغيني بريغوجين الأربعاء.

وقال رجل الأعمال المقرب من الكرملين على حسابات شركته "كونكورد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي "يجري بناء مجمع من التحصينات على خط التماس، يطلق عليه اسم خط فاغنر".

وأشار إلى أنه "دفاع متعدد الطوابق" دون أن يكشف عن طول وموقع هذا الخط أو المدة التي ستستغرقها عملية البناء.

وأوضح بريغوجين، أن الخط الدفاعي لن يكون "بالضرورة" أمام الجيش الأوكراني، معتبراً "أن مجرد وجود وحدات فاغنر على خط المواجهة يشكل بالفعل جداراً منيعاً".

ويشتبه في أن هذه المجموعة شبه العسكرية تنفذ منذ سنوات مهمات سرية للكرملين على مسارح عمليات مختلفة الأمر الذي نفته موسكو على الدوام.

إسقاط صواريخ روسية

والأربعاء، شهدت أوكرانيا انفجارات في مناطق متفرقة من البلاد بينها العاصمة كييف، حسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

وذكرت وكالة "أوكرين فورم"، أن العاصمة كييف وعدة مناطق في البلاد، بما في ذلك فينيتسيا وخاركيف، شهدت انفجارات متفرقة.

وحذر حاكم كييف أوليكسي كوليبا، عبر تليغرام، سكان العاصمة من تجاهل الإنذارات قائلاً: "إلى سكان منطقة كييف، الإنذارات الجوية مستمرة، لا تتجاهلوها واحموا أنفسكم".

كما أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية "صواريخ روسية عدة" فوق كييف، على ما أعلن رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو.

وفي السياق ذاته، أعلن رئيس منطقة فينيتسيا سيرغي بورزوف، عبر تليغرام، أن منطقته تتعرض لإطلاق صواريخ، وحث الناس على البقاء في الملاجئ، وفق الوكالة.

وأمس الثلاثاء، قال الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي، إن الهجمات الروسية منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أسفرت عن تدمير 30% من محطات الطاقة الكهربائية، مبيناً أن ذلك أدى إلى انقطاع كبير بالتيار في عموم أوكرانيا.

تحذير من انقطاعات في الكهرباء

في غضون ذلك، سارعت أوكرانيا إلى إعادة بناء منشآت الطاقة المتضررة في كل أنحاء البلاد.

وصرح المسؤول الرئاسي كيريلو تيموشنكو للتلفزيون الأوكراني "الوضع خطير الآن في كل أنحاء البلاد لأن مناطقنا يعتمد على بعضها البعض" معتبراً أنه "من الضروري أن تستعد البلاد بأكملها لاحتمال انقطاع في الكهرباء والمياه والتدفئة".

مُسيّرات إيرانية تضرب كييف

كما قصفت طائرات مُسيّرة كييف الاثنين ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، في ما وصفته الرئاسة بأنه هجوم يائس للروس بعد سلسلة من الخسائر في ساحة المعركة.

وتتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو باستخدام طائرات مُسيّرة إيرانية الصنع لتنفيذ الضربات، وهي خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها دليل على فشل روسيا.

لكن الكرملين أكد الثلاثاء أن "لا معلومات لديه" حول استخدام الجيش الروسي طائرات مسيرة إيرانية الصنع في أوكرانيا.

وفي السياق ذاته، أكد سلاح الجو الأوكراني الأربعاء أنه دمر 223 طائرة مُسيّرة إيرانية الصنع منذ منتصف سبتمبر/أيلول فيما نفت طهران مراراً في الأيام الأخيرة تزويد روسيا أسلحةً وطائرات مُسيّرة لغزوها أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قالت ناطقة باسم الكتلة الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي يعمل على فرض عقوبات جديدة على إيران بعد جمع "أدلة كافية" تشير إلى أنه يزوّد روسيا طائرات مسيّرة فتاكة لاستخدامها في أوكرانيا.

من جانب آخر، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأربعاء إن إسرائيل لن ترسل أسلحة إلى أوكرانيا، وذلك بعد يومين من تحذير روسيا من أن أي تحرك إسرائيلي لدعم قوات كييف سيضر بشدة بالعلاقات الثنائية.

TRT عربي - وكالات