رفض التسوية.. تكتيك سياسي أم موقف مبدئي؟


تصر قوى الحرية والتغيير، على أن العملية السياسية الجارية، تنهض على إنهاء الانقلاب وتنفيذ كافة مطلوبات الشارع.

التغيير: علاء الدين موسى

ما تزال المواقف بشأن العملية السياسية المطروحة، تثير جدلاً في السودان، بين الفريق الذي يعتقد بأن الحل السياسي قادر على تنفيذ مطلوبات الشارع وتجنب انزلاق الأوضاع إلى ما هو أسوأ، وبين فريق يصر على أن التسوية الجارية تمد دلواً لالتقاط سلطة الانقلاب القابعة في غيابة جب الفشل.

ومع تمسك الحرية والتغيير في العملية السياسية بمبدأيِّ المسير في قضبان الشارع، والشفافية في كل ما تقدم عليه من خطوات،؛ فإن بوادر انشقاق بعض مكوناتها يقترب في الأفق، وذلك احتجاجاً على انفراد قيادات في التحالف بالقرار، والمضي في إنتاج التسوية بعيداً عن الرأي الجمعي.

ويأتي على رأس الرافضين للعملية الجارية، حزب البعث العربي الاشتراكي، والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (التيار الثوري الديموقراطي).

بيانات الرفض

ورفض حزب البعث السوداني والحركة الشعبية شمال التيار الثوري الديمقراطي، المفاوضات الجارية بين قوى الحرية والتغيير وقادة الانقلاب للوصول لاتفاق سياسي يعيد مظاهر الحكم المدني ولكنه يصب في ذات الوقت في خدمة العسكريين.

ودعت التيار الثوري، الجماهير لعدم الاهتمام بما اسمته “بالونات التسوية وفبركات الفلول”، والتي ذكرت بأنها “تهدف إلى إرباكهم.

وأكدت الحركة أنها ليست طرفاً في أي تسوية بعيداً عن الجماهير وقوى الثورة، مشيرة إلى أنها تسعى لوحدة قوى الحرية والتغيير وبناء جبهة مدنية قالت إنه بدونها “لن تكتمل مهام ثورة ديسمبر”.

مفاوضات مع العسكر

وعبر وساطات، انخرطت قوى الحرية والتغيير في مفاوضات غير رسمية مع قيادة المكون العسكري بعد اجتماع عقد الأسبوع قبل الماضي، ضم قائد الانقلاب والجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد الدعم السريع، ووفد لقوى الحرية والتغيير ممثل في الواثق البرير وبابكر وفيصل وطه عثمان.

وخلص الاجتماع الذي تم نتيجة لجهود من ممثلي المجتمع الدولي والآلية الثلاثية إلى الاتفاق على اعتماد مشروع الدستور الانتقالي المعد من نقابة المحاميين أساسا للتفاوض.

نص الاتّفاق

وينادي مشروع الدستور الانتقالي لنقابة المحامين بعدم مشاركة الجيش في السلطة وقصر دوره على مجلس الأمن والدفاع الوطني.

وكانت أنباء تحدثت عن أنّ الآلية الثلاثية لحل الأزمة السودانية، تسلّمت نص الاتّفاق بين المدنيين والعسكريين، وأن الخطوة جاءت بعد توافق شبه كامل.

وقالت الآلية الثلاثية المسهلة للحوار في السودان، في وقت سابق، إنها مستعدة، لتيسير مفاوضات عسكرية – مدنية بهدف التوصل إلى تسوية جامعة ومستدامة.

وتكثفت ضغوط المجتمع الدولي على قادة الجيش والحرية والتغيير، ليتوصلوا لتسوية سياسية قبل حلول الذكرى الأولى للانقلاب العسكري التي تبقت لها أقل من أسبوع.

وتضم الآلية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، والتي ظلت تعمل منذ الانقلاب على تقريب وجهات النظر وإيجاد تسوية سياسية للأزمة مقبولة لجميع الأطراف

اتفاق مشترك

ونفت قوى الحرية والتغيير في آخر بياناتها بشأن العملية السياسية، إعدادها أو مشاركتها أو حتى اطلاعها على أي اتفاق مشترك مع المكون العسكري.

وقالت إنها اطلعت على أنباء متواترة تفيد بالتوصل لمسودة اتفاق مشتركة بينها وبين المكون العسكري في السلطة الانقلابية وأنباء لاحقة تشير لقرب التوقيع على اتفاق مشترك في أي لحظة اعتباراً من اليوم “بحسب البيان”.

وجددت القوى التزامها للشعب السوداني والقوى المقاومة للانقلاب بتمسكها بتحقيق تطلعات الشعب السوداني المشروعة في إنهاء وهزيمة الانقلاب واستعادة الانتقال الديمقراطي وتأسيس مؤسسات حكم دستورية مدنية.

رفض الاتفاق

أكد الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي المهندس عادل خلف الله، رفضهم لأي اتفاق مع قادة الانقلاب يحفظ مصالح القوى الانقلابية التي توشك على السقوط.

وقال خلف الله لـ(التغيير) إن التسوية مشروع لإنقاذ السلطة الانقلابية من السقوط”.

وأضاف: لا يمكن التصالح مع الانقلابيين ويجب إسقاط حكمهم وإحداث التحول الديموقراطي وإجراء الانتخابات”.

وتابع: “إصرار البعض على التصالح من الانقلابيين سيقودهم إلى مصير الذين تحالفوا مع دكتاتورية مايو في 1978 ومن تصالحوا وشاركوا الإنقاذ”.

ووصف التسوية التي يجري الآن بالطبخة التي لا تختلف كثيراً عن ما حدث في 21 نوفمبر 2020م، بمعارف باتفاق البرهان وحمدوك.

ووقع البرهان، في 21 نوفمبر الماضي، اتفاقا سياسيا مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك؛ بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد، ولكنه وجد رفضاً واسعاً من القوى السياسية والثورية التي تقود الاحتجاجات.

ودعا خلف الله إسقاط التسوية “عبر أوسع جبهة شعبية، وعبر الوسائل السلمية”.

مناورة سياسية

ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي اللواء متقاعد أمين إسماعيل مجذوب، إن التسوية مع المكون العسكري مناورة سياسية قامت بعض الأحزاب داخل الحرية والتغيير المجلس المركزي.

وأضاف: “هذه الأحزاب متوافقة بشأن الأهداف المشتركة وفي مقدمتها العودة إلى السلطة الانتقالية.

وتابع: “الرفض من أجل الضغط على المكون العسكري لأن هنالك بعض المكونات لا ترغب في التفاوض معه”.

وقال مجذوب لـ(التغيير)، إن اللاءات الثلاث (لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية) تخص لجان المقاومة ولا علاقة للأحزاب بها.

ونفى مجذوب وجود آصرة بين موقف حزب البعث، ورأيه في قضايا كالتعامل مع البنك الدولي والتطبيع مع إسرائيل، كون هذه القضايا يتم حسمها عبر الحكومة المنتخبة.

باقون بالتحالف

شدد الناطق باسم حزب البعث على عدم انسحابهم مم قوى الحرية والتغيير، مؤكدا أنهم سيعملون على إسقاط الانقلاب من داخل التحالف.

وقال: “لن ننسحب من الحرية والتغيير وسنحافظ على وحدتها بإرادة الجماهير لنسقط أسوأ انقلاب في تاريخ السودان”.

وحول الحديث عن بعض الضغوطات التي مورست على حزب البعث لإخراجه من تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي، يرد خلف الله بأن حزب البعث ليس بالهين حتى يفكر البعض في إبعاده من التحالف.

وأكد أن التباينات هي أساس العمل السياسي، وحزب البعث لم ولن يتخلي تصوراته والأيدلوجية التي تحركه.

إبعاد البعث

وسرت أنباء عن وجود اتجاه لإبعاد حزب البعث من تحالف الحرية والتغيير بعد تمسكه بموقفه الأيدلوجي الرافض للعملية السياسية الجارية، علاوة على ممانعته لسياسات صندوق النقد والبنك الدولي، والتطبيع مع إسرائيل.

ووصف خلف قضية التطبيع مع العدو الصهيوني بأنها قضية سودانية بامتياز.

وقال: “إنها لم تعد قضية خارج نطاق السودان لا سيما بعد انكشاف الدور الصهيوني في فصل الشمال عن الجنوب ومخططاته الرامية لمزيد من إضعاف وتفكيك البلاد”.

وتابع: “العدو الصهيوني أكبر مهدد لوحدة واستقرار السودان وأكبر مهدد للانتقال السلمي الديموقراطي”.

وأردف: “البرهان ومن معه من الانقلابيين استقووا بالعدو الصهيوني في تنفيذ انقلابهم المبيت في 25 أكتوبر الماضي، وبالتالي من يحاول فصل الموقف من العدو الصهيوني والموقف من الوحدة الوطنية ومن السياسية وتحقيق التحول الديمقراطي يعبر عن قصور في الوعي وفهم سطحي لمطلوبات الحفاظ على الوحدة والاستقرار والتقدم والانتقال الديموقراطي”.

 مواقف شخصية

يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية عبد الرحمن أبو خريس أن أحزاب الحرية والتغيير لديها رؤى متباينة منذ تكوين التحالف، عجزت معها عن توحيد وجهات النظر طوال الفترة الماضية.

وأوضح عبد الرحمن أن هنالك أحزاب داخل القوى لديها توجهات أيدلوجية لكنها لم تخرج من قوى الحرية والتغيير أيام التطبيع وسياسة التحرير الاقتصادي.

وتابع في حديثه مع (التغيير) بأن عدم اتفاق حزب البعث والحركة الشعبية شمال التيار الثوري الديموقراطي، تعد مواقف شخصية ليست ذات تأثير باعتبار أن هذه التنظيمات ليس لديها الثقل المجتمعي الكبير.

وواصل أبو خريس: “إذا حصل انشقاق لن يكون ذو تأثير كبير على تحالف قوى التغيير خاصة وأن الحركة الشعبية التيار الثوري ما زالت في طور التكوين”.

مؤكداً أن رفض هؤلاء للتسوية يجئ خوفاً من محاسبة الشارع ولحفظ ماء الوجه في حال فشل التوافق مع المكون العسكري.

تاريخ الخبر: 2022-10-22 18:23:08
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

أمير المدينة يرعى ملتقى التوجيه المهني السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:26:00
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

ألمانيا تشجع كييف لصد هجوم روسي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:25:57
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

خط الأسمري يجذب زوار مربة عسير السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:26:01
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

قصة تحد وتفوق تكرم بدرجة الدكتوراه السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:26:03
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

تهيئة المساجد التاريخية لاستقبال ضيوف الرحمن السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:25:59
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

تساؤلات جديدة حول تعامل ماكرون في كاليدونيا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-21 21:25:58
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية