في ذكراه الأولى.. حانت لحظة إسقاط الانقلاب


في ذكراه الأولى.. حانت لحظة إسقاط الانقلاب

تاج السر عثمان بابو

1

تتأهب قوى الثورة لأوسع خروج جماهيري في الشوارع التي لا تخون بمناسبة مرور عام على انقلاب 25 أكتوبر الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية.

وتزامن مع الذكرى الأولى للانقلاب التطهير العرقي والإبادة الجماعية الجارية في كردفان وجنوب النيل الأزرق مما خلف أوضاعاً إنسانيةً كارثيةً، في النيل الأزرق خلف 200 قتيل، وأكثر من 120 جريح و3 آلاف نازح، فقد حانت لحظة إسقاط الانقلاب في ذكراه الأولى الذي أصبحت الحياة لا تطاق تحت ظله.

كما تزامن مع الذكرى الأولى للانقلاب مليونية 21 أكتوبر الأخضر الهادرة تحت شعار لا للتسوية وإسقاط الانقلاب، ولا شراكة ولا تفاوض ولا مساومة، رغم تعرضها لقمع وحشي بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والدهس بعربات الشرطة والغاز المسيل للدموع، مما أدى لإصابة أكثر من (13) ثائر، إضافة لحملة الاعتقالات، إضافة للاتجاه لقيام أوسع تحالف ثوري قاعدي تحضيراً للإضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب المتهالك الذي فشل لعام من تكوين حكومة، وفشل القمع الوحشي في وقف المقاومة الجماهيرية المتصاعدة.

2

جاء انقلاب 25 أكتوبر امتداداً لانقلاب 11 أبريل 2019، وانقلاب مجزرة القيادة العامة بهدف قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر التي ظلت جذوتها متقدة رغم القمع الوحشي والمجازر التي ارتكبها المجلس العسكري أو اللجنة الأمنية للنظام البائد.

كما وقع الانقلاب بعد ثورة ديسمبر التي لم تكن حدثاً عفوياً، بل كانت تحولاً نوعياً لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الإنقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاماً التي عبرت عنها الهبات والإضرابات والمظاهرات، والاعتصامات التي واجهها النظام بإطلاق الرصاص الحي مما أدى إلى مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام، والآلاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات، والشهداء في حروب الإبادة في الجنوب حتى تم انفصاله، وفي جرائم الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لاستكمال مهام الثورة، ولعبت قوى المعارضة السياسية ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والشباب دوراً كبيراً في ثورة ديسمبر كما في ثورات 1924 واستقلال السودان 1956، وثورة اكتوبر، وانتفاضة مارس– أبريل 1985 التي لعب فيها الشباب دوراً كبيراً، كما لعبت لجان المقاومة دوراً مهماً في حماية الثورة واستمراراها.

3

بعد أن قطعت اللجنة الأمنية للنظام البائد الطريق أمام الثورة، كان من المفترض مواصلة الثورة حتى إسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي كما حدث بعد ثورة أكنوبر 1964، ولكن استمرت أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق، والأقوال التي لا تتبعها أفعال، كما في التراجع عن وثيقة “إعلان الحرية والتغيير يناير 2019” من قبل قوى “الهبوط الناعم في (ق. ح. ت) والتوقيع على “الوثيقة الدستورية” المعيبة مع اللجنة الأمنية، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها، وتم خرقها، وزاد الخرق اتساعاً بالتوقيع على اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما هدد وحدة البلاد كما حدث في الشرق حالياً وتعلو بنوده على الوثيقة الدستورية، واستمرت الأكاذيب والمراوغة كما في الأمثلة التالية:

– بعد تسنمه رئاسة الوزارة في 21 أغسطس 2019، أعلن رئيس الوزراء حمدوك في مؤتمر صحفي أنه مع تحقيق شعار حرية– سلام– وعدالة، ووقف الحرب وتحقيق السلام المستدام، إصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة، وحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بناء اقتصاد قائم علي الإنتاج وليس علي الهبات، معالجة التضخم وتوفير السلع الأساسية، إعادة هيكلة الجهاز المصرفي، بناء دولة القانون، المشروع الوطني لمعالجة كيف يحكم السودان، وليس من يحكمه. إلخ، طبيعي لا نتوقع حل تركة 30 عاماً من الخراب في 9 شهور.

لكن حدث العكس، فقد توجه شطر توصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة، مما أدى لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الأسعار، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم على الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا، والتي جربناها لأكثر من 40 عاماً، وكانت الحصيلة الخراب والفقر، وإضافة إلى تدهور الأمن وغياب السلام المستدام، وعدم إصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي، إضافة للتطبيع مع إسرائيل والخضوع للابتزاز بدفع التعويض عن العمل الإرهابي بدفع مبلغ 335 مليون دولار عن جريمة ليس مسؤولاً عنها شعب السودان. إلخ، وعدم قيام بورصة الذهب لمكافحة التهريب رغم مرور عامين على حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني…

4

كما استمر مخطط القوى المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءاً من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019، بعدها تم التوقيع على “الوثيقة الدستورية” التي جرى فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوى “الهبوط الناعم” من قوى الحرية والتغيير، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري على السلطة، وحتى “الوثيقة الدستورية” “المعيبة” لم يتم الالتزام بها، بل تم الانقلاب عليها، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها، بجعل بنوده تعلو عليها، بهدف إجهاض وتصفية الثورة، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات، فجذوة الثورة مازالت متقدة، وجذورها عميقة.

إضافة للتهاون مع مخطط الفلول للانقلاب الكامل على الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي، كما في تخريب الاقتصاد، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان، ونسف الأمن في المدن، وتحريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جرى في طريق شندي– عطبرة، وطريق بورتسودان. إلخ، باسم كيانات وتجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا، وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري، وحل لجنة التمكين. إلخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة، وأحداث الإرهاب في جبرة والشرق، ومواكب الفلول في 16 أكتوبر واعتصام القصر الذي شارك فيه قادة اتفاق جوبا الذي كان الهدف منه نسف الأمن والانقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي، حتى وقوع الانقلاب العسكري بقيادة البرهان في 25 أكتوبر بهدف تعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي، وتم إعادة ما تم تفكيكه من تمكين وإعادة الأموال المنهوبة للفاسدين.

كما وجد مقاومة جماهيرية مازالت مستمرة، كما في التحضير لمليونية 25 أكتوبر، ومواصلة المقاومة حتى إسقاط وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وإنجاز مهام الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة.

alsirbabo@yahoo.co.uk

تاريخ الخبر: 2022-10-24 06:22:47
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

ما بين 37 و44 درجة.. موجة حر مرتقبة من اليوم الثلاثاء إلى غاية الجمعة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:46
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

الألعاب الأولمبية.. مخاوف من تهديد غير مسبوق للأمن السيبراني

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:44
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

في غياب البقالي.. جيرما يجذب أنظار عشاق ألعاب القوى بملتقى الدوحة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:52
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

افتتاحية: الملك يربح معركة للمستقبل

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:49
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

بوريطة يستقبل نظيره البحريني

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

ليبيا: 20 ألف مغربي مهددون بالسجن والترحيل

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:09:42
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية