قاتل الأطفال وحصاد عام الانقلاب 


 

خالد فضل 

  ها هو العام يمضي منذ فجر الاثنين 25 أكتوبر2021م، عندما أسفر الصباح عن كسوف شامل لشمس الأمل في البلاد ومع إطلالة وجه الجنرال عبدالفتاح السيسي ( عفوا) البرهان، والخلط ليس من عندي، فقد خلط بين عبدي الفتاح، السيد مني أركو مناوي في خطاب رسمي؛ وعندما سُئل عن هذا الخلط في الأسماء أجاب ببساطة “ما هو كلو عبيد الرحمن وبالحق نحنا سمعنا السيسي قبل أن نسمع بالبرهان”.

المهم نعى السيد البرهان الأمل في الانتقال الديمقراطي وأنهى التطلعات في التقدم خطوة ولو متعثرة تجاه صناعة دولة مدنية حديثة، فقد ظللنا ومنذ ذلك اليوم المشؤوم في حالة توهان ومغالطات ساذجة، وامتلأ الفضاء العام  بالسموم مثلما امتلأت صدور ورئات الملايين من بنات وأبناء شعبنا بسموم البمبان أنواع وأشكال وأحدث منتجات القمع (الأبلن) السام.  

 أول حصاد لعام الانقلاب الأول؛ مآتم في نحو 118 بيتاً من بيوت السودانيين، هذه هي إحصائية، ليست نهائية،  لعدد الشهداء /ات الذين/اللاتي ارتقوا/ن برصاص ودهس سيارات والغازات السامة التي أطلقتها قوات الانقلاب ضد جموع المتظاهرين السلميين في الطرقات، لم توفر تلك القوات الأطفال أو النساء، المرضى أو الأصحاء كما أنّ زخات الرصاص وغيرها من أدوات القتل المروع في الشوارع قد شملت كل أرجاء البلاد تقريبا. فالشهداء/ت هم من كل ربوع السودان يتحدرون. 

إنّ أطفالا في سن الثالثة أو الثانية عشرة من أعمارهم خرجوا ينددون بوأد فجر الأمل الذي ملأ جوانحهم الغضة الطرية. كانوا أطفالا وصبية مميزين تطلعوا لبناء وطنهم وفق ما يريدون من حرية سلام وعدالة، ولكن إنقلاب البرهان قال لا للسلام والحرية والعدالة نعم للحرب. وأول الحرب اتهام كما نتابع هذه الأيام في جنوب كردفان وعلى خلفية النزاع القبلي المستعر في منطقة لقاوة  فقد أصدر الجيش الأول بيانه عن هجوم سرية من الجيش الشعبي/ قيادة الحلو؛ الجيش الثاني على مدينة لقاوة  بـ18قذيفة استهدفت أحياء (الغرابة) و(المساليت) وحصيلتها عنصرين من (الدعم السريع)،لاحظ أسماء الأحياء المستهدفة، ونوعية الضحايا. لم يتأخر الدعم السريع الجيش الثالث، في تهديد ووعيد الجيش الثاني بأنه سيحسم ولن يتوانى. هذه هي نذر الحرب سادتي، اتهام متبادل ثم هجمات ثم قتلى وجرحى ونازحين ولاجئين وتدمير للمدمر أصلا من ممتلكات ونهب وسلب وانتقام وقيح متجدد في الجراح النازفة أصلا مثلما هو جار في النيل الأزرق من تطهير عرقي واضح لمجموعة بوساطة مجموعات أخرى وقد سمعت إفادات على وسائط إعلامية سودانية غير خاضعة للانقلابيين تتحدث عن ضلوع  بعض أفراد ما يسمى بالقوات النظامية في تلك العمليات، ولا أعلم بالضبط إلى أي جيش أو قوات مسلحة يمكن إلحاق أولئك،  فقد اختلطت علينا الجيوش صراحة من تعددها، وعوضاً عن التعددية السياسية والثقافية والعرقية والفكرية واللغوية التي تثري الحياة إن أحسن إدارتها، نعيش في عصر تعدد البنادق التي تقتل الأمل هذا هو بعض حصاد عام الانقلاب الأول. 

   الإطاحة التامة بالعدالة، فها هم قتلة الشهداء يمرحون ويسرحون بعد إطلاق سراح المشتبه فيهم، ولست متأكدا هل تم إطلاق سراح المحكومين كذلك أم ينتظرون؟. وعوضاً عن محاسبة ومحاكمة المشتبهين بقتل الأطفال والصبايا والشباب في الشوارع، ها هي العدالة الانقلابية تمنح المتهمين الحرية وتصادر في الوقت نفسه حرية وجدي صالح؛ أحد أبرز الوجوه الثورية، ثم تعتقل الأطباء في مستشفى المعلم وتجعلهم يبيتون ليلتهم في الحراسات لأن عدالة وكيل النيابة الانقلابي شاءت كذلك، ويقتل الشهيد مدثر كمال في أقبية قسم الشرطة نتيجة التعذيب هكذا جاء تقرير تشريح الجثمان والسيد البرهان من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة يحدّث العالم عن (ثورة ديسمبر المجيدة).

 العدالة الانقلابية تجري على قدم وساق؛ ومحكمتها العليا تصدر كل يوم قراراً أو قرارين بعودة كل منظمات وواجهات ومؤسسات واتحادات العهد المباد، لماذا لا يعاد للبشير في الرئاسة.  فالعدالة الانقلابية ترى في كل ما قامت به الثورة  جريمة وظلم.  أما الحرية فحدث ولا حرج، لم يسلم المعرض التشكيلي من مداهمات الملثمين واعتقال المنظمين كما حدث في حي الزهور بالخرطوم. باختصار؛ يمكن الزعم بضمير مرتاح أنّ عام الانقلاب الأول هو العام الحادي والثلاثين للإنقاذ بامتياز، المواجهة الحتمية التي تنتظر الثوار ليست مع الأراجيز التي تتسيد المشهد، ليست مع دمى مسرح العرائس التي تحركها الأصابع من خلف الستارة، أصابع الداخل والخارج. المعركة مع أصل الداء، لكنسه مرّة واحدة وإلى الأبد لشق الطريق الصحيح نحو بناء دولة الحرية السلام والعدالة. المجد والخلود للشهيدات/اء والصحة للمصابين/ات والفجر حتمي لا مناص من انبلاجه.

 

تاريخ الخبر: 2022-10-25 06:22:48
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية