المحسوبيات دخول.. الكفاءات خروج


مملكة الإنسانية وكفى
اعصر البرتقالة وتأمل
بيئة العمل من منظور الجودة والتميز

الواسطة أو المحسوبية أو الشفاعة تتمثل في طلب العون والمساعدة في إنجاز شيء يقوم به شخص ذو نفوذ لدى من بيده قرار العون والمساعدة على تحقيق المطلوب لإنسان لا يستطيع أن يحقق مطلوبه بجهوده الذاتية، والشفاعة قد وردت في القرآن الكريم بقوله تعالى «مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا» [النساء: 85].
فهنا يتحمل ذو النفوذ مسؤولية الشفاعة حين تستخدم لتحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة، أو عندما يكثر استخدامها واللجوء إليها، والإفراط باستعمالها بالركون لها دون النظر إلى الأنظمة والتعليمات والمتطلبات التي من خلالها يمكنهم إنجاز ما يرغبون في إنجازه من معاملات ومصالح، والتعدي للحصول على أمور غيرهم أحق بها.
المحسوبية تكبد الحكومات خسائر اقتصادية واجتماعية حين يفشل الموظفون غير المؤهلين في تحسين الإنتاجية في العمل بسبب ضعف كفاءتهم، ويقصى الأكفاء فيتركون العمل أو يلجؤون للاستقالة الصامتة كأثر نفسي واجتماعي عندما يحبط الموظف المفترض حصوله على المميزات والوظائف التي ذهبت للمحظوظين من أصحاب الواسطة، وذلك سيؤدي إلى خروج الكفاءات وإعاقة العمل وضعف الإنتاج، كما يحول بيئة العمل إلى بيئة مسمومة عندما يمكن الشخص غير المناسب، فيسود الإحباط والحقد والكراهية لمشاهدة الذين لم يحظوا بالمحسوبية والمحاباة من المظلومين أقرانهم ومن حولهم ممن نالوا الحظوة أو الجاه أو المكانة أو الوظيفة، وتتأثر الدول التي تكثر فيها المحسوبيات من حيث الجاذبية للمستثمر الأجنبي الذي يفيد الدولة وينفعها، عندما يكون تسيير أعماله من خلال الرشاوى والمحسوبيات.
ولذلك اعتبرت المملكة إساءة استعمال السلطة واستغلال النفوذ مخالفة للموظف العام بموجب المادة 12 الفقرة الأولى والثانية من مدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاق الوظيفة العامة، وجرم القانون السعودي اتجار الشخص بنفوذه سواء كان مزعوماً أم حقيقياً، أو في حال كان مستمداً من الناحية المادية أو الوظيفية أو من الناحية الاجتماعية، واعتبر ذلك من الجرائم الملحقة بجريمة الرشوة، وبنظام مكافحة الرشوة لمادة رقم (1) و(5) التي تنص على عقاب كل شخص موظف بدفع غرامة لا تزيد على مليون ريال سعودي أو بالسجن لمدة لا تتجاوز الـ 10 سنوات أو بالعقوبتين معاً في حال طلب لغيره أو لنفسه أو قبل أو أخذ هدية أو وعداً لأجل استخدام نفوذ حقيقي أو مزعوم لمحاولة الحصول من قبل أي جهة أو سلطة عامة على أمر أو عمل أو التزام أو قرار أو اتفاق أو ترخيص أو للحصول على خدمة أو وظيفة من أي نوع كانت.
استخدام النفوذ في تحقيق المصالح (المحسوبية أو الواسطة) بات حاجزًا يصعُب فيه التمييز بين الكفاءة والإنجاز الحقيقي وبين الإنجازات التي هي نتاج حسابات المعارف والعلاقات والتجاوز على الأنظمة، وإن كانت بنظر القانون من أوجه الفساد إلا أنها في نظر البعض المنقذ والمسلك الوحيد في تحقيق المراد، بل أضحت مصدر تفاخر يتباهى فيه صاحبه بقوة جاهه ومعارفه، فتغيب حينها المبادئ والقيم الأخلاقية، وتحكم العلاقات الإنسانية بمبادئ المصلحة وسلطة القوي التي خدمت الكثيرين في مواجهة مواقفهم الحياتية، وستشكل عاملاً مهددًا لسلامة المجتمع وتطوره ضمن ركائز الرؤية الوطنية.
إن منتقد (مسؤول) الباطل المزيف الصريح هو ضمير الأمة، وهو صوت الصالح العام الذي يحرص على مصالح الأمة بما فيها مصلحة (المسؤول) المزيف نفسه، لو أقر هذا الأخير بالحقيقة، واعترف بها عوض التمويه عليها، واعتبار المنتقد الصريح مجرد حاسد.

تاريخ الخبر: 2022-10-27 03:25:05
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية