حمزة فاوزي
تواجه النزعة المؤيدة للطرح الانفصالي للرئيس الكولومبي غوستافو بيرو تجاه ملف الصحراء المغربية معارضة داخلية بداخل أروقة مجلس الشيوخ الذي أكد أعضاءه يوم الإثنين في عريضة موقعة رفضهم إقدام الرئيس اليساري على إعادة العلاقات مع جبهة البوليسارو والتي كانت مجمدة منذ سنة 2001.
ووقع ما يزيد عن 60 سيناتورا من أصل 108 على عريضة ترفض سياسة الرئيس الجديد غوستاغفو بيرو، والذي أعاد إعتراف بلاده بجبهة البوليسارو في تغير واضح في الاستراتيجية الديبلوماسية للكولومبيا والتي إلتزمت على مدى 3 عقود على سحب الإعتراف بهذا الكيان، الأمر الذي خلق جدلا وقلقا داخليين في دواليب السياسيين الكولومبيين إذ اعتبر الموقعون على العريضة أن الاعتراف بجبهة البوليساريو كدولة يضرب ثمار علاقات امتدت لأزيد من 40 سنة مع المملكة المغربية.
ويأتي في العريضة الموقعة أيضا على أن القرار الحالي للرئيس غوستافو بيرو لم يبنى على تقييم ناجع للعواقب التي قد تسفر عنه، فضلا على أن السياسة الدولية تغيرت كما تغيرت معطيات ملف الصحراء منذ سنة 2007 والتي تشكل منعطفا حاسما في هذا الصراع، إذ أقدم المغرب على تقديم مقترح جاد وذا مصداقية وهو “الحكم الذاتي”.
التقرير ذاته أشار إلى أنه من ثوابت الديبلوماسية الكولومبية “مبدأ عدم التدخل”، إذ شدد أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي على أن صراع الصحراء شأن داخلي مغربي، وهو ما وجده الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية عبد الحق الصنايبي، ” إعترافا واضحا من قبل مجلس الشيوخ الكولومبي بمغربية الصحراء، والذي جاء في تعارض واضح مع موقف الرئيس الحالي الذي ضرب في التوجهات الاستراتيجية للديبلوماسية الكولومبية.
وأضاف الصنايبي في تصريح لجريدة ” الأيام 24″، على أن التحرك الذي عرفه مجلس الشيوخ الكولومبي الأخير دليل على عودة الانتعاشة للديبلوماسية المغربية بمنطقة أمريكا الجنوبية، والتي تعتبر نتيجة المد اليساري معقلا للأطروحات الانفصالية، إذ نجحت لحد الساعة في ضرب هاته الأطروحة وتقريب حقيقة النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء من أعين الجميع.
واستطرد الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية حديثه على أن المغرب أصبح يعتمد في سياسته الديبلوماسية الجديدة استراتيجية auftragstaktik ( صاحبها الألماني هيلموت فون مولتكه وتهدف لإشراك الفاعلين بالمجتمع في بلورة هدف الدولة الديبلوماسي بكل حرية)، إذ ساهم ذلك في تعميم المشاركة الوطنية في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهو ما نجح في تحقيقه من خلال تطبيق هاته السياسة تجاه دول أمريكا اللاتينية.
وتشكل المواقف المتذبذبة لبعض الدول من موقفها الصريح تجاه مغربية الصحراء حسب المتحدث ذاته، منطلقا أساسيا لإعادة النظر في الاستراتيجية الديبلوماسية المعتمدة حاليا، إذ يستوجب ذلك بحسبه تفكيك وتحليل المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، قبل تعميق سبل التعاون معها خاصة وأن العاهل المغربي عبر بصراحة على أن قضية الصحراء نظارة المغرب للعالم، مضيفا في الوقت ذاته على أن التوجه للمؤسسة التشريعية الكولومبية كمنطلق للضغط على الرئيس اليساري غوستافو يعد أمرا ذكيا، وسيعطي أكله في الفترات المقبلة.
