محمد مستجاب ناعيًا بهاء طاهر: «بالأمس حلمت بك» طاهر كشمس الصباح

نعى الروائي محمد محمد مستجاب، الروائي الكبير بهاء طاهر، الذي توفي مساء الخميس عن عمر ناهز 87 عامًا.

وكتب: "أنت نقطة النور التى تجذب الفجر من الظلمة، كما يجذب ثدي الأم العطوف أفواه الأطفال الجائعة، الذي ظل يتجول كعابر سبيل بين عواصم العالم، بعد أن خاصمتك القاهرة العظيمة، كما خاصمت صفية حربي، وتركته يموت بجوار أسوار الدير، كأحد الأنبياء الذين لا يتذكرهم التاريخ المزيف لوطنك القديم.

وتابع مستجاب الصغير: "أنت أحد أبناء رفاعة الانقياء، أنت البهي الطاهر الذي يعرف عمق الكلمة، وقدرة الأسطر على قتل الجهل. سرت في كل اتجاه، ودرت في كل اتجاه، وغفوت في كل المطارات، وجُلت في كل البلاد، وعشت تحت سماوات بلا سحب أو أصحاب، وقرأت عن كل الأشياء، وقابلت كل الكائنات، لتعرف أن للكلمة فعلُ، وللأسطر قدر، وأن للكلمة صوتُ خالد، منقوش في ذاكرة الإنسانية.

وواصل مستجاب نعيه: "وجهك القديم كجدك إخناتون، عنقك الطويل كأحلام منتصف النهار التى لا تتحقق، جسد النحيل الذي يتأرجح بين الشرق والغرب، ودخان سيجارتك الذي يحلو له رسم اللوحات السريالية، كلاماتك التى تنبش العقول، لمسة أناملك التى تكتشف العالم، يدك التى تكتب الرواية، وقلبك الذي يعشق القصة، وعيناك اللتين تصغيان لونس الطبيعة، واسمك الذي تعلق بين البهاء والطهر، وابتسامتك التى تجذب العالم من رحم الظلام.

لكل ذلك، عليك أن تتذكر، أنك انت..نقطة النور.. التى تجذب الفجر من الظلمة، أنت الربيع الذي يبحث عن الوردة، أنت الأنامل الشفيفة التى تزوجت الأقلام الشامخة، أنت الذي يقلق الكلمات في رقادها، أنت الروح القلقة على غد الوطن ومصيره الغامض.

روحك الناعمة.. المتعلقة بالخيبات والهزائم القديمة، روحك البائسة.. المنغلقة على ذاتها مثل معابد اجدادك الفراعنة، صمتك الدائم كرهبان حضارتك التى لم نكتشف منها إلا القليل.

آه.. من حكاياتك التى تُنسج من رموز وأساطير هذا الوطن، تتسلق بعذوبة عقولنا الجائعة، أريج كلماتك الصاخبة يستحوذ علينا، تكشف في ود، زيف العالم حولنا، وقبحه ودهائه أيضا.

تعلمنا على صفحاتك، كيف نزرع النخيل من كلمات، كيف نسقي الروح من السحب، كيف يكون الحب في المنفي، وكيف تذهب ضحي للشلال كي تقول: بالأمس حلمت بك.

كل شيء يتحول ويتغير، كل شيء يتمدد وينكمش، كل شيء غامض لدرجة الوضوح، إلا انت.. مازالت مبتسم.. طاهر كشمس الصباح النادرة والقديمة ايضا.

في واحتك الغاربة، كنقوش أجدادك على أحجار الحضارة الإنسانية، تعلمنا معني الهوية، ومعني التواصل، ومعني الحب، ومعني الوطن، تعلمنا أن كل الطرق المتشابكة التى سرت فيها، وأن كل السماوات التى نمت أسفلها، وأن كل المطارات التى تقافزت بك، هي الزاد والتجربة التى أوصلتك إلى العالمية.

تاريخ الخبر: 2022-10-28 00:20:44
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية