الشاعر صالح علي صالح لـ«التغيير»: الشعر تصدر المشهد وكان أهم أسباب نجاح ثورة ديسمبر


يؤمن الشاعر السوداني صالح علي صالح بأن الأمل أحد أهم سبل مواجهة الحياة، صالح المولود في حي المدنيين بمدينة ود مدني في ولاية الجزيرة- وسط السودان عقد قرانه على الكتب منذ طفولته، وشب وراقاً يُشار إليه في المدينة، فاعلاً في المشهد الثقافي منذ توليه سكرتارية الشعر في رابطة الجزيرة للآداب والفنون ثم المكتب الأدبي لمنتدى كنار ورئاسة نادي ود مدني الثقافي، نُصِّب شاعرٌ متجولٌ في منتدى مشافهة النص الشعري في 2018م وسافر منذ ثلاثة عقود إلى جُل المدن السودانية مشاركا في منتدياتها.

«التغيير» جلست إليه في حوارية قصيرة عن تجربته الشعرية وعن المشهد الثقافي.

وقبل الدخول للحوار نشير إلى ما رآه الناقد جابر حسين، في الشاعر صالح علي صالح حيث قال: «الأمل موجود في شعر صالح في سعيه للرزق ومحاربة الديكتاتوريات، نصوصه نابعة من وعي معرفي من خلال تجاربه العملية الواقعية في السوق مع الجزارين وبائعي الخضار، حينما كان النظام في قمة جبروته تسيدت قصيدة الشاعر “نشيد لها” المشهد ووجدت رواجاً وحفظها أبنائي مظفر وعزة ووصلتهم، شعر صالح هو شعر التغيير».

التغيير- حوار: عبد الله برير

* حي المدنيين بود مدني على بساطته أنجب مبدعين أفذاذ على شاكلة الشاعر والمسرحي محمد محيي الدين والقاص أحمد الفضل، ما سر ذلك الحي؟

المدنيين أبرز مثقفين كل واحد منهم يُمثل أمةً بحالها، لكن في اعتقادي السر لا يكمن في المنطقة بل في التكوين الجيني للمبدع.

* هل كان صالح علي صالح قلقاً في طفولته كما في قصائده اليوم؟

بالتأكيد كنت كما بقية الأطفال مولعاً بالبحث الدائم عن ماهية الأشياء، شغوفاً بتفكيك الغوامض، مخاطراً في تحدي الأشياء وأولها الأجهزة الكهربائية، تبلور الأمر بعد ذلك  بعد ذلك ليتحوّل إلى بحث في الكتب التي بدأتها بقصص المكتبة المدرسية ومجلات الأطفال ثم التحقت بالخلوة ودرست الأجرومية والنحو المتخصص.

* إلى أين اتجهت مدراسك في القراءة بعد مرحلة الصبا؟

لفتت نظري كتاب الروايات، المصريون بقيادة نجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم، واتجهت لكتاب الشعر السودانيين مصطفى سند وإدريس جماع والتجاني يوسف بشير ومدرسة الغابة والصحراء، بدأت كتابة الشعر في الصف الرابع الابتدائي.

بعض النقاد صنفوني مع جيل عاطف خيري والصادق الرضي

* إلى أي جيل ينتمي صالح علي صالح شعرياً؟

بعض النقاد أمثال محمد محيي الدين ومحمد عز الدين صنفوني مع جيل عاطف خيري والصادق الرضي على الرغم من أن بعضهم يفوقني سناً بعشر سنوات على الأقل، عموماً يقولون إنني أنتمي إلى الجيل الذي تغنى له مصطفى سيد أحمد من الشعراء الشباب.

* لماذا أولِع صالح بالكتب تحديداً وعرف كأشهر الوراقين في ود مدني؟

وجدت نفسي هكذا، مغرماً بالكتب والروايات والألغاز والأدب، بدأت بسلسلة محمد عطية الإبراشي ورويداً رويداً اتجهت لأدب شمال أفريقيا لاحقاً وروايات أحلام مستغانمي ثم الانتباه لأسلوب أدب غبريال غارسيا ماركيز في الواقعية السحرية وكتاب جائزة نوبل بالانفتاح على الأدب العالمي.

* أي المدارس الشعرية تستهويك؟

لا أحبذ مدرسة محدّدة، بمثلما أقرأ روايات لمختلف الكتاب أتعاطى الشعر، لكن لا أخفي إعجابي بمحمود درويش ومظفر النواب وبدر شاكر السياب وشعراء المهجر اللبنانيين، تعرّفت من خلال هؤلاء على رصيد شعري محترم لكن كان شغلي الشاغل عدم تكرار ما كتبوه وشق طريق مغاير مختلف.

* هل يتوقف رصيد الشاعر وتشيخ مفرداته في يوم من الأيام؟

الشاعر دائماً مشغول بالمواكبة والتحديث ومهموم بتوليد مضامين جديدة ورؤى شعرية مختلفة وتراكيب لغوية غير مكرّرة وغير مطروقة، الشاعر بالضرورة ملزم بالكتابة على عدة مستويات سواء كانت رمزية أو مباشرة.

* صالح مفتون جداً بالمبدع الراحل محمد محيي الدين، ما سر التعلّق والانتباه الشديد لهذا الرجل؟

محمد شاعر وقاص وكاتب ومخرج مسرحي وإعلامي لديه برنامج راتب في إذاعة ود مدني وناقد وراصد للمشهد الثقافي، كان يقوم بكل تلك الأشياء في ذات الآن وبنفس الجودة، أعتقد أنه كنز لم يكتشف بعد.

صالح مع الناقد جابر حسين

* كيف تبلور المشهد الثقافي في ود مدني منذ السبعينيات وحتى الآن؟

ميلاد رابطة الجزيرة للأداب والفنون في 1974م كان علامةً فارقة في العمل الثقافي غير أن الرابطة توقفت في العام 2015م، وقبلها تمت مطاردة كوادرها في بدايات الإنقاذ وحدث تضييق كبير أثر على قيام الفعاليات وكنت سكرتير شعبة الشعر بالرابطة.

* هل فكر المثقفون في إنشاء أجسام بديلة لتخفيف الضغط الأمني على الرابطة؟

أنشئ منتدى كنار للثقافة والفنون وأسندت إلي رئاسة المكتب الأدبي وكان المنتدى يملك من الكوادر من يستطيع إدارة المشهد الثقافي في السودان كله وليس في مدني فحسب غير أن الحياة جرفت المبدعين فتزوج بعضهم وسافر البعض الآخر إلى الخرطوم وغرق أغلبهم في السلالم الوظيفية حتى توقف كنار في 2005م.

* ماذا عن تجربة نادي ود مدني الثقافي؟

هذا الجسم الثقافي احتوى مبدعين شباب وكنت رئيساً للمنتدى الذي بدأ بدايات جيدة وأقام العديد من الفعاليات حتى قيام ثورة ديسمبر المجيدة حيث تحوّلت الندوات إلى فعل حقيقي في الشارع وحراك ثوري وواجهتنا بعد ذلك مشاكل اقتصادية مع غياب دعم الدولة مما صعّب قيام النشاط إلى أن توقف تماماً.

* كيف يكون تأثير الظرف الاقتصادي على الحركة الشعرية؟

تأثيره كبير، سابقاً لم أترك مدينة سودانية إلا وزرتها مدعواً إليها للمشاركة رفقة الشعراء الآخرين، وفي الظرف الحالي صعب قيام الفعاليات التي أصبحت تقام على فترات متباعدة ورغم ذلك نلبي نداء الشعر في أي مكان وزمان ما استطعنا.

هناك مبدعون ظهروا بعد زوال حالة الاكتئاب السياسي غير أن البعض الأكبر لا يزال مختفياً

* ما أثر الشعر في ثورة ديسمبر؟

أعتقد أن الشعر كان من أهم أسباب نجاح ثورة ديسمبر بالأغاني والشعارات والهتافات على بساطتها، الشعر تصدّر المشهد الثوري تماماً وظهر مبدعون منسيون أوقفوا الكتابة سابقاً وظهروا بعد زوال حالة الاكتئاب السياسي غير أن البعض الأكبر لا يزال مختفياً.

* كيف نفسر سر الأمل والواقعية في شعر صالح علي صالح؟

في بداياتي آمن بي الناقد الكبير والأب الروحي جابر حسين، لا أعرف ما الذي رأه في أشعاري ربما الأمل نفسه، بدون الأمل يموت الإنسان في السودان وهو سر الحياة لمواجهة صعوباتها، من السهل توظيف الرومانسية في الواقع، لا يمكن أن يكون الشاعر محبطاً لينتحر في النهاية مثلما فعل الراحل عبد الرحيم أبو ذكرى.

هنالك فراغ في الساحة الغنائية بسبب تسيّد الغناء الهابط للمشهد

* أين أشعارك من الغناء؟

السؤال موجه للفنانين أيضاً أين هم من قصائدي وقصائد غيري، هنالك فراغ في الساحة الغنائية بسبب تسيّد الغناء الهابط للمشهد، لكن النوع الأخير لا يحدث تهذيباً ولا يقاوم ولا يساهم في التغيير، أنا على استعداد لمنح قصائدي مجاناً للفنانين.

* محطة الزواج في قطار الشاعر، ما لها وما عليها؟

الزواج له تأثر كبير على حركة الشاعر وشخصيته وتعاطيه مع الحياة، استند إلى زوجة محبة كثيراً ما أغيب عنها وأتمرّد وهي لا تحب الوحدة، أرهقها بالسفر المتواصل وأجد منها المحبة.

تاريخ الخبر: 2022-10-29 03:23:40
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية