بعد أكثر من عام على الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، ومرحلة طبعها التوتر والخلافات السياسية وحتى العنف، بدأت حكومة محمد شياع السوداني، التي تسلمت، أمس الجمعة، رسمياً مهامها، عهدها الجديد.
إلا أن تحديات جمة تنتظرها، وقد لا تبشّر بنهاية قريبة لأزمات البلاد، كما أكد العديد من المحللين.
فقد أوضح الأستاذ في جامعة بغداد إحسان الشمري، أن أزمة العراق لا ترتبط فقط بالحكومات المتعاقبة بل "في خلل ببنية النظام وكيفية تعاطي الطبقة السياسية مع التحولات في المجتمع ومع الديمقراطية".
"عقلية الأحزاب"
فيما رأى المحلل السياسي علي البيدر، أن المشكلة تكمن في أن هذه الحكومة "جاءت بنفس أساليب الحكومات السابقة ونفس الكتل السياسية والأحزاب والتيارات باستثناء التيار الصدري"، التي حكمت المشهد السياسي منذ إسقاط نظام صدام حسين بعد العام 2003.
وقال: "القضية تتعلق بعقلية الأحزاب التي أصبحت ترى في موارد الدولة وإمكانياتها جزءاً من ميراث يفترض أن يوزع فيما بينها"، بحسب ما نقلت فرانس برس.
انتخابات جديدة؟
أما عن احتمال إجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال عام، كما تعهدت حكومة السوداني في برنامجها، وهو المطلب الرئيسي الذي طالب به زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال الأشهر الماضية.
فقال الشمري إن "تلك الخطوة قد تسهم في إعطاء ضمانات للصدريين واستقرار المشهد نسبياً"، مرجحاً أن يتجه السوداني نحو "استراتيجية احتواء للتيار الصدري".
في المقابل، رأت لهيب هيجل من مجموعة الأزمات الدولية أن "الأحزاب الداعمة للحكومة الحالية غير مهتمة بإجراء انتخابات مبكرة"، معتبرةً أن "مهلة عام لإجرائها ليست واقعية". وأضافت أن "تسريع تلك العملية يعتمد على رؤية الحكومة لكيفية إدارة علاقتها مع الصدر".
رد متطرف
إلا أن الشمري أكد أنه "إذا ما شعرت الكتلة الصدرية كجمهور أو كمسار سياسي أنها قد تُعزل بشكل كامل وأن هناك خطة لتقويض مستقبلها السياسي، فقد تتجه إلى ردة فعل متطرفة".
وفي ما يتعلق بالعلاقات الخارجية والملفات الاجتماعية أيضا، رأت هيجل أن السوداني "سيجعل من القضايا الداخلية مثل البطالة ونقص المياه والكهرباء أولويته بدل التركيز على السياسة الخارجية".
إلا أنها رجحت في الوقت عينه أن "يسعى رئيس الحكومة إلى تحقيق توازن بين الغرب وإيران"، لا سيما أن "البلاد بحاجة إلى استثمارات أجنبية في قطاعات متنوعة بعد أن أنهكتها سنوات من الأزمات والحروب".
محاصصة المناصب
وكان برنامج الحكومة المعلن شدد على أن من ضمن أولوياته "العمل بشكل عاجل على تحسين وتطوير الخدمات التي تمس حياة المواطنين ودعم الفئات الفقيرة ومعالجة البطالة وإصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية، ومكافحة الفساد.
يذكر أن المناصب في الحكومة الجديدة كانت توزعت بين كافة المكونات والطوائف في البلاد، على الشكل التالي: 12 وزيراً من الطائفة الشيعية، 6 وزراء من الطائفة السنية، ووزيران كرديان، ووزيرة واحدة للأقليات، فيما ما زالت وزارتان من حصة المكوّن الكردي قيد التفاوض، وهما وزارة البيئة ووزارة الإسكان والإعمار.
فيما يعتبر غالبية الوزراء الشيعة مقربين من أحزاب في الإطار التنسيقي، المكوّن خصوصاً من كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومن كتلة الفتح الممثلة لفصائل شيعية موالية لإيران.
وقد شكلت ومنحت الثقة يوم الخميس الماضي بأغلبية أصوات النواب في البرلمان، في وقت لا يزال خطر التوتر في الشارع جاثماً، لاسيما أن الصدر لطالما كان قادراً على تعبئة الشارع لتحقيق أهدافه السياسية على غرار ما حصل خلال الصيف.