عشية الاحتفال بالذكرى الـ 99 لتأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر/تشرين الأول، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة عن خارطة الطريق التي سيتبعها حزب العدالة والتنمية الحاكم، والتي بدورها ستحدد ملامح تركيا خلال الأعوام المئة المقبلة.

وخلال فاعلية نظمها الحزب في العاصمة أنقرة وحملت عنوان رؤية "قرن تركيا"، قال أردوغان: "نحن نستعد لدخول العام الأخير من القرن الأول لجمهوريتنا. نأمل، مع فخر الذكرى التاسعة والتسعين لجمهوريتنا، أن نحفر القرن التركي في ذاكرتنا الوطنية. دخلنا القرن الأول من جمهوريتنا بعد هجوم أراد إنهاء 900 عام من وجودنا في أراضي الأناضول".

وتابع قائلاً: "نترك قرننا الأول بكل ما فيه من مصاعب وإنجازات، نود أن نحيي رواد التحدي الملحمي في النضال الوطني. أحيي برحمة وامتنان جميع أبطالنا، وبخاصة مصطفى كمال أتاتورك، القائد العام لحرب استقلالنا ومؤسس جمهوريتنا، الذي وهبنا هذا الوطن الذي نتنفس فيه بحرية".

أهداف رؤية "قرن تركيا"

في الكلمة المطولة التي كشف فيها عن رؤية "قرن تركيا"، قال أردوغان: "في العشرين عاماً الماضية، نفذنا آثاراً وخدمات تاريخية في كل المجالات من التعليم إلى الصحة ومن العدالة إلى الأمن، ومن النقل إلى الطاقة ومن الصناعة إلى الزراعة، ولكن توجد أيضاً أمور لم نتمكن من تحقيقها رغم الجهود التي بذلناها".

فيما شملت العناوين الرئيسية لرؤية القرن القادم مفاهيم الاستدامة والسلام والنجاح والاستقرار والقوة والرقمية والاتصالات والعلوم والتنمية والقيم والعدالة والاستقلالية، وحددت من خلالها الأهداف والبرامج والمبادئ وخريطة الطريق التي ستواصل بها تركيا المسير في قرنها الجديد بدخولها المئوية الجديدة لتأسيس الجمهورية عام 2023.

دستور جديد

يعد الدستور الجديد، من أبرز الأهداف الرئيسية التي شملتها خارطة الطريق التي رسمها حزب العدالة والتنمية لتركيا خلال القرن القادم، إذ أكد أردوغان أن من الأهداف الأولى لرؤية "قرن تركيا" إكساب البلاد دستوراً جديداً يكون نتاج الإرادة الوطنية، موضحاً أن حزبه سيقترح قريباً دستوراً جديداً على البرلمان جزءاً من رؤيته المستقبلية، بدلاً من الدستور الذي وُضع بعد انقلاب 1980.

ولفت أردوغان إلى أن الدستور الجديد سيعزز أيضاً سيادة القانون والتعددية والعدالة، كما سيضمن حريات كل مواطن ويوفر للشباب النظر بأمل إلى المستقبل. مشيراً إلى أن البداية ستكون بعرض تعديل دستوري خاص بالحجاب على البرلمان خلال أيام.

كما أكد على أن "قرن تركيا" هو قرن استبدال سياسة الوحدة بسياسة الهوية، والاستقطاب بالتكامل والإنكار بالاحتضان والهيمنة بالحرية والكره بالمحبة.

مركز طاقة عالمي

أعلن أردوغان أن تركيا ستوزع الغاز الطبيعي القادم من روسيا إلى أوروبا عبر أراضيها بواسطة مشروع "السيل التركي"، مؤكداً أن هذه الخطوة لم تحدث فجأة، بل حدثت بالفعل نتاجاً للعملية الدبلوماسية التي تقودها تركيا للتوصل إلى حل سلمي فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية.

وتطرق أيضاً إلى اكتشاف 540 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي في البحر الأسود سابقاً، مضيفاً: "إن شاء الله سنشارك شعبنا قريباً بشرى أنباء سارة جديدة في الطاقة".

وذكر الرئيس التركي بأن حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة زادت إجمالي طاقة البلاد المركبة من 31 ألف و846 ميغاوات إلى 101 ألف و518 ميغاوات، وذلك من خلال رفع حجم الاستثمارات في إنتاج الطاقة المحلية والمتجددة من أجل تقليل اعتماد تركيا تدريجياً على المصادر الأجنبية.

منارة للاستثمار والتصدير

وبالحديث عن النمو والاقتصاد، أكد أردوغان هدفهم بتحويل تركيا إلى أهم وأكبر الدول الصناعية والتجارية في العالم، قائلاً: "في المرحلة القادمة سنبحث أحدث استراتيجيات الإنتاج وأكثرها فاعلية وسننفذها على أرض الواقع". وأكد أن تركيا ستكون مركزاً عالميا في الصناعة والتجارة، وأنه لا هدف لا تستطيع الوصول إليه إذا رسخت الاستقرار، مضيفاً: "سنستمر في تقديم الأعمال والخدمات لبلدنا ليس لإنقاذ اليوم فقط بل أيضاً لبناء المستقبل".

وتابع قائلاً: "سنتغلب على التضخم وسنحول بلادنا إلى منارة للاستثمار والتصدير". وأضاف: "سنرفع مستوى دخل الفرد وستكون العدالة ضمانة لمستقبل شعبنا".

ولفت إلى أن "حجم صادرات بلادنا بلغ سابقاً 36 مليار دولار والآن أصبح أكثر من 250 مليار دولار ونُصدّر إلى أكثر من مئتي دولة"، وقال إنهم يعكفون على تحقيق حجم تجارة خارجية قدرها تريليون دولار، ودخل سياحي يصل إلى 100 مليار دولار، مؤكداً أن "قرن تركيا هو قرن إنتاج" مع زيادة في القدرة التنافسية في كافة المجالات.

وأشار أيضاً إلى مضيهم قدماً في تأسيس وتطوير مرافق البنية التحتية من أجل تحويل تركيا إلى مركز إنتاج وتوريد عالمي تجلت ضرورته خلال جائحة كورونا. وفي سياق متصل، كشف أردوغان أن حكومته ستبدأ قريباً العمل بمشروع قناة إسطنبول، وأنها بذلك ستنقذ مضيق البوسفور من التهديدات البيئية.

بين الـ10 الأولى عالمياً

وإلى جانب الاقتصاد، تعمل تركيا على رفع مكانتها في كل المجالات الأخرى، من خلال تلبية تطلعات الشباب التركي في جميع المجالات من التكنولوجيا إلى الفن، ومن الرياضة إلى البيئة.

وفي هذا الصدد قال الرئيس التركي: "سنرتقي بمئوية تركيا من خلال جعل بلادنا واحدة من أكبر عشر دول في العالم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والدبلوماسية".

ولفت إلى أن "قرن تركيا" اسم بداية جديدة للجمع بين الأعمال الحقيقية بقبول صادق، ووضع القيم الإنسانية قبل التعصب الأيديولوجي، وتفضيل الحق على التعصب، وإظهار الحقيقة للذين يديرون ظهورهم لها.

وتأكيداً على الاهتمام بالتعليم ومواكبة روح العصر الرقمي، قال أردوغان: "سنعمل على دخول 10 جامعات تركية على الأقل في الترتيب العالمي لأول 500 جامعة في العالم".

TRT عربي