كشفت وكالة "أسوشيتد برس" في تحقيق نشرته نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022 عن تورط مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في دمشق أكجيمال ماغتيموفا في قضايا فساد مع شخصيات من النظام السوري وموظفين كبار.

ووفق الرسائل والوثائق التي قالت الوكالة إنها حصلت عليها، فإن ماغتيموفا التي غادرت منصبها نظريا منذ شهر مايو/أيار وهي الآن في عطلة، أساءت استخدام المساعدات المالية التي كانت تقدمها الدول الغربية ومانحون آخرون للمنظمة لدعم الشعب السوري والنازحين الذين تأثروا من الحرب ومن جائحة كوفيد-19 على حد سواء.

وأضاف التقرير أن ماغتيموفا قامت أيضا بتوزيع هدايا ثمينة لمسؤولين وموظفين سوريين كبار شملت أجهزة كومبيوتر وسيارات فارهة وقطع نقدية من الذهب.

ضغوطات من أجل ابرام عقود مع مسؤولين سوريين كبار

لم تتوقف الاتهامات عند هذا الحد، بل أضافت الوكالة أن موظفين سوريين يعملون في مكتب منظمة الصحة العالمية بدمشق أخبروا محققين تابعين لهذه المنظمة بأن رئيستهم السابقة كانت تمارس عليهم ضغوطات وتحثهم على إبرام صفقات وعقود مع مسؤولين وموظفين سوريين في الحكومة.

فيما اتهموها أيضا بعدم استيعاب مدى خطورة جائحة فيروس كورونا داخل سوريا وفي أوساط النازحين، معرضة بذلك الكثير منهم للخطر بسبب عدم احترامها للإرشادات الطبية والوقائية التي كانت تنشرها المنظمة بشكل منتظم وطيلة سنتين تقريبا.

وأشارت رسائل أخرى جمعتها وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن ماغتيموفا تكون قد "قدمت خدمات" لسياسيين كبار في سوريا، واجتمعت بشكل سري مع شخصيات في الجيش الروسي، مما قد يشكل انتهاكا محتملا لحياد منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

ميزانية مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا قدرت بـ 115 مليون دولار

رغم هذه الاتهامات، إلا أن أكجيمال ماغتيموفا رفضت أن تفسر موقفها للصحافة مكتفية بالقول إنها "لا تستطيع أن تتقاسم المعلومات بسبب الالتزامات التي يفرضها منصبها". بالمقابل، وصفت الاتهامات الموجهة لها بأنها "تمس بكرامتها". من ناحيتها، قررت إدارة منظمة الصحة العالمية تأسيس لجنة لتقصي الحقائق في هذه القضية تضم عشرين شخصا.

وفي بيان، قالت منظمة الصحة العالمية: "التحقيق معقد وطويل وتواجهنا صعوبات جمة للوصول إلى مصادر الخبر والحديث مع موظفين في المكتب"، مضيفة أنه "بسبب صعوبة الوضع الأمني ووجوب احترام مبدأ السرية، لا يمكن الادلاء بمعلومات أكثر" حول هذه القضية.

ووفق وكالة "أسوشيتد برس" فميزانية مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا بلغت العام الماضي 115 مليون دولار، هدفها تقديم الدعم الإنساني والطبي للسوريين الذين يعانون من الفقر والحرمان بسبب مخلفات الحرب والنزاعات المسلحة التي تشهدها البلاد منذ 2011. إلى ذلك، كتب بعض موظفي مكتب المنظمة العالمية رفضوا الكشف عن هويتهم أن "تصرفات مديرتهم السابقة حالت دون تقديم المنظمة لخدمات إنسانية وطبية جيدة".

تعيين ممثل موقت في مكتب المنظمة العالمية بسوريا

وصرح أحمد سليم المنظاري، مسؤول منطقة شرق بحر الأبيض المتوسط لدى منظمة الصحة العالمية، أن "الاتهامات التي تطال المديرة السابقة لمكتب المنظمة في سوريا ستترك أثارا سلبية في حياة السوريين الذين نسعى إلى مساعدتهم".

وأضاف أن المنظمة أرسلت موظفين في قسم "الأخلاقيات" إلى مصر حيث يتواجد مركزها الإقليمي لشرح وتفسير المبادئ والأخلاقيات التي ترتكز عليها منظمة الصحة العالمية في عملها الميداني.

وتابع: "لقد اتخذنا تدابير جديدة لمنع تكرار مثل هذه الأخطاء"، مشيرا أن "التحقيقات الداخلية ما زالت مستمرة". وأعلن المنظاري "تعيين ممثل جديد وبشكل موقت لمنظمة الصحة العالمية في سوريا خلفا للمديرة السابقة وإخبار المانحين الدوليين والخواص بهذه المشكلة".

من جانبه، قال كريم شار المتخصص في الشؤون السورية بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن في تصريح للصحافة الأمريكية: "رغم كثرة الادعاءات التي تشير إلى وجود حالات فساد كثيرة في مكتب منظمة الصحة العالمية بسوريا، إلا أن التحقيق الذي نشرته وكالة أسوشيتد برس يظهر أن هذه الآفة متجذرة بشكل أقوى وأكثر مما كنا نتصور".

فرانس24/ طاهر هاني