أخنوش يتواصل وينفي أي نية لرفع الدعم عن الغاز.. اليقظة السياسية للحكومة في مواجهة مثيري التوترات الاجتماعية


الدار/ افتتاحية

26 مليار درهم هو حجم الغلاف المالي الذي ستخصصه حكومة عزيز أخنوش برسم سنة 2023 لدعم غاز البوتان وعدد من المواد الاستهلاكية الأساسية، لحماية القدرة الشرائية للمواطنين. هذا الرقم أكبر دليل على أن ما يروج من شائعات حول الرفع من أسعار قنينة غاز البوتان والتخلي عن دعمها ليس سوى محاولة لعرقلة سير العمل الاجتماعي لهذه الحكومة التي آلت على نفسها منذ تنصيبها أن ترسخ أسس الدولة الاجتماعية من خلال برامج وأوراش تعميم الحماية الاجتماعية وإصلاح المنظومة التعليمية وتشجيع مخططات التشغيل. هذا هو التوجه الرسمي لهذه الحكومة الذي أعلنته منذ تحمّلها المسؤولية السياسية، وبالتالي فإن كل ما يروج على الهامش لا يمكن أن يغيّر من هذا الخط الإصلاحي الصريح.

ومن هنا فإن النقاش الذي فتحه فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية على هامش اجتماع المجلس الحكومي قبل الأخير يجب أن يوضع في سياقه الحقيقي، فهو عندما تحدّث عن الدعم الذي تخصصه الحكومة لقنينة غاز البوتان والذي يصل تقريبا إلى 100 درهم عن كل قنينة، فإن حديثه لم يكن بمثابة إعلان عن التخلي عن سياسة الدعم. هذا قرار لم تتخذه الحكومة ولم تفكر فيه بهذا المنطق الجذري، ولا يمكن لعاقل أن يُقدم على ذلك خصوصا في الظرفية الاقتصادية الحالية التي تمرّ منها بلادنا والعالم، والمتميزة بحالة من التضخم غير المسبوقة. لقد كان ما ورد على لسان فوزي لقجع إجابة عن تساؤلات بعض الصحافيين وتوضيحا لحقيقة مالية واقتصادية لا يمكن إنكارها، وهي أن هذا الحجم الكبير من الدعم لا يستفيد منه بالضرورة المواطن البسيط الذي يقتني قنينة أو قنينتين في الشهر، بقدر ما يصبّ في مصلحة بعض القطاعات المهنية التي تعتمد على هذا النوع من الغاز.

ولذلك فقد فعل عزيز أخنوش خيرا عندما قرر الخروج بنفسه إعلاميا من أجل تكذيب كل ما حاول البعض ترويجه ونسبه للحكومة على اعتبار أنها ستقدم في سنة 2023 على رفع الدعم نهائيا عن هذه المادة وتسويقها بالتالي بسعرها الحقيقي. ولعلّ تكلّف رئيس الحكومة بنفسه بالرد على هذه الإشاعات نابع من إحساس شخصي بأهمية هذا الموضوع لدى عموم المواطنين وباعتبار أنه ملف يمسّ رئيس الحكومة أيضا بشكل مباشر بالنظر إلى أنه حريص منذ تنصيبه على زرع أجواء من الطمأنينة والسكينة في نفوس المواطنين وعيا منه بحساسية المرحلة الحالية التي يعيشها المغرب والعالم. خروج عزيز أخنوش بنفسه لنفي أي توجه نحو الزيادة في أسعار غاز البوتان مبادرة تواصلية مهمة كان من الضروري القيام بها بعد أن تناقلت الألسن و”صحافة” شبكات التواصل الاجتماعي كلام المسؤول الحكومي وحوّرته وزادت فيه ما تريد وحاولت من خلاله إذكاء توتر اجتماعي نحن في غنى عنه في بلادنا.

ومن اليقظة السياسية الضرورية لهذه الحكومة أن تنتبه جيدا إلى هذه الجهات التي تحاول باستمرار أن تركب على بعض التصريحات أو النقاشات التي يفتحها المسؤولون من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضيقة ولو على حساب الاستقرار النفسي والاجتماعي لبلادنا ومواطنينا. لقد كان جلالة الملك محمد السادس واعيا أيضا بهذا النوع المقيت من التوظيف السياسي عندما نبّه في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان في أكتوبر المنصرم من الاستغلال الذي يمكن يمارسه البعض لأزمة ندرة المياه من أجل المزايدات السياسية أو إثارة التوترات الاجتماعية.

حكومة عزيز أخنوش لديها تصور واضح عن التزاماتها وواجباتها تجاه المواطنين واحتياجاتهم الأساسية، وهي بصدد تنزيل كل الأوراش والبرامج التي وعدت بها، وقد تقدّمت كثيرا في ملفات مهمة على رأسها ملف تعميم الحماية الاجتماعية، وبالتالي فهي ليست بهذا الغباء حتى تفتح على نفسها وعلى بلادنا بابا لأزمة أخرى، وحتى إن كان لديها تصور واضح حول سياسة الدعم وضرورة إصلاح ما تبقى من بنود في صندوق المقاصة، فإن هذه الحكومة تدرك جيدا أن ذلك لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها ودون توفير الشروط التقنية والمالية اللازمة لذلك. ولعلّ حرص رئيس الحكومة عزيز أخنوش في كل المناسبات على التذكير بأهمية صياغة السجل الاجتماعي من أجل إقرار سياسة للدعم المالي المباشر أكبر دليل على أن إقدام هذه الحكومة على خطوات جوهرية كمراجعة سياسة الدعم لا يمكن أن يتم على حساب القدرة الشرائية للمواطنين.

تاريخ الخبر: 2022-11-04 18:25:41
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية